strong>اكتمـل الطـلاق وعـون وحـزب الله يعـدّان لـ «مفاجـآت صاعقـة» بعـد جلسـة «وزراء الأكثـرية»
هل دخل لبنان مرحلة البحث عن ميثاق جديد لتنظيم العيش فيه؟
مرد السؤال بحسب قطب بارز في المعارضة أن ما قامت به حكومة فريق الأكثرية أمس أجهز على صلاحيات رئاسة الجمهورية، وتجاوز مبدأ الشراكة مع بقية الفرقاء اللبنانيين. وهو أمر سوف يدفع البلد نحو مواجهة شاملة يتوقع أن تكون لها “مفاجآتها” على ما قال العماد ميشال عون أمس، وهو ما قاله أيضاً مرجع قيادي في “حزب الله” تحدث عن برنامج خطوات سوف تكون أكثر حيوية من السابق بعدما أعلنت الأكثرية أمس أنها في حالة طلاق دائم مع الآخرين.
وإذ انهمكت الأكثرية في جمع صفوفها والحصول على دعم خارجي لخطوتها، فإن المعارضة انتقلت أمس إلى مرحلة جديدة وعقدت بعيداً عن الأضواء سلسلة من الاجتماعات على مستويات رفيعة جداً، وتقرر خلالها الشروع في خطوات تمهيدية لتحرك ينتظر أن ينطلق بموقف سياسي يعلن “الحكومة الحالية خارجة عن القانون وعدم تقبل أي خطوة أو قرار يصدر عنها”. وقالت المصادر المعنية إن البرنامج يتضمن تحركاً شعبياً متواصلاً يشمل كل لبنان ولا يستثني ساحة من غيرها.
وكان البارز ما نقل عن الأمين العام لـ“حزب الله” السيد حسن نصر الله في لقاء عقده مع أكثر من 7 آلاف مواطن من أبناء الضاحية الجنوبية الذين تضرروا من العدوان الإسرائيلي، وتوقعه رحيل الحكومة الحالية قريباً. و“وعده” الجمهور بـ“الإتيان بـحكومة نظيفة قريباً تعمر لكم ما هدمه العدوان”. وأكد ان الحكومة الحالية “ليس لديها صدق فهي كانت على علم بالعدوان وطلبت من الاسرائيليين إطالة هذا العدوان”.
وأعرب نصر الله عن ارتياحه لأنه “لا يشعر هذه المرة بالحرج من كون حزبه معارضاً لسياسة الحكومة ومشاركاً فيها في الوقت نفسه”. وكشف أنه قال للنائب سعد الحريري “نحن لا نملك جنسية ثانية. لقد ولدنا هنا ونموت هنا وندفن هنا ونجوع هنا ونشبع، فلا يزايدنَّ أحد علينا في وطنيتنا وانتمائنا”. وتساءل عن خوف الفريق الحاكم غير المبرر، فـ“إذا كانوا أكثرية فعلاً فممّ يخافون؟”.
وأكد نصر الله أن خطة إعادة الاعمار لن تتأثر بالأزمة السياسية الحالية، وأنها سوف تستمر كما يُرسم لها سواء بقيت هذه الحكومة أو سقطت، وإن كان قد أضاف لاحقاً “هذه الحكومة لن تبقى وسوف نأتي بحكومة أخرى، لن أقول إنها “أضبط” لأن هذه الحالية ليست “ضابطة” أصلاً”. وكشف أن مجموع ما دفعه حزب الله حتى اليوم بدل “إيواء” وتعويضات هو 300 مليون دولار أميركي. ودعا الناس الى مواجهة اي اهمال يمكن ان تقوم به وزارة المهجرين محذراً القيّمين على هذه الوزارة من القيام بذلك.
من جانبه ابلغ العماد عون اعضاء كتلته النيابية ان ما قامت به الحكومة امس يفتح الباب على مواجهة شاملة ولا مجال للعودة عن المطالبة برحيلها وتأليف حكومة وحدة وطنية توفّر تفاهماً سياسياً وبرنامجاً ينقذ البلاد من ازمتها. ودعا الجميع إلى الاستعداد لتحركات متنوعة، وحذر في تصريحات لاحقة السلطة من اللجوء الى أعمال قمع للتظاهرات. لكنه تحدث عن “مفاجآت سارة اكبر من التي مرت حتى الآن”.
وفي انتظار عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من طهران حيث التقى امس الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ومسؤولين إيرانيين كباراً آخرين فإن السفير السعودي عبد العزيز خوجة ابلغ “الاخبار” أنه يعوّل على عودته من اجل معالجة الازمة القائمة، وقال إن على جميع الاطراف ان يتركوا الابواب مفتوحة امام المساعي الهادفة الى تحقيق الحلول المرجوة.
وكانت الازمة قد بلغت ذروتها امس نتيجة الجلسة التي عقدت امس في مقر مجلس الوزراء المؤقت برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة خلافاً لرأي رئيس الجمهورية إميل لحود وصلاحياته الدستورية، وأعلن في اثرها إقرار مسوّدة مشروع نظام المحكمة الدولية كما وردت من الأمم المتحدة دون اي تعديل وذلك في غياب سبعة وزراء هم الوزراء الشيعة الخمسة ووزير البيئة يعقوب الصراف الذي استقال امس، اضافة الى الوزير حسن السبع.
وقد استتبع السنيورة هذه الخطوة باتصالات مع عدد من الملوك والرؤساء العرب وفي مقدمهم الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك، في محاولة منه لتأمين تغطية عربية للقرار المتخذ كما سمّته اوساط المعارضة. كذلك اجرى اتصالات مع عدد من المرجعيات الدينية للحصول على تغطية منها لخطوته. ثم سارع الى الاتصال بالوزراء المستقيلين طالباً الاجتماع بهم، لكنهم رفضوا حسبما ابلغ احدهم “الأخبار”.
وليل امس صدر عن الرئيس لحود موقف رأى فيه ان المقررات التي خرج بها “الاجتماع” برئاسة السنيورة “إنما صدرت عن سلطة مفتقرة إلى الشرعية الدستورية والميثاقية ومقوّمات السلطة الدستورية ومكوّناتها، ولا وجود ولا قيمة لها”. وقال: “ان رئيس الجمهورية اصبح في حل كلي من الالتزام بأي مهلة دستورية او آلية مرتبطة بموقفه من هذه القرارات التي لا تعني إلا واضعيها”.
وقال مرجع نيابي لـ“الاخبار” ان “مركز رئاسة الجمهورية في الدستور ليس شكلياً وإن اجتماع أمس ينطوي على مخالفة دستورية واضحة لأن موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي هو معاهدة دولية لرئيس الجمهورية بموجب المادة 52 من الدستور الصلاحية الرئيسية في المفاوضة في شأنها، أما بقية الاطراف فهم فروع”. واعتبر “ان ما تقرر هو لا شيء لأنه لم تحصل هناك معاهدة حتى تعرض على مجلس النواب، وعرضها على المجلس اصلاً يتطلب إحالة من رئيس الجمهورية”.
وفي موقف جديد لـ“حزب الله” غداة استقالة وزرائه ووزراء حركة “امل” قال المعاون السياسي لأمينه العام الحاج حسين خليل “اننا نرفض ان نكون موظفين عند رئيس الحكومة وعند الاكثرية الحاكمة”. وقال إن التشاور “انتهى نتيجة تعنت هذه الاكثرية”. وقال: “آن الأوان لأن يكون لبنان واحداً وموحداً في حكومة تضم كل الافرقاء الذين يقف الناس عند رأيهم”. وأكد ان الاستقالة هي “خطوة اولى ستليها مجموعة خطوات” وان “العد العكسي لبرنامج النهوض بهذا الوطن قد بدأ”. وأضاف “ان هناك خطوات تُدرس وهناك برنامج يُدرس وكل شيء في وقته جيد”. واستغرب “توتر” فريق الاكثرية وقال: “انهم أكثرية ويريدون ان يحكموا، فليحكموا وصحتين على قلبهم”.
وقال مصدر في كتلة “المستقبل” لـ“الاخبار” ان عودة الرئيس بري من طهران “ستحسم الامور، إذ إنه سينقل وجهة النظر الايرانية، فإما أن إيران ستصر على ركوب المركب المثقوب للنظام السوري، وبالتالي ستحرق كل المراكب وتصبح المسألة ابعد من ملف اغتيال الحريري للوصول الى حرب إقليمية، وإما ان الايرانيين سيتصرفون على أساس أن الباب ما زال مفتوحاً أمامهم للوصول الى تسوية مع الولايات المتحدة، وعندئذ نصل الى حلول على مستوى الحكومة او على مستوى ملف اغتيال الحريري”. وأشار المصدر الى ان استقالة الوزراء “لم تُقبل دستورياً، وبالتالي فإنهم ما زالوا في الحكومة التي لا تزال تحظى بثقة مجلس النواب”.
ردود فعل دولية
وفي ردود الفعل الدولية رأى سفير واشنطن لدى الأمم المتحدة جون بولتون أن على دمشق احترام قرار الحكومة اللبنانية التي وافقت على المسوّدة كما ان مجلس الأمن سيتحرك فور تسلمها. ورحبت باريس بقرار الحكومة تمهيداً لمحاكمة المتورطين في الجريمة. ودعت موسكو القوى اللبنانية الى التحلي بروح المسؤولية عن مصير لبنان ومواصلة المساعي لتوفير الإجماع على المسائل الأساسية.
ورفضت إيران اتهامات الحريري الذي اتهم دمشق وطهران بمنع قيام المحكمة لأن بلاده لن تتدخل في مشاكل دول اخرى احتراماً لسيادة الدول. واتهمت سوريا البعض في لبنان بتسهيل فرض الوصاية لقوى دولية وممارسة سياسة الانفراد والإقصاء وتهميش قوى فعالة.
وعبّر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن ثقته بقدرة اللبنانيين ووعيهم للحفاظ على وحدتهم وتكريس مبدأ الحوار لحل القضايا، واضعاً إمكانات بلاده الى جانب لبنان.