زياد الرحباني
صَفَنَت «القحباء» الصهباء في بعض النجوم الممكنة رؤيتها بين بنايتين قديمتين داكنتين، وقد زادها التقنين الليلي سواداً ممّلاً من الفحم الحجري وعصره، وراحت، على ضوءٍ من «الفلوريسان» الأبيض المتسرّب من داخل الحانة الى خارجها، تُحدّث: يعني ما الفرق «يا حلو» بين التقنين في ضاحية بيروت الجنوبية أو الشمالية في برج حمود، ومدينة الملاهي؟ قلت: لا أعرف، ما هو؟ أجابت: الفرق أنَّ الأضواء في مدينة الملاهي تضيء وتطفئ بإيقاعٍ أسرع أقرب الى بعضه البعض ممّا يحصل في الضاحيتين، لذا تصبح مدينة الملاهي مسليّة أكثر وقد تصبح سعيدة حتّى. وأنتبه! هو فرقٌ بسيطٌ حالياً، فإذا أردت أن تتأكد بعينيك من أنَّ لا فرق يذكر بالفعل (الآثم)، يمكنك أن تضع كاميرا-فيديو ثابتة في بعبدا، مثلاً، وتصوّر الضاحية لمدّة عشر ساعات متواصلة، ثمّ تعرض الفيلم مُسَرّعاً، وسترى أكبر مدينة ملاهٍ مأهولة في هذا الوطن! وسيفرح بها الأطفال ويلعبون «الغمّيضة» ليلاً ويقلِّدون دراكولا وسوبرمان في محيط من الإثارة والمغامرات الناجمة عن فرقعة البراّدات وإحتراق الغسالات وانفجار التلفزيونات، ما هَمّ! فالأطفال لا يُقدّرون العواقب مثل الحكومة، كما تعرف، وهذا من حسن حظهم لأنهم سيشبّون بِلا عقَد. «إيه رأيك يا واد يا تقيل انت؟»
***

عادت وسألتني: هل تستطيع أن تُفهمني كيف تُستعمل «الغيرلاند» نفسها حبال زينة مُشكشكة باللمبات الصغيرة الملوّنة في الأعياد المقدسة، خاصة في عيد الميلاد، فُتضفي جواً من الحفاوة بالرب وإبنه على الأرض واللمبات من فوقه تضيء وتطفئ والأطفال الرُضَّع الأبرياء مبتهجون والمؤمنون يصلّون في الطرقات على أنوارها البهيّة، وتعود بعد إنفضاض الأعياد بالسلامة، لتُستعمل هي نفسها في تزيين الحانات والبارات وتضفي بعض الإثارة والغموض على المومسات المتربّصات تحتها؟ ماذا؟
أنا مَن أنا، ولكنّي أيضاً مؤمنة، وأحيي المقاومة والمقاومين، «خلّصني»، ان الفرح هو الفرح، فهذي أسلاك لمباته، والدين معاملة!... «قلت ايه يا جدع؟».