أقرّ مجلس الأمن الدولي في ساعة متقدمة من ليل أمس مسودة المحكمة الدولية وقرر إرسالها إلى لبنان بواسطة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، وأعلن السفير الفرنسي جان مارك دي لا سابليير أن مجلس الأمن أقر بالإجماع المسودة بعد اجتماع استهل بإدانة جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل. وقال مجلس الأمن في بيان تلاه رئيسه سفير البيرو خورخي فوتو برناليس انه “يدين من دون لبس” اغتيال وزير الصناعة اللبناني “الوطني الذي كان رمز الحرية والاستقلال السياسي للبنان”.
وأضاف الإعلان ان مجلس الأمن “يدين أي محاولة لزعزعة الاستقرار في لبنان عبر استخدام الاغتيال السياسي أو أعمال إرهابية أخرى”.
وأعرب مجلس الأمن عن “قلقه البالغ” ازاء أي انعكاس محتمل لهذه الجريمة على “جهود الحكومة والشعب اللبناني لتعزيز الديموقراطية وبسط سلطة الحكومة على كل الأراضي، والمضي قدماً في عملية إعادة الاعمار”.
كما أشاد مجلس الأمن بـ“تصميم الحكومة اللبنانية على احالة مرتكبي عملية الاغتيال هذه ومنظميها والمحرضين عليها، اضافة الى غيرها من عمليات الاغتيال (في لبنان) أمام القضاء، ويكرر تصميمه على مساعدتها لتحقيق هذا الهدف”.
الى ذلك صدرت أمس ردود فعل دولية منددة بالجريمة، وكان البارز دعوة الرئيس الأميركي جورج بوش الى تحقيق وتحرك فوري للأمم المتحدة. وقال خلال توقف قصير في هونولولو «اليوم شهدنا مجدداً الوجه المعيب للذين يكرهون الحرية»، مضيفاً «نستنكر بقوة اغتيال بيار الجميل الذي حصل اليوم في لبنان».
واتصلت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بالرئيس فؤاد السنيورة معزية ومجددة التأكيد على دعم واشنطن الكامل لحكومته بعد اغتيال الجميل.
وأدان الرئيس الفرنسي جاك شيراك في بيان «الاعتداء الشنيع» الذي استهدف بيار الجميل، وعبر عن رغبته في ان تتم «ملاحقة ومعاقبة» القتلة.
وقال شيراك «ان كل لبنان مصاب بهذه المأساة الرهيبة، وفرنسا على يقين بأن الرغبة في الاستقلال والحرية والديموقراطية لدى اللبنانيين ستكون أقوى. إنها تقف الى جانب لبنان من أجل التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن ولا سيما ذلك المتعلق بتأليف محكمة ذات طابع دولي».
وأعلن مصدر رسمي أن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي سيزور بيروت للمشاركة في تشييع جنازة الجميل.
من جهته، أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عن «صدمته» لعملية اغتيال الجميل «الجبانة»، معتبراً أن لبنان يدفع مجدداً «ثمناً باهظاً لإرادته في العيش بسلام واستقلال».
في موسكو، أدانت وزارة الخارجية الروسية الجريمة، وقالت ان «استئناف الاغتيالات السياسية بعد فترة من الهدوء النسبي تثير لدينا قلقاً شديداً».
في لندن، أعرب رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير عن إدانته «الشديدة» لاغتيال الجميل، وقال «ندين هذا الاغتيال بأشد العبارات. إنه غير مبرر»، مضيفاً «علينا ان نفعل كل ما في وسعنا، وخصوصاً في هذا الوقت، لحماية الديموقراطية في لبنان والحكومة برئاسة فؤاد السنيورة».
وأدان وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما «بشدة» في بيان اغتيال الجميل، معتبراً أنه «عمل خطير جداً» ودعا الى «عدم الانسياق لمنطق الارهاب في لبنان». وأضاف ان «الحكومة الايطالية ستواصل تقديم الدعم لحكومة فؤاد السنيورة في هذا الظرف الحرج لأنها تدرك ضرورة تعزيز التزام الأسرة الدولية باستقرار البلاد».
وأدان الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان «بقوة» اغتيال الجميل، مؤكداً أن مرتكبي هذه العملية والمحرضين عليها يجب ان يحالوا على القضاء. وقال الناطق باسم انان في بيان ان “هذه الجريمة ارتكبت بدم بارد غداة مناقشة مجلس الامن تقريراً حول تأليف المحكمة الدولية” .
ورأى وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير أن الاغتيال هو «محاولة جديدة لتقويض تطور لبنان المستقل السيد الديموقراطي».
كما أدان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الجريمة ووصفها خلال اتصالين هاتفيين مع الرئيس السنيورة والنائب سعد الحريري بـ“العمل الجبان الذي يستهدف أمن واستقرار لبنان الشقيق بكل فئاته”.
واستنكرت دول مجلس التعاون الخليجي بشدة اغتيال الجميل الذي وصفته «بالعمل الإرهابي».