اشتدت الأزمة على خطوط التماس المذهبية في بغداد، لتدخل منحىً متطوراً من الحرب الأهلية، التي أزيل الشك عن توصيفها، بعدما أضحى تبادل القصف سمة يومية بين أحياء العاصمة العراقية وداخل أحيائها المختلطة؛ فقد أطلق التيار الصدري تهديداً صريحاً لرئيس الوزراء نوري المالكي، سأله فيه عدم لقاء الرئيس الأميركي جورج بوش في الاردن الأسبوع المقبل، وإلا فسيعلق مشاركته في الحكومة والبرلمان، وآخر للأمين العام لهيئة علماء المسلمين حارث الضاري طالبه فيه بتحريم سفك دماء الشيعة «وإلاّ». ويبدو أن الطلبين يفوقان قدرة المالكي والضاري على تلبيتهما، الأمر الذي يعيه جيداً «الصدريون»، وهو ما يعني أن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قرر انتهاج مسار جديد، يمكن اعتباره «انقلابياً» قياساً على مساره السابق.
ولم تكن واضحة أمس ماهية الخطوات التي قد يقدم عليها التيار الصدري رداً على المجزرة التي أودت أول من أمس بحياة 202 شخص في مدينة الصدر. لكن تحميل التيار الصدري القوات الأميركية مسؤولية حصولها، مشيراً الى أن «تعطيل شبكة الهاتف النقال وتحليق طائرات مكثف بالتزامن مع التفجيرات»، قد يوحي بإمكان استئناف المواجهة المسلحة بين جيش المهدي وجنود الاحتلال.
وترافقت هذه التطورات مع سلسلة من الهجمات ضمن أحياء العاصمة، استهدف بعضها أربعة مساجد سنية في حي الحرية شمالي غرب بغداد، الأمر الذي أدى إلى إحراق أحدها في عملية حمّلت مصادر أمنية «ميليشيات شيعية» مسؤوليتها. كما أعلنت «هيئة علماء المسلمين» ان قذائف «هاون» استهدفت مقرها الرئيس في مسجد ام القرى فور انتهاء صلاة الجمعة من دون ان تسفر عن اصابات، فيما فجّر مسلحون مكتب «الشهيد الصدر» في وسط مدينة بعقوبة وأضرموا النار فيه.
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية أمس، أن حظر التجول، الذي فرض في بغداد أول من أمس، عقب مجزرة مدينة الصدر، مستمر حتى «إشعار آخر». ودان المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ستانزل العنف الطائفي في العراق “المتزامن مع قرب لقاء بوش والمالكي”، ورأى أن “أحداث العنف الأخيرة تأتي ضمن جهود الإرهابيين لإسقاط الحكومة المنتخبة ديموقراطياً”، مشيراً إلى أن “القتلة لن ينجحوا” في ذلك.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)