اليوم تبدأ المنازلة الكبرى بين السلطة والمعارضة التي تستعد لحشد مئات الألوف من المواطنين من بيروت والمناطق، في وسط بيروت التجاري، مفتتحة اعتصاماً قالت قيادة المعارضة إنه سوف يستمر حتى إسقاط الحكومة، وهو الأمر الذي رد عليه فريق السلطة، على لسان الرئيس فؤاد السنيورة واصفاً التحرك بالانقلاب وداعياً اللبنانيين الى مواجهة ما يحصل، ورافضاً التنازل أمام جهات تريد الانقضاض على الشرعية.
وسعت السلطة الى الاستعانة بكل ما لديها من قيادات دينية وسياسية واقتصادية وإعلامية لحض الناس على عدم النزول الى الشارع، وسط تحركات شعبية لقوى السلطة في أحياء من بيروت وفي الشمال والبقاع الغربي، حيث لجأ بعض المتظاهرين الى إطلاق النار في الهواء ترحيباً بخطاب رئيس الحكومة المسائي، بينما وقعت صدامات في بعض شوارع العاصمة وتحديداً قرب منزل رئيس الحكومة في الحمرا. وانتشر رجال قوى الأمن الداخلي في محيط محلة الطريق الجديدة منعاً لوقوع صدامات مع متظاهرين قادمين من الضاحية الجنوبية.
في المقابل، استنفر حزب الله اكثر من خمسة آلاف عنصر انضباط كلفوا بمنع وصول المتظاهرين الى أمكنة تتيح صدامات مع مجموعات لبنانية أخرى، ومجموعة اخرى لمنع اقتراب المتظاهرين من المؤسسات الرسمية والحكومية، فيما أعد التيار الوطني الحر الآلاف من عناصره لتوفير الانضباط ايضاً ومنع أي احتكاك بين القادمين الى وسط بيروت وعناصر من “القوات اللبنانية” التي قالت قيادتها إنها طلبت منهم التزام المقار والمنازل وعدم التصادم مع أحد، علماً بأن الجيش اللبناني اتخذ إجراءات حازمة لمنع وقوع هذه الصدامات.
إلا أن الاعلانات المتتالية من جانب قيادات المعارضة للمشاركة في اعتصام اليوم، ترافقت مع الاجتماع الذي عقده الرئيس نبيه بري مع السفير السعودي عبد العزيز خوجة الذي قال بعد اللقاء “إن باب الحلول ما زال مفتوحاً”، مشيراً الى ان بري “يسعى مع زملائه وجميع الأفرقاء إلى إيجاد الحلول المناسبة للخروج من هذا المأزق الكبير”، وقال: “يجب إيجاد مخرج، لأنني لا أؤمن بالابواب المغلقة على الإطلاق، الجميع فيه يؤمن باستقرار لبنان والحفاظ على امنه واستقراره واقتصاده ومستقبله ويجب ان نجد الحلول على قاعدة اشتدي ازمة تنفرجي ومهما اشتدت الازمة فسوف تنفرج”.
وعلم أن تحرك الخوجة يستند الى اقتراح تأليف حكومة وحدة وطنية تأخذ المعارضة منها الثلث المعطل شرط التعهد بعدم استخدام حق الاستقالة وإقرار سريع للمحكمة الدولية، فيما تحدثت مصادر قريبة من السنيورة عن رفضه أي صيغة تعطل عمل الحكومة اللاحق وأن قوى 14 آذار تصر على حسم الملف الرئاسي اولاً.
تفكك أم ماذا؟
وبينما تحدثت مصادر مطلعة عن مفاجآت على مستوى مواقف بعض الوزراء أطلّ نائبا اللقاء الديموقراطي في منطقة بعبدا عبد الله فرحات وهنري حلو ونائبا الأكثرية النيابية عبد الله حنا وروبير غانم، معلنين القيام بتحرك من موقع «الحياد الإيجابي» والانطلاق في حوارات سياسية تتركز في الشارع المسيحي للوصول الى قواسم مشتركة حول رفض العنف في الشارع، ورفض الانقسام الشعبي المؤدي الى أعمال قد تقسم الحالة المسيحية أكثر مما هي مقسمة.
واللافت إعلان غانم أن النواب الأربعة يرون أن عدداً كبيراً من اللبنانيين لا يجدون أنفسهم في أي من الاصطفافين القائمين اليوم. واعتبروا أن صوتهم سيكون صوت هؤلاء اللبنانيين الذي يريد الجمع بين هذين الاصطفافين المتنافرين.
رسالة نصر الله
وبالعودة الى نهار امس الطويل، فكان قد بدأ بصدور بيان عن قوى المعارضة الوطنية يدعو الى تحرك عند الثالثة من بعد ظهر اليوم في وسط بيروت، ثم وجه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رسالة الى اللبنانيين “من مختلف المناطق والاتجاهات والتيارات والعقائد والاديان” ودعاهم الى “المشاركة في التحرك الشعبي السلمي الحضاري” للتخلص من “حكومة عاجزة وفاشلة”. وأضاف: “دعونا وندعو الى تشكيل حكومة وحدة وطنية إذا أردنا ان نحافظ على استقلال لبنان وسيادته وأن نمنع عنه أي وصاية خارجية وإذا أردنا تثبيت دعائم السلم الاهلي وأردنا معالجة جدية للأزمة الاقتصادية”. ورأى أن حكومة السنيورة الحالية هي مجرد “إطار قانوني لقرارات تأتي من خارجها”.
ومن جهته حمّل الرئيس إميل لحود “الأكثرية المؤقتة” مسؤولية الوصول بالوضع الى ما هو عليه من خلال إصرارها على عدم التجاوب مع الدعوات إلى تأليف حكومة وحدة وطنية، مضيفاً “إن هذه المعاندة غير المبررة اوصدت ابواب التوافق والحوار ودفعت بالمعارضة الى التحرك في الشارع”.
من جانبه رفض الرئيس السنيورة “التهديدات والمناورات والإنذارات” وقال: “لم تردعنا التهديدات ولن ترهبنا المناورات والانذارات”. وخاطب اللبنانيين قائلاً: “أقول باسمكم وباسم الدستور لا طريقة لإسقاط الحكومة إلا من خلال مجلس النواب، وكل ما عدا ذلك باطل وقبض الريح وخروج عن الدستور وانقلاب بدأنا نتصدى له”. وهاجم المعارضة قائلاً: “البعض لم يرَ أمامه إلا الهجوم على الحكومة وكان هاجسه الأول السلطة أياً كانت الوسيلة للوصول إليها” وختم داعياً اللبنانيين الى رفع العلم اللبناني على شرفات منازلهم.
ومن جهته علق النائب سعد الحريري على تحرك المعارضة فوصفه بأنه “الترجمة اللبنانية لقرار الرئيس السوري بشار الأسد القيام بالانقلاب السياسي في لبنان” ورفض “الطرح غير الواقعي لحكومة الوحدة الوطنية التي يتذرعون بها لكي يدخلوا إليها حلفاء سوريا وحلفاء قتلة الرئيس الحريري”. ورأى “ان محاولة تعطيل المحكمة الدولية هي إثبات على أنهم يدافعون عن المجرمين”. وقال: “نحن سنكمل المعركة لتثبيت المحكمة وإقرارها في المجلس النيابي ومن ثم ترسل الى مجلس الامن”.