strong>لحـود يُسـقط الشـرعية عن الحكومـة والسنيورة يُصـرّ على الجلسـة اليـوم وعـون يرفض «الاغـراءات»
ردّ فريق الأكثرية على استقالة وزراء حركة “أمل” و“حزب الله” باعتباره “محاولة للالتفاف على مسألة المحكمة الدولية” ومتحدثاً عن “خطة سورية ـــــ إيرانية للانقلاب على الشرعية ومنع قيام المحكمة الدولية وتعطيل القرار 1701”. وقررت المضي في الجلسة الوزراية اليوم لأجل إقرار مشروع الاتفاق مع الأمم المتحدة على المحكمة الدولية، متجاوزة اعتراضات الرئيس إميل لحود والقراءات الدستورية التي لا تجيز الجلسة. ولكن مع تسشريبات من جانب الرئيس فؤاد السنيورة بأن الجلسة لن تقر المشروع اليوم دون ان يؤكد احد هذا الامر. لكن الخطوة الاخرى من جانب الاكثرية تمثلت في إطلاق حملة تعبئة في الشارع على خلفية “حماية مشروع المحكمة ادولية” من خلال بدء تحركات شعبية في بيروت والمناطق.
14 آذار
وبعد تعطل المساعي وتوقف أي جهد للسفير السعودي عبد العزيز الخوجة، بادرت قوى الاكثرية الى اجتماع في قريطم بعد ظهر امس صدر على اثره بيان تلاه النائب سعد الحريري وأكد ان “هناك محاولة اغتيال ثانية للبنان عبر اغتيال المحكمة الدولية” وان هذه المحاولة “لن تمر”. معلنا “معركة الدفاع عن الشرعية والرجوع إلى الاستقامة الدستورية”.
وكان اللافت مداخلة النائب وليد جنبلاط في الاجتماع إذ قال: “إننا قادمون على مرحلة خطيرة جداً، وأتوقع اغتيالات واعمال شغب وفوضى على الارض، وإذا نزلوا فعلينا ان نواجه حيث هم في الشارع وعلى كل المستويات” وهاجم حزب الله وسوريا بعنف وقال “ليس مصادفة ان يستقيل الوزراء انفسهم الذين اعتكفوا أثناء تشكيل المحكمة نهاية العام الماضي”. وأكد ان النظام السوري يرفض المحكمة “وإني أقرأ في عيونهم عندما يتحدثون انهم يعترفون بضلوعهم في الجريمة”.
وبادرت قوى الاكثرية ولا سيما تيار “المستقبل” الى تنظيم برنامج تحرك شعبي يبدأ بتنظيم زيارات لعشرات الآلاف من المواطنين من البقاع الغربي والضنية، الى ضريح الرئيس الحريري وتعزيز الحضور اليومي في خيم عدة يعمل على نصبها في ساحة الشهداء، والطلب الى وزارة الداخلية عدم منح أي ترخيص لأي تظاهرة او تجمع سيقام في منطقة الوسط التجاري. فيما بادرت “القوات اللبنانية” الى تنظيم اجتماعات لكوادرها في مناطق الشمال وجبيل وكسروان لمنع قيام أي تحرك لتياري “المردة” و“الوطني الحر”.
وكان السفير الخوجة قد قال لـ“الاخبار”: “لم يعد باستطاعتي فعل اي شيء” معرباً عن اعتقاده بأن استقالة الوزراء الخمسة هي “مخرج لعدم مشاركتهم في إقرار مشروع المحكمة الدولية”، واصفاً الوضع بـ“المعقد جداً”.
لحود ــــــ السنيورة
وكان الرئيس اميل لحود قد طعن في كتابين وجههما الى الرئيس السنيورة بشرعية هذه الحكومة لأنها بعد استقالة الوزراء الشيعة منها باتت “فاقدة شرعيتها الدستورية”، وكذلك طعن بدستورية اجتماعها اليوم من دون موافقته بدعوة من السنيورة لمناقشة مشروع المحكمة الدولية الذي أعطاه الدستور حصراً صلاحية المفاوضة استناداً الى احكام المادة 52 من الدستور.
وقال الرئيس لحود لـ“الأخبار” انه “لم يكن ولن يكون يوماً ضد إنشاء المحكمة، الا ان اسلوب تعاطي الحكومة مع رئيس الجمهورية من خلال وزارة العدل أتى مخالفاً لكل الاصول الدستورية، وقد أرادوا حرمان الرئيس حقه الدستوري بالتفاوض وإبداء الملاحظات على مسوّدة نظام المحكمة بحجة مداهمة الوقت، والقصة ذاتها تتكرر اليوم فلقد طلبنا 5 أيام لدرس الصيغة الاخيرة التي وردتنا من الأمم المتحدة فلجأوا الى تعيين جلسة للحكومة وأدرجوا موضوع المحكمة على جدول اعمالها”.
وتساءل لحود عن اسباب التوتر الذي قوبل به طلبه الدستوري بعدما كان رد المسوّدتين السابقتين لتصحيح الأخطاء التي وردت فيهما وجرى هذا التصويب من دون اي مشكلة “فلماذا لا يريدون ان أطلع عليها اليوم؟ هل لأنني اريدها ان تكون متوافقة مع القانون اللبناني والقوانين الدولية؟ وهل كل من يجيز له الدستور النظر في هذا الأمر يُتهم بالتورط في الجريمة؟ أم لأنهم يريدون تشويه صورة المحكمة بروح الكيدية السياسية لديهم للتسبب بأزمات كبرى تخرب البلد وتشعل حرباً اهلية عن طريق إذلال وجرجرة كبار القادة السياسيين والوطنيين”. ويخلص لحود الى القول إنه “إذا كانت العملية هي ليّ ذراع الرئاسة فليخيطوا بغير هذه المسلة فكل حركاتهم السابقة المؤيدة بكل الدعم الدولي لم تستطع شيئاً حيال هذا الامر”.
وعن جلسة مجلس الوزراء اليوم برئاسة السنيورة قال لحود انها “جلسة فولكلورية وتشبه الشيك بلا رصيد” وقال إن إحالة المسوّدة من الحكومة الى لجنة الادارة والعدل في المجلس النيابي “تحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية كما تحتاج ايضاً الى توقيع الرئيس بعد تصديق المجلس عليها، وبما أن انسحاب ممثلي الطائفة الشيعية من هذه الحكومة قد أفقدها شرعيتها الدستورية فقد اصبحت مقرراتها باطلة وبالتالي فإن كل ما سيبنى على جلسة اليوم هو باطل”.
وعلم أن لحود وضع مع فريقه القانوني ملاحظات على المسوّدة الاخيرة مركزاً على الآتي:
1ـــــ لماذا لم ترفق المسودة بلائحة الاجراءات المفترض إبرامها. ولماذا لم يُصرْ الى توضيح البند المتعلق بالتمويل.
2ــــــ على اي مرجعية قانونية دولية يستند النص للقول إن الامين العام للأمم المتحدة هو من يعيّن القضاة.
3ــــــ نصت المسودة على ان المحكمة لا يمكن ان تشمل إلا الجرائم الواقعة بين محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة حتى اغتيال النائب جبران تويني، مع إضافة عامة لأي جرائم اخرى. علماً بأنه لم تحدد الآلية التي تُحدد بواسطتها الجرائم الاخرى، في اشارة الى اغتيال الاخوين مجذوب في صيدا.
ورد السنيورة على كتابي لحود كاشفاً أنه أعلم مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي انه سيدعو المجلس للانعقاد اليوم الاثنين في جلسة خاصة. كما كشف عن مبادرات عدة منه طرحها على رئيس الجمهورية، منها استعداده لاستجابة رغبته في تأجيل جلسة اليوم يومين او ثلاثة، مع ان ذلك سيؤدي الى تأجيل سفره الى كوريا الجنوبية واليابان، لكي يتسنى لرئيس الجمهورية الوقت لإبداء ملاحظاته على مشروع المحكمة كما يطالب، وذكر انه بادر الى الطلب من رئيس الجمهورية الاجتماع به امس الأحد لمناقشة هذه الملاحظات. وأكد “ان الحكومة تمارس الحكم من خلال التمسك بنص وروح الدستور القائم على التشاور والحوار والتوافق، وانها ستظل متمسكة بذلك”، وكرر دعوته لحود إلى المشاركة في جلسة اليوم مشيراً الى ان “من البديهي ان مجلس الوزراء سيعمد الى مناقشة وجهات النظر وكل الملاحظات المطروحة ولن يكون قراره إلا بعد التأكد من سلامة هذا القرار وشموله كل المعطيات التي تمكن لبنان من كشف هذه الجريمة بعدل وشفافية”.
المعارضة
وكان العماد ميشال عون قد أجرى امس سلسلة من الاتصالات الخاصة بالوضع السياسي الراهن وأوفد مساعده جبران باسيل الى البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي استفسر عن سبب رفض عون الدخول في الحكومة ولو من دون حزب الله، وكرر خشيته من مواجهات في الشارع ولكنه أكد أنه مع مبدأ المشاركة الاوسع في الحكومة.
وقال عون لـ“الاخبار” إن الكتلة النيابية سوف تصدر اليوم بياناً تؤكد فيه “عدم توافق الوضع الحكومي الراهن مع المواد الميثاقية في الدستور وفقدانها الشرعية السياسية والشعبية وضرورة تغييرها في أسرع وقت ممكن”. وأضاف إن محاولات الإغراء التي يتعرض لها من قبل فريق الاكثرية لا تجيب عن السؤال الأهم والمتعلق بأفضل صيغة لمشاركة الجميع في إدارة البلاد.
وإذ يقصد الوزراء المستقيلون اليوم الامانة العامة لمجلس الوزراء لإبلاغها خطياً قرار استقالتهم من الحكومة، يعقد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اجتماعاً اليوم ليؤكد دعم مشروع المحكمة الدولية وعدم علاقته بالسعي الى تحقيق مشاركة كاملة في الحكومة وإدارة الدولة. فيما كان الرئيس نبيه بري يعلن من طهران “ان الوضع وصل الى الطلاق لكن هذا لا يعني الوصول الى حائط مسدود لأنه يمكن الرجوع عن الطلاق، وهذا بيد الاكثرية وليس بيد الاقلية”. ورأى أن استقالة وزراء حركة “امل” و“حزب الله” مجرد تصرف ديموقراطي” وأكد “اننا ندعو الى السلم وندعو الى عدم القيام بأي تحرك يؤثر في السلم الاهلي”.
و شدد “حزب الله” بلسان احد نوابه حسين الحاج حسن على ان “لا علاقة لاستقالة الوزراء الشيعة بمشروع مسودة المحكمة الدولية”، وقال إن “اتهامنا بهذا الأمر هو اتهام زائف وباطل وتحريض لجزء من الرأي العام اللبناني”. ودعا السنيورة الى ترجمة رفضه استقالة وزراء الحركة والحزب “بالموافقة على الثلث الضامن”.
وقال مصدر قيادي في حزب الله لـ“الأخبار” إن استقالة الوزراء الخمسة ستليها سلسلسة من التحركات “تحت سقف السلم الأهلي والقانون” وأكد ان الحكومة “باتت فاقدة شرعيتها الدستورية لأنها باتت متناقضة مع ميثاق العيش المشترك المنصوص عليه في مقدمة الدستور كما باتت مخالفة لمبدأ المثالثة ضمن المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في تأليف الحكومة”.