منذ تخرّجه من الجامعة اليسوعية عام 1997، اختار هادي زكّاك (1974) الفيلم الوثائقي ليقارب حال المجتمع وسلوكه وثقافته في وطن تملأ الثغرات والفجوات ذاكرته. من خلال أعماله، حاول ترميم بعض تلك الذاكرة أو البحث عن أجزاء صورة من المجتمع، ليجمعها ويعرضها للمشاهدين.
«بيروت وجهات نظر» (32 د ــ 2000) كان من أوّل الأعمال. بيروت بعد عام 2000 تشهد تغييراً جذرياً، يؤثّر في العلاقة مع سكّانها. يرصد العمل وجهات نظر وذكريات فنانين عاشوا فيها. رصد زكاك بيروت الحرب أيضاً في فيلم «سينما الحرب في لبنان» الذي وثّق من خلاله الأعمال السينمائية الروائية التي حاكت الحرب في لبنان. عاد من خلال هذا الشريط الى كواليسها وأبطالها ومنتجيها. ذاكرة السينما كانت أيضاً مفقودة، فحاول في شريط قصير بعنوان «لبنان من خلال السينما» (15 د ـ 2003) أن يبرز كيف صوّرت السينما لبنان من خلال مونتاج لمشاهد من أرشيف هذه الأعمال، علماً أنّه أصدر بالفرنسية كتاب «تاريخ السينما اللبنانية، مصير نحو المجهول» (1997) أيضاً في محاولة لجمع وحفظ تاريخ السينما في لبنان.
اختار المواضيع التي صوّرها، كأنه يفتح صفحة تلو الأخرى في حاضر لبنان: طوائف ومذاهب وانقسامات وحروب ونكران للمشكلة وللذاكرة، فتأتي مثلاً ثلاثية «حرب السلام في لبنان»، و»أصداء الشيعية»، و»أصداء سنيّة» لتسجل لقاءات مع شباب وأحلاماً وهواجس في ظلّ يوميات الانقسام الذي شهده لبنان من جديد بعد عام 2005. أما «درس في التاريخ» (52 د ــ 2009) فتناول انقسام اللبنانيين على كتاب التاريخ في المدارس وغياب كتب موحّد في هذا الشأن. وبينما صوّر «تاكسي بيروت» (52 د ـــ 2011) إيقاع العاصمة اللبنانية من خلال يوم في حياة ثلاثة سائقي أجرة، كان «مارسيدس» (2011) بمثابة نظرة على محطات من تاريخ لبنان منذ الخمسينيات عبر سيارة المرسيدس.