دخلت باريس أمس الجدل المتصاعد في أوروبا والولايات المتحدة حول الاستراتيجية الأميركية في العراق، معلنة مواقف لم تعتدها سابقاً، حتى إبان معارضتها للغزو الأميركي عام 2003، في خطوة قد تكون مستندة إلى التغيير المرتقب في السياسة الأميركية بعد هزيمة الجمهوريين في الانتخابات النصفية، وإن كانت تبدو مرتبطة أيضاً بمعركة الرئاسة المحتدمة في فرنسا.فقد انتفض رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان في وجه الولايات المتحدة، موجّهاً اليها انتقادات شديدة اللهجة، رأى فيها أن التدخل العسكري في العراق «محكوم عليه بالفشل»، مشيراً إلى أن «العراق غارق اليوم في حرب أهلية وفي الفوضى».
ورأى دو فيلبان، في كلمة ألقاها أمام طلاب في ليل، أن «الشرق الأوسط الكبير الديموقراطي، الذي تريد الولايات المتحدة بناءه، لم يظهر، والحرب على عكس ذلك، فاقمت الخوف والانقسامات وعدم الاستقرار والعداء للغرب». أضاف «يبدو جلياً أن الحلقة الفاصلة، التي تمنتها الولايات المتحدة، تبدو على عكس ذلك حلقة مفرغة». وتابع «إننا اليوم أمام منطقة شرق أوسط تتضمن مجموعة من الكسور».
وأشار رئيس الوزراء الفرنسي إلى أن الأزمة العراقية «كسرت أحد محركات طموحنا الجماعي، وأضعفت الهيئات المتعددة الأطراف وجعلت تحرك المجتمع الدولي أصعب في مواجهة أزمات الانتشار (النووي) الكبيرة مثل ايران وكوريا الشمالية، وعقّدت تسوية المشكلة الإسرائيلية ـــ الفلسطينية وقسّمت أوروبا التي لم تستعد بعد وحدتها السياسية».
أما وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست ـــ بلازي فرأى من جهته أنه «من الضروري الان» وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق لكي يتمتع هذا البلد «بالسيادة».
وقال دوست ـــ بلازي، لشبكة «فرانس 2» الفرنسية، «هناك قوة محتلة وهناك بلد محتل. يجب ان يتمكن العراق من التمتع بالسيادة»، مشيراً، في الوقت نفسه، الى أنه من وجهة نظره الشخصية الانسحاب الفوري «قد يكون احتمالاً اسوأ».
وذكر الوزير الفرنسي بأن مسألة مهمة قوات الاحتلال في العراق ستطرح مجدداً في وقت قريب أمام مجلس الامن الدولي، مشيراً الى انه هناك «للمرة الاولى مناقشات في الولايات المتحدة» في شأن هذا الموضوع.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)