«سنتظاهر في الشوارع حتى اسقاط السلطة التي هددتنا في الحرب وراهنت على سقوطنا امام العدو»
حسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله القرار في موضوع تأليف حكومة وطنية بإمهال الأكثرية أسبوعاً ابتداءً من الاثنين المقبل، للاتفاق مع المعارضة عليها، على الطاولة التشاورية. وحدد “ما بعد ما بعد” الاثنين المقبل الساعة الصفر للانطلاق بتحركات شعبية ديموقراطية سلمية للوصول الى هذه الحكومة، معتبراً أن الأكثرية تحكم بغير إرادة أكثرية الشعب اللبناني. وقال إن بمقدور قوى المعارضة أن تفتح تحركاً أمام البرلمان والسرايا الحكومية وكل مؤسسات الدولة ولا توقفه إلا بعد إسقاط الحكومة. وفي هذه الحالة سوف يكون المطلب هو إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وقد توّج نصر الله بهذا الموقف نهاراً طويلاً من السجالات الصاخبة، توالت خلاله فصول العاصفة السياسية التي أثارتها ملاحظات رئيس الجمهورية العماد إميل لحود على مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومسودة الاتفاق في شأنها بين لبنان والأمم المتحدة، مرخية ظلالاً من الشكوك والمخاوف على مصير طاولة التشاور المقررة الاثنين المقبل لتناقش موضوعي تأليف حكومة وطنية وماهية الدوائر الانتخابية والنظام الانتخابي في قانون الانتخاب العتيد.
وفي حديث تلفزيوني مطول شمل عناوين كثيرة محلية وإقليمية وتميّز بإعلانه انطلاق المفاوضات الجدية لتبادل الاسرى مع اسرائيل، قدّم نصر الله عرضاً هو الاول من نوعه من حيث التفصيل بشأن الوضع الداخلي ومطلب المعارضة بتغيير حكومي سريع، مؤكداً ان حزب الله سيلجأ الى الشارع بعد اسبوع من الاجتماع التشاوري الاثنين المقبل، إذا ما فشل هذا اللقاء. وحذر من أنه «إذا تبيّن ان افق التشاور مسدود»، فسيلجأ الحزب، بعد «التشاور مع القوى السياسية المقتنعة» بذلك الى التظاهر في الشارع، وقال «ليس معلوماً عندها أن نكتفي بالمطالبة بحكومة وحدة وطنية. يجب ان يصبح الهدف حينذاك انتخابات مبكرة».
وقال: «لتحصل الانتخابات وإذا فازوا هم بها نعدهم بالصمت حتى الدورة المقبلة بعد 4 سنوات».
وقال نصر الله انه وحزب الله لا يريدون مقاطعة احد ولكنه قال ان الاجتماع بالنائب سعد الحريري او غيره يجب ان يكون مرتبطاً بضمانات ان يكون اللقاء منتجاً. وقال إن المطلوب من حكومة الوحدة الوطنية هو الحصول على الثلث الضامن، وأن تتمثل قوى سياسية حقيقية الى جانب التيار الوطني الحر.
ودعا الى «الوحدة والوفاق لا المحاسبة أو الانتقام بمعزل عمّن هو محق»، مشدداً على ان «حكومة الوحدة الوطنية تعني ان تشارك مختلف القوى السياسية الاساسية في لبنان في هذه الحكومة وتكون المشاركة جدية وفعلية وليست “ديكورية”».
وحذر نصر الله من يفكر بالعمل على خلق فتنة او اثارة اعمال شغب. وقال انه متخوف من الانباء عن ورود اسلحة وعن ورود كواتم للصوت الى السفارة الاميركية في بيروت. وقال ان التظاهرات ان حصلت سوف تكون عامة ولن يكون فيها اي عمل امني. وحذر السلطة من مغبة اللجوء الى قمع امني لأنهم يقودون البلاد الى الخراب. وقال ان المعارضة سوف تمارس حقها في التعبير من خلال الشارع وغيره للوصول الى هدف التغيير.
ورأى نصر الله ان «الفريق الحاكم» في لبنان يريد، حتى قبل الهجوم الاسرائيلي، استقدام قوات دولية لتنتشر في لبنان كله لا في الجنوب فقط. وقال ان «مشروعهم الحقيقي (قوى 14 آذار) كان وما زال المجيء بقوات متعددة تحت الفصل السابع وهذا طرحوه على طاولة الحوار». وأضاف «كانوا يطالبون بقوات دولية غير تابعة للأمم المتحدة لكن لم تكن لديهم حجة. وعندما كانت تحدث بعض الاغتيالات كان هذا الصوت يرتفع» وأوضح «يريدون قوات غير تابعة للأمم المتحدة وتحت الفصل السابع لتنتشر في كل لبنان على الحدود مع فلسطين المحتلة لتكون هي الجيش العسكري والامني الذي يساعد فريق 14 آذار للسيطرة على كل الوضع في لبنان».
واتهم نصر الله هذا الفريق بأن ما يريده هو نزع سلاحه وقال «في الأيام الاولى للحرب اتصل بنا الفريق الحاكم وقال: هذه الحرب ستكون طويلة ومدمرة وتريد القضاء عليكم ويمكن ان تدمر البلد، ولا يمكن ان تقف هذه الحرب الا اذا قبلتم بثلاثة شروط».وأوضح ان هذه الشروط كانت «اولاً القبول بمجيء قوات تحت الفصل السابع لتنتشر في لبنان كله لا فقط في الجنوب، ثانياً تسليم سلاح المقاومة في كل لبنان، ثالثاً تسليم الاسيرين الاسرائيليين او اطلاق سراحهما بلا قيد او شرط». وأضاف «كان جوابنا بوضوح ان هذه الشروط تعني الاستسلام المذل.. ونحن جاهزون للقتال حتى آخر قطرة. وعندما فشل العدوان قبلوا بيونيفل معززة على امل ان يحوّلوها الى قوات متعددة الجنسيات». وأكد «كان مشروعهم وما زال تحويل قوات اليونيفل الى قوات متعددة الجنسيات.. وهذا طرح خطير وسيؤدي الى تحويل لبنان الى افغانستان جديدة او عراق جديد».
هجمة الأكثرية على لحود
وكان فريق الأكثرية استغل الجلسة النيابية امس لتشن حملة عنيفة على لحود بلغت حد التجريح الشخصي به واتهامه بعرقلة تشكيل المحكمة الدولية وصولاً الى المطالبة بإدراج “أزمة رئاسة الجمهورية” في جدول اعمال طاولة التشاور. واتسمت ردود الاكثرية على الملاحظات الرئاسية بالطابع السياسي السجالي ما دفع بالكثير الى قراءة الحملة على انها محاولة لتعطيل انعقاد طاولة التشاور، او افتعال ازمة داخلية حادة حول المحكمة الدولية تبرر للولايات المتحدة وفرنسا وحلفائهما العمل في مجلس الامن لتشكيل محكمة دولية خاصة تبادر الى المحاكمات في جريمة اغتيال الحريري من دون حاجة الى موافقة المؤسسات الدستورية اللبنانية، اضافة الى سعي الاكثرية لرفع سقف شروطها في اتجاه فرض التغيير الرئاسي مقابل التغيير الحكومي.
وهاجم نواب من الاكثرية لحود متجاوزين الحجج القانونية والدستورية الواردة في ملاحظاته على المحكمة واستخدموا في مداخلاتهم كل “المحرمات” وصولاً الى إعادة فتح معركة الرئاسة واعتبارها اولوية تسبق تأليف حكومة وحدة وطنية على طاولة التشاور. لكن نواب المعارضة ردوا بانتقاد الحكومة على تأخرها في إنجاز مشروع الموازنة العامة وتعويض المتضررين من العدوان الاسرائيلي. ووجه احد نواب حزب الله حسن فضل الله رسالة واضحة الى الاكثرية مفادها ان هدف المعارضة هو تغيير الحكومة بقوله: “ربما تكون إحدى مآثر حكومتنا انها ستنهي ولايتها من دون مشروع موازنة”. فما كان من الرئيس فؤاد السنيورة إلا ان دافع عن حكومته “الباقية ما دامت تتمتع بثقة المجلس النيابي” مؤكداً أنها “ليست متفرجة”.
وفي هذه الاثناء رد الرئيس لحود على الحملات عازياً استعجال الاكثرية “تهريب” المحكمة الدولية لاستباق التطورات المتوقعة من الاستحقاقات الانتخابية في كل من الولايات المتحدة وفرنسا. وقال لحود لـ“الاخبار” انه تسلم مسودة اولى مضخمة لمشروع المحكمة كان الغرض منها المناورة من اجل إمرار المسودة الثانية التي اكتشف فيها “طُعماً” يقضي بطمأنة الرئاسة الى استمرار حصانتها امام المحكمة حتى ما بعد انتهاء ولايته، في مقابل تنازله عن ملاحظاته”.