التحـرّك في الشـارع قد يسـتمرّ 40 يومـاً ونـوّاب المعارضـة يقاطعـون اللجـان البرلمـانيّة والوزراء
ثمة خيط رفيع ما زال يعوّل عليه للتوصل الى تسوية بين الأكثرية الحاكمة والمعارضة خلال هذا الأسبوع، برز من المواقف التي صدرت أمس عن كل من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط. فالأول أكد أن خيار تأليف حكومة وحدة وطنية «لا يزال متاحاً» قبل اللجوء الى الانتخابات المبكرة ودعا الى الاستعداد لإسقاط «حكومة السفير فيلتمان»، فيما الثاني أعلن أن هذه الاكثرية «مع تسوية مشرّفة» اذا قبل «الفريق الآخر» بها «انطلاقاً من المحكمة حتى توسيع لاحقاً الحكومة»، مؤكداً أن المعارضة تقف «على مشارف انقلاب في البلد. النزول التدريجي الى الشارع، ربما الاستقالات الجماعية من الإدارات، عصيان مدني، واستقالة من مجلس النواب».
وفيما ينتظر أن يكون للأكثرية تحرك في اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم في ضوء «الفسحة الأخيرة» المتاحة للتسوية، نقل عنه زواره لـ«الأخبار» قوله إنه «ليس من تاجر في العالم يمكن أن يقدم على أي خطوة ما لم يكن لديه رأسمال أو بضاعة، فإذا لم يأتوني بشيء ملموس ومقنع فلست مستعداً للبحث معهم في أي شيء وخصوصاً بعد كل ما مارسته من ضغوط على حزب الله»، وأشار الى أن آخر عرض تلقّاه من الاكثرية مخالف لاتفاق الطائف.
وعلمت «الأخبار» أن خطوط الاتصال مقطوعة بين بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي يحاول توسيط وزير الصحة المستقيل محمد جواد خليفة. وقالت أوساط قريبة من السنيورة تعليقاً على مواقف السيد نصر الله إن رئيس الحكومة ما زال «متمسكاً بالحوار باعتباره الطريق الذي يوصل الى نتائج مفيدة».
في هذا الإطار، أبدى السفير السعودي عبد العزيز خوجة تفاؤله بإمكان التوصل الى حل للأزمة، موضحاً أنه يبني تفاؤله على ما تضمنه خطاب السيد نصر الله الذي وصفه بـ«الإيجابي جداً». وقال لـ«الأخبار» إن «الجميع على استعداد للتعاون مع نصر الله وخصوصاً بعد أن تكلم بوضوح ومنطق وكان موفّقاً في طمأنة اللبنانيين بعدم حصول أي فتنة مذهبية أو خلاف بين السنّة والشيعة».
على صعيد التحرك الشعبي لإسقاط الحكومة استكملت المعارضة تحضيراتها له. وعلمت «الأخبار» أن السيد نصر الله اتفق مع كل أركان المعارضة على أن يُترَك له أمر تحديد موعد التحرك وحجمه وشكله. وينتظر أن يحصل هذا التحرك في المدن والمفترقات الرئيسية والمستديرات وهو سيبدأ فور صدور إشارة البدء به عن نصر الله. وسيستمر حتى سقوط الحكومة إذ قد يستمر من شهر الى 40 يوماً على أن يحقق هدفه بإسقاط الحكومة قبل عيد الأضحى، حتى اذا لم تسقط في خلال هذه الفترة يجري عندئذ تحرك مركزي يكون الضربة القاضية للحكومة، ليصار بعد ذلك إلى تأليف حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها الأولى وضع قانون انتخابي جديد وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وعلمت «الأخبار» أن الخطوة التالية لاستقالة الوزراء التي اتخذتها المعارضة ستكون المقاطعة النيابية للحكومة. ويجري الإعداد لاجتماع يعقده نواب القوى المعارضة يتخلله إعلان مواقف منها: التأكيد على سحب الثقة من الحكومة، واعتبارها حكومة غير دستورية وغير شرعية ودعوة النواب الى مقاطعة أي عمل تشريعي مع هذه الحكومة بما في ذلك عدم حضور اجتماعات اللجان النيابية كلها وعدم الاتصال بأي وزير.
وستعقد قيادة «حزب الله» اليوم اجتماعاً طارئاً مع رؤساء الأحزاب المنضوية في «تحالف الأحزاب الوطنية» وذلك في منزل رئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد وسيتركز البحث على خطوات التحرك المنوي القيام به لإسقاط الحكومة.
جهوزية التحرك الشعبي
وكان السيد نصر الله قد صعّد الموقف من الحكومة ودعا المعارضة الى «الجهوزية» للتظاهر من أجل إسقاطها إذا لم توافق الاكثرية النيابية على حكومة وحدة وطنية او على انتخابات مبكرة. ولفت في كلمة ألقاها أمام «اللجان المنظّمة للتحرك الشعبي» ضد الحكومة الى أن الدعوة الى النزول الى الشارع قد تتم قبل «ساعات قليلة» فقط من بدء التحركات، وأن التظاهر قد يستمر مدة غير محددة. وقال «عندما سندعو الى التظاهر يمكن أن ندعو قبل أيام كما يمكن أن ندعو قبل 24 ساعة أو قبل ساعات قليلة لذا نريد أن تكون هناك جهوزية نفسية».
وحدد نصر الله «خطوطاً حمراء» لا يمكن تجاوزها خلال التحركات الشعبية وأبرزها «الحرب الأهلية، ضرب الاستقرار والسلم الأهلي، التصادم والفتنة الداخلية» وقال: «لا نريد شغباً» داعياً الى «احترام الممتلكات الشخصية والعامة». وأوضح أن هذه التحركات ستبقى حتى «نفرض بوسائلنا إسقاط الحكومة غير الشرعية وغير الدستورية، حكومة السفير فيلتمان وليس حكومة الرئيس السنيورة».
ورأى نصر الله أن الاصطفاف الحالي سياسي وليس مذهبياً، متّهماً بعض قوى 14 اذار «بالقيام بمحاولات حثيثة لتحويل الاصطفاف السياسي الى طائفي ومذهبي». وقال «يحاولون أن يصوّروا أن هدف التحركات ضرب أهل السنة من خلال رفض اتفاق الطائف ورفض المحكمة الدولية». وتوجّه الى السنة قائلاً: «قوى السلطة خيارها وسلاحها الوحيد أن تتمترس خلف هذه الطائفة وهي تعتمد خطاباً مذهبياً صريحا».
من جهته وليد جنبلاط قال أمس في الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي إنه «لا يزال هناك إمكان لحل سلمي للانقسامات السياسية في البلاد من أجل الحؤول دون اندلاع حرب أهلية جديدة»، وأشار الى أن المعارضة «على مشارف انقلاب في البلد». وقال «نحن مع تسوية مشرفة. تسوية طبعاً اذا قبل الفريق الآخر بالتسوية انطلاقاً من المحكمة حتى توسيع الحكومة لاحقاً، لكن المحكمة أولاً، وإذا رفضوا المحكمة في المطلق فعندئذ ندخل في أزمة كبيرة في البلاد». وإذ تحدث عن خيارات عدة أمام الاكثرية أكد «أننا لم نكن ولن نكون ولا يجوز ان نكون البادئين بأي عملية شغب اهلي داخلي، فليتحملوا هم مسؤولية الشغب الأهلي والانقلاب».
وفي ما يشبه الاعتراف المسبق بالهزيمة أمام المعارضة قال جنبلاط: «الطريق طويل جداً ولكن سنستمر مهما كانت العقبات (...) ولو خسرنا في بعض المواقع المهم ان ينتصر الشعب اللبناني وأن ننتصر نحن أخلاقياً وسياسياً على الذين في مكان ما شركاء ما معنوياً بالجرائم التي ارتكبت في حق الاحرار».
من جهته رد رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري على عرض نصر الله تأليف حكومة وحدة وطنية أو إجراء انتخابات مبكرة فقال: «إن الذهنية المطلوبة للدخول الى حكومة وحدة وطنية هي الإرادة لحل المشاكل لا افتعالها في مجلس الوزراء. هناك مسائل خلافية عدة مثل رئاسة الجمهورية والمحكمة الدولية والقرار 1701، وأنا اعتقد أن فريق الثامن من آذار لديه مشكلة مع المحكمة الدولية والقرار 1701 وحتى مع باريس ــــــ3». وأشار الى «ان التحالف القائم بين حزب الله وأمل وسوريا وإيران يريد إسقاط حكومة الرئيس السنيورة، وإفشال المحكمة الدولية والقرار 1701 وباريس ــــــ3 ويريدون السيطرة على البلد».