الهـواجس تنتقـل إلى الجـولة الرابعـة وتغلّـب البحـث عن مخـرج... للتـأجيل
لا اتفاق متوقعاً حصوله في الجلسة التشاورية الرابعة في ساحة النجمة اليوم، فجميع اركان طاولة التشاور عكفوا منذ مساء امس على درس المسودة الرسمية لنظام المحكمة ذات الطابع الدولي، الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، التي تلقتها رئاسة الحكومة من الامانة العامة للأمم المتحدة، لكونها تشكل مادة خلافية في ما بينهم، بعدما ادخلتها المناقشة في جدول اعمال التشاور المحدد اصلاً بموضوعي حكومة الوحدة الوطنية وماهية الدوائر والنظام الانتخابي في قانون الانتخابات الجديد.
واذ بدا ليل امس أن الافق ما زال مسدوداً وأن المتشاورين لن يتوصلوا الى اتفاق، سارع رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط الى زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري باحثاً معه في المخرج المطلوب، لرفع جلسة التشاور التي لن تتوصل الى نتيجة على الارجح، بسبب استمرار التباعد والشروط والشروط المضادة بين المتشاورين، فيما قال العماد ميشال عون في حديث تلفزيوني مساءً، إن جلسة اليوم إما أن تتفق على مبدأ الحل على الأقل، وإما أن يتوقف التشاور برمته.
لكن احد الأقطاب قال لـ«الاخبار» ان هناك احتمالاً ضئيلاً للتوصل الى تفاهمات مبدئية على نظام المحكمة الدولية وتعديل الحكومة وتشكيل “الثلث الضامن” فيها، ليرفع التشاور على اساسها الى منتصف الاسبوع المقبل، بحيث يعود بري من زيارته طهران، ليتم الاتفاق على تفاصيل هذين الموضوعين.
وعلمت “ الاخبار” ان “حزب الله” لا مانع لديه من تأكيد الموافقات التي كانت قد تمت على طاولة الحوار وفي مجلس الوزراء، في أمر انشاء المحكمة الدولية التي لم يعارضها احد، وذلك في مقابل ان تعطي الاكثرية “الثلث الضامن” للمعارضة في الحكومة. على ان يجري البحث والتفاهم على صيغة نظام المحكمة الدولية التي تلقاها لبنان من الأمم المتحدة امس. وفي هذا الاطار ذكر قطب تشاوري ان “حزب الله” طلب خلال خلوة ممثله النائب محمد رعد مع رئيس كتلة “المستقبل” النائب سعد الدين الحريري في حضور بري في ساحة النجمة امس الأول، ان يوافق الحريري على “الثلث الضامن” في الحكومة، فرد الأخير مطالباً بأن يوافق «الحزب» على المحكمة الدولية، فأجاب رعد مؤكداً ان «الحزب» ليس معارضاً اصلاً لهذه المحكمة التي كان قد تم التوافق عليها في مجلس الوزراء ثم على طاولة الحوار وكُلفت الحكومة متابعة ملفها مع الأمم المتحدة، وعندما يرد نظام المحكمة “نجلس معاً ونتفاهم عليه”. وإذ طرح الحريري على «الحزب» ان ينتزع من رئيس الجمهورية تعهداً بتسهيل إقرار هذا النظام في مجلس الوزراء، اكد «الحزب» انه لا يستطيع ان يتدخل في صلاحيات الرئيس. وذكرت المصادر ان الحريري وافق على طرح رعد، لكنه استمهل لمراجعة حلفائه قبل الرد. ومضى يوم امس ولم يصدر عنه اي رد.
وأفاد مصدر رسمي ان رئيس الجمهورية العماد اميل لحود تسلم عصر امس من الدوائر المختصة في رئاسة الحكومة وفق الاصول، مسودة مشروع النظام الداخلي للمحكمة ذات الطابع الدولي، و«عكف على درسه على امل انجاز ذلك في اسرع وقت ممكن، تمهيداً للبحث فيه مع رئيس مجلس الوزراء استناداً الى المادة 52 من الدستور». فيما تسلم الرئيس بري نص المشروع من النائب الحريري، بعدما رفض ان يتسلمه من ممثل الامين العام للأم المتحدة غير بيدرسون، مؤثراً “احترام الاصول”. ولاحقاً بعث بري بنسخة الى قيادة «حزب الله».
ووصفت مصادر وزير العدل شارل رزق نص المسودة بأنه “جيد وتوافقي ويرضي الجميع”. وقالت ان رزق فور تسلمه المسودة، كلف القاضيين رالف رياشي وشكري صادر الاطلاع عليها ووضع الملاحظات المناسبة، تمهيداً لرفعها الى مجلس الوزراء، الذي سيدرسه قبل احالته على المجلس النيابي، تمهيدا لإصداره بقانون واقراره.
وفي المعلومات القليلة التي تسربت لـ“الأخبار” عن النص الجديد، ان التعديلات الروسية التي ادخلت الى المسودة بصيغتها ما قبل الاخيرة، والتي اودت بمضمون البند الثالث المتصل بنزع سلطة المحكمة في رفع الحصانات الرئاسية، ما زالت محترمة، من خلال عدم توصيف الجريمة بأنها “جريمة ضد الإنسانية” او “جريمة ارهابية”، الامر الذي يقود تلقائياً الى بطلان الاستعانة بالقانون الدولي وتطبيق ما ينص عليه القانون اللبناني.
وتضمن النص الجديد اعطاء المحكمة الحق في “المحاكمة الغيابية” لأي متهم يرفض المثول امامها، واصدار الأحكام بحقه. كما نصت على قدرتها على الوصول الى محاكمة المسؤول المرتكب، وعبره الى رئيسه اذا شاءت، وهو امر عرف بمحاكمة “الرئيس والمرؤوس”.
وقالت المصادر لـ“الأخبار” ان النص الجديد للمسودة اكد نجاح الضغوط الفرنسية والأميركية التي مورست من اجل عدم الأخذ بأي من الملاحظات والتعديلات الروسية التي وضعتها الممثلية الروسية في الأمم المتحدة.
من جهة اخرى قالت مصادر معارضة لـ“الأخبار” ان المسودة ما زالت تحتوي على الكثير من النتوءات القانونية والإجرائية، التي تسمح بتسييس اعمال المحكمة واجراءاتها على اكثر من مستوى، ويمكن النفاذ من النظام الداخلي للمحكمة الى الكثير من الزوايا اللبنانية الداخلية الحساسة.
وربطت المصادر بين التوقيت “المفاجئ” الذي ظهرت فيه النسخة في بيروت، ومجريات طاولة التشاور المستديرة، وتحديداً عشية الجولة الثالثة في ساحة النجمة اليوم، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على مجريات هذه الجلسة، من خلال أجواء التشدد التي عبّر عنها قادة 14 آذار.
وخلصت المصادر الى الربط بين محتوى المسودة “المتشدد” ومضمون بيان المصدر في «قوى 14 آذار» الذي وُزع مساء امس وفيه: “تعمل جهات سياسية معلومة المقاصد على زج موضوع المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب الشهيد باسل فليحان ورفاقهما، في البازار السياسي للمشاورات الجارية على غير صعيد. ولما كان هذا الموضوع غير خاضع للمقايضات ولا لأي نوع من انواع البازارات، ندعو تلك الجهات الى الكف عن استخدام ادواتها الاعلامية، في عمليات تضليل لا طائل منها”.
وتوقع مصدر في كتلة “المستقبل” ان تكون جلسة التشاور اليوم “محطة عابرة لا مفصلية”، بحيث يؤجل البحث الى الاربعاء المقبل. وقال لـ“الأخبار”: “قدم حزب الله عرضه عبر الاعلام، ونحن بدورنا قلنا ان المحكمة الدولية هي خارج الصفقات”. وأشار الى انه لا شيء مهماً يتوقع صدوره عن جلسة اليوم، مؤكداً ان درس مشروع المحكمة الدولية الجدي يحتاج الى وقت.
واستبعد المصدر ان يحرك “حزب الله” الشارع، «أولاً لأنه يعرف حجم الشارع المقابل، وثانياً لأن الضوء الاخضر لم يأته من إيران، وثالثاً لأن “التيار العوني” لا يجاريه في هذا الخيار». وقال ان «الحزب» في وضع «بات مجبراً معه على التراجع، وان المواعيد التي حددها أمينه العام السيد حسن نصر الله قد نُسفت نتيجة تمديد فترة التشاور».