بدا أمس أن المصالحة الوطنية في العراق لفظت أنفاسها الأخيرة لتذهب في مهب الصراع المذهبي المتفاقم، الذي كانت آخر فصوله الدموية مجزرة في مدينة الصدر، أعقبت جواً طائفياً مشحوناً بداية بالبرلمان العراقي وصولاً الى الهجوم الذي شنَّه رئيس «هيئة العلماء المسلمين» حارث الضاري، من القاهرة أول من أمس، على الأحزاب الشيعية والكردية (التفاصيل).فقد دقت المجزرة، التي أوقعت حوالى 160 قتيلاً، بينهم عدد من الأطفال والنساء، وأصابت أكثر من 230 شخصاً بجروح، آخر إسفين في نعش المصالحة، التي أضحت أشبه بمعجزة قد لا تتحقق إلا بتغيير حقيقي على الساحة العراقية، يجيب عن هواجس الفرقاء ويعطيهم دافعاً للهدوء والتعقل لتجنب مزيد من الفتنة والدماءولم تجد الحكومة العراقية، العاجزة، رغم مئات آلاف الجنود الأميركيين والعراقيين المنتشرين في العراق، عن ضبط الأمن فيه، إلا الإعلان عن حظر تجول غير محدود في بغداد وسيلة لوقف العنف المذهبي، الذي أضيف إليه أمس سقوط أكثر من عشرين قذيفة «هاون» على حي الأعظمية شمالي العاصمة أسفرت عن مقتل وجرح العشرات.
كما تعرّضت منطقة الصليخ شمال شرق بغداد لهجوم مسلح عنيف من جهة تقاطع مدينة الشعب، حيث وقعت اشتباكات بمختلف الأسلحة استمرت أكثر من ساعتين.
ودعا رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية عبد العزيز الحكيم والأمين العام للحزب الإسلامي العراقي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، الكتل السياسية والمواطنين الى ضبط النفس والتهدئة. وقالوا، في نداء وجّهوه خلال مؤتمر صحافي مشترك، إنهم «يراقبون هذا التدهور الأمني عن كثب ويعملون لإيجاد السبل الكفيلة بتحقيق الاستقرار في البلاد ويدعون الى تقويم الخطط الأمنية لتدارك الخلل في الوضع الأمني في بغداد»، مشيرين الى أن «ما حدث يضع الجميع تحت طائلة المسؤولية والعمل الجاد لبناء دولة المؤسسات».
وأفاد الطالباني أن المجلس السياسي للأمن الوطني سيجتمع اليوم لبحث تطورات الوضع الأمني في بغداد.
كما دعا رئيس الوزراء نوري المالكي العراقيين الى ضبط النفس والتهدئة. وقال المالكي، في كلمة وجّهها مساء أمس على خلفية التفجيرات التي شهدتها البلاد أمس، إن «الأزمة، التي نعيش فصولها وتحاك بأصابع سوداء، تحتاج الى مزيد من الحكمة في إدارة الأمور بعيداً عن الانفعال والعواطف»، مشيراً إلى أنه «أنشئت غرفة طوارئ لمعالجة الجرحى ورعاية شؤون ضحايا التفجيرات».
وأعلن مسؤول في وزارة النقل العراقية مساء أمس أن الوزارة قررت إغلاق مطار البصرة وموانئها الثلاثة «حتى إشعار آخر»، وذلك «احتجاجاً على الوضع المأساوي في مدينة الصدر».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، بو بي أي)