strong>الحريـري لا يتبنّى مواقـف حليفـه وصفير يسـأل عن سـبب عدم تقديـم هذه المعلومـات إلى لجنـة التحقيـق الدوليـة
أدّى تصعيد النائب وليد جنبلاط غرضه بتعطيل المبادرات السياسية الجديدة. وكانت النتيجة الاولى تجميد الرئيس نبيه بري مبادرته التي كان ينوي طرحها مع بداية السنة الجديدة لمعالجة الأزمة السياسية، والتي من بنودها تأليف حكومة من عشرة وزراء: ثلاثة منهم للأكثرية وثلاثة آخرون من المعارضة، وأربعة من الحياديين، تتولى معالجة مواضيع المحكمة الدولية والانتخابات النيابية والرئاسية المبكرة. أما النتيجة الثانية فهي المتصلة بمصير النقاش الداخلي حول المحكمة الدولية.
ومع أن أوساط النائب سعد الحريري رفضت تبنّي ما قاله جنبلاط عن علاقة حزب الله بالاغتيالات التي وقعت في البلاد، فإنها أبدت خشيتها من انعكاس هذا الكلام على مصير النقاش الداخلي، ما دفع بمتابعين الى الحديث عن أن موقف جنبلاط يعود الى تطمينات أميركية وفرنسية بأن المحكمة سوف تقر في مجلس الأمن الدولي دون الحاجة الى موافقة الأطراف المحلية. لكن اتهام جنبلاط حزب الله بالتورط في هذه الجرائم يفتح الباب أمام سؤال قديم ــــــ جديد عما إذا كان الهدف من المحكمة الدولية هو تصفية حسابات سياسية داخلية وإقليمية.
ومع ان حزب الله ناقش مع حركة “أمل” إمكان إعداد موقف مشترك من الحوارات الداخلية في ضوء موقف جنبلاط الأخير، فإن زوّار بري نقلوا عنه استياءه من مواقف جنبلاط، واتهامه بعرقلة المبادرة قبل أن تنطلق لإبقاء الأزمة قائمة. وأكد أنه جمّد هذه المبادرة التي أراد جنبلاط إحباطها الى حين توافر الظروف الملائمة التي توفر إمكانات نجاحها إذا طُرحت.
وعلمت “الأخبار” أن بري كان يحيط المبادرة بسرية تامة ولم يكن يريد البحث فيها مع الأطراف الداخليين قبل ضمان مقوّمات نجاحها، وقد تشاور فيها مع أطراف عربية ومنها الجانب السعودي مما حدا بالسفير السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة الى قطع إجازته في مناسبة الأعياد والعودة على عجل الى بيروت. وقد تبيّن أن من أفشى هذه المبادرة هو السفير الفرنسي برنار إيمييه الذي أطلع رئيس كتلة “المستقبل” النائب سعد الحريري على تفاصيلها، فما كان من الأخير إلا ان أطلع النائب جنبلاط عليها.
وكان بري قد رد أمس على جنبلاط فأكد أمام زواره أنه “في صدد التحرك لمبادرة جديدة”، لكنه قال مستدركاً: “ما إن بدأت الاتصالات والتحرك في هذا الخصوص حتى خرج كلام يحول الأجواء الى أجواء عدائية لها تأثيرات خطيرة وينقل الاجواء الى درجة جديدة في التصعيد”. وأضاف: “لا يزايدنّ أحد على احد بدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري”. وتساءل: “هل المحكمة الدولية رُميت في الشارع لأجل الوصول الى القضاء العادل أم الى القضاء على الخصوم”. وإذ لفت بري الى العريضة حول المحكمة الدولية التي قدمها نواب الأكثرية الى الأمين العام للمجلس النيابي ورفض تسلمها لعدم قانونيتها ودستوريتها قال: “كأن الهدف من ذلك إظهار ان الرئيس بري هو ضد المحكمة الدولية، وبالتالي إظهار الشيعة كأنهم ضد المحكمة، وهو أمر خطير وخطير جداً هدفه الأول والأخير إشعال الفتنة بين المسلمين”. ودافع عن المقاومة مشيراً الى أن تجاهل مطلب المعارضة بالمشاركة هو الذي أدى الى الاعتصام في ساحتي بيروت.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيس بري سيعلن مبادرته في موعد أقصاه نهاية الاسبوع المقبل، وأنه يواصل اتصالاته على أكثر من جبهة محلية وإقليمية ودولية، بعدما كلف فريقاً محدوداً من معاونيه الإسراع في هذه الاستشارات، التي شدد على أهميتها وأنه ملزم بإجرائها تطويقاً لردات فعل كان يتوقعها قبل أيام، وقبل بروز بعض المواقف التي وضعها في خانة “إطلاق النار المبكر” عليها، ومنها إطلالة النائب وليد جنبلاط أول من امس.
وقالت اوساط اطلعت على المبادرة وخلفياتها إنها ستشكل ميزاناً للقبول الدولي بإمكان وضع البلاد على مسار الحل، وعلى أساسها سيتبيّن إمكان عودة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى بيروت أو عدمها. الى ذلك قال البطريرك الماروني نصر الله صفير أمام زواره تعليقاً على كلام جنبلاط: “إذا كان كلامه والاتهامات التي وجهها صحيحة فهي خطيرة، وإذا كانت غير صحيحة فهي أخطر بكثير”. وأضاف متسائلاً: “لماذا هذه المعطيات غير موجودة لدى لجنة التحقيق الدولية ورئيسها سيرج براميرتس”.
ومن جهته واصل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني دفاعه عن الحكومة، وضمّن خطبة العيد التي يلقيها اليوم وسط بيروت كلاماً مفاده: “لن تسقط في الشارع حكومةٌ دافعت عن أمن لبنان، وكرامة وحرية وحقوق شعب في وجه الغطرسة الإسرائيلية ولن يسقط رئيس حكومة ناضل بشجاعة وإيمان قلَّ نظيرهما في مواجهة قوى دولية، من أجل عزّة لبنان واستقلال لبنان وسيادة لبنان في الشارع”.