ملفّان يشغلان بال الجميع في لبنان والمعنيين به من حولنا وفي العالم أيضاً، الحوار الداخلي المقطوع وسط مناخات معركة سياسية حادة مقبلة على البلاد، و“المفاجأة غير السارة” التي صدرت أمس عن القوة الدولية العاملة في الجنوب، والتي تلخصت في إعلانها قواعد اشتباك تقودها الى حق استخدام القوة خارج إطار الدفاع عن النفس.وإذا كان الملف الثاني سيترك أسئلة وانعكاسات ستظهر خلال الساعات المقبلة، فإن احتمال وصول وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الى لبنان اليوم ظلّ محلّ تداول على نطاق ضيق برغم رفض جهات كثيرة تأكيد الأمر أو نفيه. إلا أن الملف الأول فرض نفسه على حوارات كثيرة بين محتلف القوى السياسية التي تترقب اليوم حدثاً لافتاً يتصل بالخطاب الذي سيلقيه الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ فيصل المولوي في إفطار للجماعة غروب اليوم والذي سيعكس مناخاً مستجداً في الوسط السياسي والشعبي لأكثر طوائف لبنان حراكاً منذ سنتين حتى الآن.
لكن الملفات الداخلية الساخنة كانت أمس مدار بحث في اجتماع عقده رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب سعد الحريري في عين التينة، تضمن مراجعة لأمور كثيرة مرت بها البلاد في الآونة الأخيرة. وإمكانية تحريك الحوار المقطوع بين قوى الأكثرية الحاكمة والمعارضة الماضية نحو معركة تغيير الحكومة.
وعلمت “الأخبار” أن رئيس المجلس يعبّر في هذه الفترة عن ضيقه من الأجواء السائدة في البلاد وهو يدرس مثل بقية الأقطاب الخيارات المتاحة لمعالجة الموضوعات الخلافية، ويلفت الانتباه الى أن من غير الممكن أن تستمر الأكثرية في سياستها الحالية وأن ملف التغيير الحكومي الى جانب الملف الرئاسي وما يخص الوضع المأزوم في البلاد يتطلب علاجات خاصة. وسأل بري أمام زواره: إذا تعذر الحوار وتعذر تغيير الحكومة وتعذر التوافق على الرئيس المقبل فمن يضمن سير الأمور بالطريقة المثلى إلا إذا لجأنا أخيراً الى علاج شامل عبر إقدام المجلس النيابي على حل نفسه”.
ولفت بري أمام زواره إلى أنه سوف يقوم بكل ما بوسعه لأجل استئناف الحوار بين الجميع، وأنه يجد ضرورة لقيام الأطراف العربية المعنية بدور مركزي في هذا الأمر بما في ذلك السير نحو تحسين العلاقات بين لبنان وسوريا.
من جانبه، قال قائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع أمس أمام زواره إنه “لا يخشى اندلاع اقتتال بين اللبنانيين بقدر ما يخشى اغتيالات كبيرة قد تستهدف بعض المسؤولين من القيادات الحزبية، ومن حصول تفجير أمني كبير”. ورداً على أسئلة حول التوازن المفقود في الدولة قال جعجع “ان السبب يتصل بغياب فاعلية رئاسة الجمهورية وما فيك تعمل شي بلا رئيس جمهورية”.
القوة الدولية: قرار جديد
في هذه الأثناء، أعلنت قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) ان قواعد الاشتباك التي تنفذ بموجبها مهمتها في تطبيق وقف العمليات العسكرية في جنوب لبنان تتيح لها استخدام القوة للتأكد من عدم استخدام مناطق عملياتها “لنشاطات عسكرية” اي ليس مجرد الدفاع عن النفس، من دون أن توضح كيفية القيام بذلك.
وقالت القوة في بيان لها امس “تطبيقاً لمهمتهم يمكن لجميع العاملين في يونيفيل ممارسة حقهم الثابت في الدفاع عن النفس، وبالاضافة الى ذلك، فإن استخدام القوة لغير الدفاع عن النفس يمكن ان يطبق للتأكد من عدم استخدام منطقة عمليات يونيفيل لنشاطات عسكرية”.
وكان مسؤولون في قوة يونيفيل قد أوضحوا في وقت سابق ان القرار 1701 “ينص بوضوح على ان مهمة القوة لا تقوم على تجريد حزب الله من سلاحه ولا البحث عن الأسلحة، وإنما منع نقلها” في مناطق انتشار القوة.
وقال البيان ان “الجيش اللبناني سيقوم بالتحرك اللازم في حال تلقي معلومات محددة تتعلق بنقل اسلحة او معدات غير مصرح بها. ومع ذلك، إذا لم يكن الجيش اللبناني في وضع يؤهله القيام بذلك، ستقوم قوة يونيفيل بكل ما يلزم لتطبيق مهمتها طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701”، دون مزيد من التوضيح.
وأضاف بيان القوة الدولية أن مهمتها تقوم كذلك على “التصدي لأي محاولات تتم باستخدام القوة لمنع يونيفيل من القيام بواجباتها بموجب تفويض مجلس الامن الدولي، وحماية موظفي الأمم المتحدة ومبانيها وتجهيزاتها ومعداتها”.
وتعليقاً على بيان الأمم المتحدة المتعلق بقواعد الاشتباك التي تحدد قواعد فك الاشتباك، أوضح مصدر رسمي لبناني لـ«الأخبار» ان لا علم للجيش اللبناني بهذا الموقف الذي صدر في نيويورك ووزّع عبر الانترنت، وحتى الاعلان عنه مساءً في بيروت، لم تكن الوحدات التي تتألف منها القوة الدولية في الجنوب، بحسب معلومات الجيش، قد تبلغت مضمون البيان.
وإذ رأى المصدر ان لا علاقة للجيش اللبناني بالبيان، أوضح ان علاقة الجيش بالقوة الدولية ينظمها ما يتفقان عليه، فيما يشير البيان الصادر في نيويورك الى مسألة تتصل بتنظيم العلاقة في ما بين وحدات القوة الدولية حصراً، وهي تالياً المعنية باتخاذ موقف منه.
وأما المصادر العسكرية اللبنانية المأذون لها، فأعلنت ان قيادة الجيش تدرس البيان لاتخاذ الموقف المناسب، وان “الكلام على الدفاع عن النفس امر مشروع في المفهوم العسكري ولكن ما يدعو للاستغراب هو الحديث عن قواعد اشتباك وان السيادة على الارض اللبنانية حق للجيش اللبناني وحده ولا يشاركه فيه احد”.
السنيورة وسولانا
وفي بيان صدر امس عن مكتبه نفى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ما نقل عن لسان مفوض الاتحاد الاوروبي للسياسة الخارجية خافيير سولانا من ان السنيورة طلب ارسال بعثة امنية اوروبية للعمل على اعادة هيكلة الجيش والمساعدة على ضبط القانون والانتشار على الحدود. وقال السنيورة انه ليس هناك اي اساس لهذا الكلام وانه لم يطلب هذا الامر من سولانا. وقال البيان ان اتصالاً جرى امس بين رئيس الحكومة والمسؤول الاوروبي الذي نفى علمه بما نشرته وكالة الصحافة الفرنسية.