تحـرك شـعبي متصـاعد يلـف الأراضي اللبـنانية... «حتى قيـام حكومـة جديـدة تمهيـداً لانتخابـات مبكـرة»
أطلق زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون إشارة الانطلاق لأوسع تحرك شعبي يشهده لبنان منذ عقود طويلة، كما دعا ومعه الرئيس عمر كرامي اللبنانيين الى الى المشاركة في تحرك شعبي سلمي متواصل حتى إسقاط الحكومة الحالية وتأليف حكومة وفاق وطني تقر قانوناً جديداً للانتخابات النيابية وتفتح الباب أمام حلول شاملة للأزمة السياسية والاقتصادية والامنية التي يمر بها لبنان، وسط توقعات بصدور بيان عن الرئيس نبيه بري وعن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في السياق نفسه. وهو التحرك الذي يقوم تحت شعار “قيام حكومة وحدة وطنية تمهد لإجراء انتخابات نيابية مبكرة”.
وبعد إعلان عون مباشرة، بدأت اللجان التنظيمية المعنية بتنظيم التحرك الذي سيتم وفق برنامج مدروس نقطة نقطة بحسب مرجع معني. وعقدت ليل امس اجتماعات اضافية قبل صدور بيان اليوم عن قوى المعارضة يعلن عن التحرك ويدعو اللبنانيين الى المشاركة فيها، مع تحديد للخطوة الاولى. كذلك باشرت قناة “المنار” ليل امس بث كليبات تتضمّن صورة العلم اللبناني مع كلمات لقادة تاريخيين من لبنان وعلى خلفية النشيد الوطني تحت شعار “نحن لبنان”.
وعدّد عون الأسباب الموجبة للتحرك الشعبي لإسقاط الحكومة، ومنها تعطيل رئاسة الجمهورية وتعطيل المجلس الدستوري والدستور والاستئثار بالسلطة. وقال ان هذه الحكومة فقدت شرعيتها الدستورية لخرقها الدستور. ورأى أن المجلس النيابي ليس المرجع الصالح حالياً لبت القضايا بسبب هيمنة الأكثرية عليه. وقال: «سننزل الى الشارع لأن الجهة الاخرى تجبرنا على ذلك، ونطلب من جميع اللبنانيين مساندتنا في حركة الاحتجاج السلمية».
وفيما تحدثت مصادر السلطة عن مسعى أخير سيقوم به السفير السعودي في لبنان السفير عبد العزيز خوجة اليوم، أعلن النائب سعد الحريري أننا «نمر اليوم في مرحلة صعبة، وهم بصراحة لا يريدون المحكمة الدولية، لأنهم حين قتلوا رفيق الحريري، أرادوا من وراء ذلك وضع يدهم على البلد. ولكننا لن نسمح لهم بذلك». وأكد «أن الحق معنا، ومهما فعلوا، يجب علينا ان نظهر أكبر قدر من الانضباط وعدم الانجرار الى أي مشكل او استفزاز مهما حاولوا ان يزرعوا الفتن في ما بيننا».
وقال مصدر وثيق الصلة بقيادة 14 آذار انه «مهما حصل فلن يتم الرضوخ لمطالب المعارضة بالثلث زائداً واحداً في حكومة وحدة وطنية مهما تكن وطأة التظاهرات والاعتصامات، وأنها تعتبر المحكمة الدولية خارج أي مساومة سياسية يقتضي أن تنحصر بأمرين متلازمين: انتخاب رئيس جديد للجمهورية لقاء حكومة وحدة وطنية لا تلحظ ثلثاً زائداً واحداً للمعارضة».
وكان الحريري قد التقى امس السفير السعودي بعدما كان استقبل السفير الإيراني محمد رضا شيباني بناءً لطلب رئيس الغالبية النيابية الذي طلب من طهران التدخل لإقناع حزب الله بعدم النزول الى الشارع والمساعدة على ترتيب لقاءات للحوار، وجدّد الحريري رغبته في عقد اجتماع مع السيد نصر الله.
وقال خوجة لـ“الأخبار” إن مساعيه اليوم ستكون حاسمة، وكرر دعوته “الجميع للعودة الى طاولة الحوار لأنه لا يؤمن بأن هناك أبواباً موصدة أمام الوصول الى حلول للأزمة القائمة وخصوصاً أن جميع الأطراف هم أبناء بلد واحد لا يمكن أحداً منهم أن يزايد على الآخر في محبته للبنان”. وكرر التأكيد ان “ليس لدى السعودية اي مبادرة، ولكنها تنصح اللبنانيين بأن يجلسوا بعضهم مع بعض ويتفقوا على ما فيه مصلحة بلدهم لأنهم الأدرى بهذه المصلحة”.
وقبل منتصف الليل أصدرت قوى 14 آذار بياناً دعت فيها أنصارها للاستعداد لمواجهة الانقلاب “الذي يعده النظام السوري والذي بدأ بإقدام رئيس الجمهورية الممدّد له خلافاً للدستور على بدء التحريض على العصيان المدني بدعوته الموظفين إلى التمرد على الشرعية اللبنانية وعلى الحكومة، وإقدام النظام السوري على إدخال فرق موت وتخريب جديدة الى لبنان في خرق فاضح للسيادة اللبنانية، وإقدام العماد ميشال عون في على توفير الغطاء السياسي للقتلة والمجرمين عن طريق اتهام وزيري الداخلية بالأصالة والوكالة حسن السبع وأحمد فتفت بجرائم الاغتيال وإيغاله في الدفاع عن إيران وتبرئتها من التدخل في الشؤون اللبنانية”.
الإجراءات الأمنية
ودعا قائد الجيش العماد ميشال سليمان العسكريين الى“البقاء على مسافة واحدة من الجميع والحفاظ على أمن المواطنين كافة بمن فيهم المعارضة والموالاة، وعدم التردد في التدخل لمنع الصدام بين الأفرقاء والتصدي بحزم لأي محاولة إخلال بالامن».
وانتشر المئات من الجنود والشرطة في بعض النقاط الحساسة في شوارع بيروت وضواحيها. ثم أعلن وزير الداخلية والبلديات حسن السبع «جهوزية القوى الامنية» مذكراً بقرار مجلس الوزراء الذي «سمح بالتظاهر شرط أن يتم وفقاً للقوانين بما يتطلب معرفة كل تفاصيل ما سيحدث خلال التظاهرات»، وقال إن «مخالفة الاصول الواجب اتباعها لتنظيم أي تحرك، قد تؤدي الى أحداث مخلة بالقوانين، وبالتالي فإن الجهة المنظمة لها تتحمل تبعة ما قد يحصل».
وقد حدد الجيش اللبناني مهمته وفق ما أبلغه قائده العماد ميشال سليمان إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في الاجتماع الأمني الاثنين الفائت، وهو أنه سيحمي المؤسسات الدستورية والمباني الحكومية، وفي الوقت نفسه المتظاهرين والمعتصمين وحقهم في التعبير. كذلك أبلغت القيادة أفرقاء النزاع أنها لن تسمح لأي طرف بإحداث شغب وافتعال الفوضى، وسيصار إلى اعتقاله وتوقيفه فوراً لدى شرطة الجيش. واللافت في موقف الجيش أن تدخّله لا يطاول فتح الطرق بالقوة إذا أقدم المتظاهرون والمعتصمون على إقفالها بنصب خيم أو التجمّع لتعطيل حركة التنقّل بين المناطق.
أما قوى الأمن الداخلي فقررت ألا تكون في مواجهة مباشرة مع المتظاهرين والمعتصمين، بل أن تتخذ الصف الخلفي وراء الجيش لأسباب تتصل باعتبارها منحازة الى فريق الغالبية. ورغم اتصالات التنسيق بينها وبين الجيش، ليس ثمة غرفة عمليات عسكرية مشتركة بل تنسيق لا يبلغ حدّ وضع قوى الأمن في إمرة الجيش اللبناني. في المقابل لم يتحمّس رئيس الحكومة لاقتراح كان قد ساقه إليه مسؤول أمني بإعلان حال الطوارئ في البلاد تفادياً لانعكاسات سياسية على قرار كهذا يضع قوى الأمن في إمرة الجيش، ويحدّ من دور السلطة التنفيذية وفاعلية تحرّك الغالبية من ضمنها.