بـرّي ممتنع عن التحرّك والسـعودية تتوسّـط لدى إيـران باقتـراح بانتخابات مبكرة رئاسـية ثم نيـابية
أقفل الباب أمام المبادرات المحلية، وبدا أن الفرصة الاخيرة متروكة لمساع ذات طابع إقليمي بعدما انتقل الحوار مباشرة ومن دون مواربة الى ما يدور بين إيران والسعودية بواسطة سفيريهما في بيروت عبد العزيز الخوجة ومحمد علي شيباني، وسط حديث عن مبادرة سعودية تدعو إلى رعاية توافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون من خارج الفريقين المتنازعين، يلي ذلك تأليف حكومة انتقالية مع ثلث ضامن تعمل على ترتيب وإنجاز انتخابات نيابية مبكرة، وهو الأمر الذي رفضته صراحة قوى المعارضة، وأبلغت مساء امس الجهات المعنية أنها باتت في حل أيضاً من مطلبها بحصر العلاج في تأليف حكومة وحدة وطنية وأنها لا تقبل بأقل من تأليف حكومة انتقالية من خارج القوى المتنازعة تشرف على وضع قانون جديد للانتخابات وإجراء انتخابات نيابية جديدة.
وقد ترافق الأمر مع إبلاغ الرئيس نبيه بري السفراء العرب وقادة فريق الأكثرية بأنه ليس في وارد القيام بأي مبادرات جديدة “لأن موسم العيد” قد انتهى وهو لن يتخذ بعد اليوم أي خطوات غير محسوبة “لأن الهوة باتت كبيرة بين الأكثرية والمعارضة” وأضاف المصدر ان بري يرى أنه “غُدِر به وخُدِع” من خلال ما قامت به الأكثرية من تصرفات أثناء وجوده في طهران غير مكترثة بالتحذيرات التي أطلقها لدى دعوته الى طاولة التشاور.
وكان الموقف البارز ما جاء على لسان العماد ميشال عون امام حشد من كوادر التيار الوطني الحر، فدعا الرئيس فؤاد السنيورة الى الاستقالة وخاطبه: “لمصلحة لبنان ينبغي ان تخرج من الحكم، فلو كان العالم كله معك وشعبك ليس معك فلن تستطيع أن تحكم”. ودعا عون أيضاً وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت الى “ضب زعرانه من الشارع”، كما اعلن “ان الحكومة فاقدة لشرعيتها، وبالتالي لن تطاع أوامرها بعد الآن”.
وعلم أن الرئيس بري يعمل من اجل تنشيط الاتصالات بين دمشق والرياض حتى لا يمضي لبنان في هذه الحال الى مزيد من الأزمات، وأنه طلب من طهران القيام بخطوات باتجاه السعودية ومصر لأن من شأن هذا الأمر أن ينعكس إيجاباً على الوضع اللبناني. كذلك طلب بري من الكويت التوسط لتطبيع العلاقات بين دمشق والرياض، نظراً لأهمية هذه الخطوة بالنسبة الى مستقبل الوضع اللبناني. وعُقد لاحقاً اجتماعا عمل بين السفيرين السعودي عبد العزيز خوجة والإيراني محمد علي شيباني لبحث الأزمة.
وقال السفير خوجة لـ“الأخبار” إن الرياض تعمل من خلاله على تقريب وجهات النظر بين المتباعدين ليعودوا الى طاولة الحوار ومعالجة الخلافات القائمة في ما بينهم.
وليلاً عقد أركان 14 آذار اجتماعاً في قريطم حضره قادة الصف الأول وتركز البحث خلاله على الوضع السياسي وأكدوا تصميمهم «على مواجهة محاولات إفشال القرار 1701 وإجهاض المحكمة الدولية وتعطيل مؤتمر باريس ــ3» وما يمكن ان يتخذوه من خطوات في مواجهة «جميع السيناريوهات المحتملة» إزاء عدم تجاوب بري مع العرض الذي نقله الوزير العريضي إليه.
وقالت مصادر قريبة من السنيورة لـ“الأخبار” إنه ما زال على موقفه الذي اعلنه مساء أول من أمس في حديثين تلفزيونيين بأنه “لا مفر للجميع من الجلوس معاً ووضع هواجسهم على طاولة الحوار والبحث في تبديدها”. ونقل عنه: “ان الازمة القائمة لا تحل إلا بالحوار ومعاودة النقاش في كل القضايا المطروحة”. ولفت المصدر إلى “ان اي جلسة لمجلس الوزراء لم تكن مقررة هذا الاسبوع لأن رئيس الحكومة كان ينوي السفر الى كوريا الجنوبية واليابان”.
وقال الوزير جان اوغاسبيان لـ“الأخبار” ان البحث جار حالياً للوصول الى مخارج تنهي الوضع الراهن. وأوضح ان مسألة تأليف حكومة وحدة وطنية عادت الى التداول، لكنه اكد انه غير متفائل بحصول أي تقدم في هذا السياق في ضوء ما تجمَّع لديه من معطيات.
استعدادات للتظاهر
وفي ظل الحديث المتصاعد عن النزول الى الشارع في وقت قريب في بيروت او غيرها من المدن في مختلف أرجاء لبنان، وصلت معلومات الى “الأخبار” تقول ان الترخيص الأول للتظاهر تقدم به تيار “المستقبل” أمام وزارة الداخلية عبر محافظة بيروت، وحدد الطلب ساحة الشهداء موقعاً للتجمع أيام 16 (أي أمس) و17 و18 تشرين الثاني الجاري. وليل امس رصدت تجمعات لشباب قرب بيت الكتائب المركزي في الصيفي نقلتهم 20 حافلة وراحوا يهتفون بشعارات مؤيدة لتيار “المستقبل” وسط انتشار لقوى الأمن والجيش.
أما فريق المعارضة فقرر عدم طلب أي إذن للقيام بتظاهرات ولا ابلاغ الجهات الرسمية بالتوقيت وخطوط السير، وان القطاعات الحزبية المعنية أنجزت كمية كبيرة من الترتيبات، وأجريت فجر امس “بروفة” لأجل تنفيذ خطة تظاهر تشمل كل العاصمة. كذلك عقدت اجتماعات في الشمال والبقاع وصيدا لوضع ترتيبات خاصة بأي تحرك مرتقب. وترك امر تحديد الساعة الصفر الى العماد ميشال عون.
وليلاً علمت “الأخبار” ان قوافل من باصات “البولمن” نقلت عن طريق ضهر البيدر متظاهرين من البقاع الغربي إلى وسط بيروت، وشوهد بعض ركابها برفعون الرايات وصوراً للرئيس الحريري.
مجلس الأمن والمحكمة الدولية
من جهة ثانية أعلن رئيس مجلس الأمن سفير البيرو خورخي فوتو برناليس من نيويورك امس ان المجلس قد يعطي الاثنين المقبل موافقته على إنشاء المحكمة الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
من جانبها تشككت روسيا في ما إذا كانت الحكومة اللبنانية قد تصرفت في شكل مشروع بموافقتها على مسوّدة نظام المحكمة، وقال مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين “نشعر ببعض القلق” لأن الخطة أقرتها الحكومة اللبنانية لكن الرئيس اللبناني عارضها. وأضاف انه قبل ان يمكن لروسيا إقرار الخطة الى جانب بقية زملائها في مجلس الأمن “سنبحث في كيفية تواؤم ذلك مع الدستور اللبناني”.