بعد أشهر من محاكمة مثيرة للجدل، وحكم بالإعدام صدر بحراسة القوات الأميركية، تستعد السلطات العراقية للف حبل المشنقة حول رقبة الرئيس المخلوع صدام حسين، خلال مدة أقصاها 30 يوماً، بعدما ثبّتت دائرة التمييز في المحكمة الجنائية العليا العراقية الحكم المذكور. فهل يعطي العراق، الذي شهد في القرن الماضي قتل عدد من حكامه، نموذجاً لأول إعدام لرئيس عربي، أم إن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت، مستجدة كانت أو مخططاً لها مسبقاً، من شأنها أن تحول دون تنفيذ سابقتين: الأولى في النظام العربي الذي «يتميز» بالحكم فوق المحاسبة حتى في حال الخطأ بحق الشعوب، والثانية في القانون الدولي الذي من المفترض أن يمنع العبث بسيادة الدول وإصدار الأحكام تحت وطأة الاحتلال؟ فقد أكد رئيس المحكمة الجنائية العراقية العليا، عارف شاهين، في مؤتمر صحافي، أن «دائرة التمييز صادقت على أحكام الإعدام بحق صدام وبرزان ابراهيم التكريتي (الأخ غير الشقيق له) وعواد احمد البندر» الذي ترأس محكمة الثورة خلال أحداث الدجيل التي قتل فيها 148 عراقياً في الثمانينيّات من القرن الماضي. وقال إن هذه الأحكام باتت «واجبة النفاذ خلال ثلاثين يوماً»، موضحاً أن التنفيذ هو من اختصاص السلطة التنفيذية.
وأعلن شاهين أن دائرة التمييز رفضت المصادقة على عقوبة السجن مدى الحياة بحق نائب الرئيس العراقي السابق طه ياسين رمضان، وطلبت من المحكمة الجنائية العليا تشديده، أي إصدار حكم الإعدام بحقه.
وأفادت مصادر قضائية عراقية أنه، وفق قانون الإجراءات الجنائية، فإن حكم الإعدام ينبغي أن ينفذ بعد مصادقة رئيس الجمهورية.
وقالت هذه المصادر إن الرئيس العراقي جلال الطالباني، الذي أكد من قبل رفضه من حيث المبدأ عقوبة الإعدام كونها «مخالفة لحقوق الإنسان»، يحق له إحالة أمر المصادقة على هذا الحكم الى أحد نائبيه، وإنه سيفعل ذلك على الأرجح.
وأشار المتحدث باسم المحكمة الجنائية العراقية العليا، رائد جوحي، الى أنه «بموجب المادة 37 من الدستور لا يجوز العفو عن المدانين في الجرائم الدولية او تخفيف الأحكام الصادرة ضدهم»، مشيراً الى أن هذه الفقرة تنطبق على الرئيس العراقي السابق وأعوانه لأنهم متهمون بجرائم ضد الإنسانية. وأضاف إن «المادة 27 من قانون المحكمة الجنائية العليا لا تعطي لأي جهة بما فيها رئيس الجمهورية حق الإعفاء من العقوبة أو تخفيفها في حالة الجرائم الدولية».
وإثر التصديق على حكم الإعدام، قال رئيس هيئة الدفاع عن صدام المحامي خليل الدليمي إن هذا التصديق «كان متوقعاً منذ اللحظة الأولى»، معتبراً أنه نابع من قرار سياسي مئة في المئة.
ورأى المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ستانزل أمس أن قرار محكمة التمييز العراقية تأييد الحكم بإعدام صدام يمثّل حدثاً تاريخياً»، مشيراً الى أن «هذا اليوم (أمس) هو علامة مهمة على طريق جهود الشعب العراقي لاستبدال حكم القانون بحكم طاغية».
وجددت لندن معارضتها لمبدأ عقوبة الإعدام، إلا أنها أشارت الى أن الأمر «من صميم اختصاص القضاء العراقي المستقل ويعود الى السلطات العراقية».
ودعت نيودلهي الى «الرأفة» مع الرئيس العراقي السابق، معربة عن أملها في «ألّا يطبق حكم الإعدام».
(أ ف ب، رويترز، أ ب)