الثاني من تشرين الأول” بات يوماً تاريخياً يضاف الى ذاكرة الأيام التي ستؤرخ صفحات جديدة من السيادة اللبنانية، فبعد 39 عاماً على غياب الشرعية والجيش عن أرض الجنوب والحدود مع اسرائيل، وبعد 24 ساعة على انسحاب الجيش الإسرائيلي من كل الجنوب ما عدا القسم اللبناني من بلدة الغجر، رفع قائد الجيش العماد ميشال سليمان العلم اللبناني فوق تلة اللبونة الحدودية المتاخمة لرأس الناقورة، وأطلق منها امر اليوم الذي دعا فيه العسكريين الى التصدي للاعتداءات والخروق الإسرائيلية، وكل من تسوّل له نفسه العبث بالأمن. وقال سليمان إن انتشار الجيش في الجنوب تجاوز المراهنين على قدراته وبرهن أن لا شيء مستحيل، مشدّداً على مناهضة الإرهاب والتعصب بأشكالهما المختلفة.في غضون ذلك، اجتمع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود وناقش موضوع انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، ورأى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ذلك إنجازاً ما كان ليتحقق “من دون التضحيات الكبيرة والمؤلمة التي قدمها اللبنانيون شعباً وحكومة ومقاومة” وأشار الى أن قضية الغجر ستحل قريباً. وأكّد المجلس “ضرورة التطبيق الكامل للقرار 1701” وتطرق إلى مسألة مقاضاة اسرائيل ففوّض إلى وزير العدل شارل رزق دراسة واختيار الطرق القانونية الكفيلة بذلك. وفي معرض النقاش، لفت لحود الى ضرورة إنشاء محكمة دولية جنائية خاصة وإدخالها ضمن الخيارات المطروحة، لكن رزق ابدى تخوفاً من امكان لجوء الولايات المتحدة الى استعمال حق النقض. فردّ لحود بضرورة ابقاء خيار المحكمة الدولية الجنائية وارداً ولتستعمل اميركا “الفيتو” ليعرف العالم انحيازها الى جانب اسرائيل وعرقلتها قرار مقاضاتها.
وأثار الوزيران نايلة معوض ومروان حمادة موقف لحود من الرئيس الفرنسي جاك شيراك سعياً الى اصدار موقف من مجلس الوزراء يتعارض مع موقف رئيس الجمهورية، الا أن لحود اوضح أنه دافع عن موقع الرئاسة ولم يتكلم باسم الحكومة، “لأن شيراك اتخذ هذا الموقف السلبي مني لاعتبارات شخصية” ورأى أن شيراك اساء للبنان وكرامته وموقع الرئاسة.
وكان لحود قد دعا لدى وصوله الى مقر المجلس، الى قيام حكومة وحدة وطنية تضم الجميع ومنهم العماد ميشال عون والنائب ايلي سكاف والنائبان السابقان سليمان فرنجية وطلال ارسلان، فيما رد السنيورة عقب الجلسة على هذه المطالبة بـ“تغيير الاسطوانة”.
من جهة ثانية، أنهى مجلس الأمن المركزي امس مفاعيل القرار 2403، وبات القرار الجديد في عهدة السنيورة، بعدما كرس توصيات القادة الأمنيين في اجتماعهم السبت الماضي. ولم يبق من القرار الا اسم اللجنة الفنية لتنفيذ الربط ورئيسها العميد منير عقل، والتي توسعت لتضم ممثلين عن جهازين أضيفا الى خريطة الربط هما الجمارك ومديرية المخابرات.
وفي قراءة المعنيين لـ“الأخبار” أن اجتماع أمس تجنب البحث في “المحظورات” التي رسمها المدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني، ولم يبحث في موضوع ضم دائرتي الجوازات والأجانب اللتين كانتا في اساس المشكلة التي فجرت الخلاف بين الداخلية والمديرية، وانحصر الربط بحركة الدخول والخروج عند الحدود ونزلاء الفنادق، وهما اللذان كان يجري تبادلهما عبر اللوائح الاسمية بين الأجهزة باستثناء مكتب المعلومات في قوى الأمن الداخلي.
وفي المعلومات الرسمية أن الربط على شبكة “الأون لاين” سيتم بين كل من مديريات قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، امن الدولة ومديرية المخابرات في الجيش وما بينها وكل من “المديرية العامة للجمارك، الأحوال الشخصية، الشؤون السياسية واللاجئين، مكتب التحريات ـــ نشرة الأشخاص والآليات والتقرير الجنائي اليومي في قوى الأمن، هيئة ادارة السير والآليات والمركبات، دائرة الهوية والنفوس، وأخيراً حركة الدخول والخروج عبر الحدود ونزلاء الفنادق في الأمن العام.
وقال احد المشاركين في اللقاء لـ“الأخبار” إن حواراً ساخناً دار بين فتفت وجزيني عندما رد الثاني على كلام لفتفت اعتبره تبنياً لقرار قادة الأجهزة الذين تبنوا طرح جزيني في الفصل بين ما يمكن تبادله من معلومات وأخرى سرية لا يمكن وضعها على الشبكة المباشرة، فردّ جزيني بالتأكيد أن مقترحاته هي التي تم البت بها. وأضاف أن ممثلي مديرية المخابرات غابوا عن اللقاء لوجودهم في تلة اللبونة الى جانب قائد الجيش، لكن كل ما اتفق عليه في حضورهم السبت الماضي قد أقرّ.