لا وصل لما انقطع حتى الآن. ومحاولات رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتحريك المياه الراكدة في بركة الحوار لا تزال في مراحلها الأولى، وهو قال أمس لـ“الأخبار” إنه يريد أولاً كسر الصورة القاسية القائمة في وسائل الإعلام والتمهيد لإطلاق الحوار. وهو ما فعله مع النائب سعد الحريري، وسوف يعمل على استكماله مع الآخرين، علماً بأن البحث المركزي يتصل أولاً وأخيراً بالمبادرات الأساسية. ويبدو أن ما فهمه الرئيس بري من النائب الحريري حول الموضوع الحكومي أن فريق الأكثرية “لا يزال عند موقفه وهو يرفض تغيير الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية”.إلا أن بري يحضّر بقوة الآن لزيارة مرتقبة له قريباً الى السعودية وإلى دول عربية أخرى. وهي الزيارة التي يراها مقدمة ضرورية لأجل المساعدة على إيجاد حلول داخلية وعلى تسوية الأمور بين السعودية وسوريا، لما لها من انعكاسات على الوضع في لبنان. وقد لفت الرئيس بري أمام زواره الى أن النقاش المبكر حول الملف الرئاسي يتعلق أولاً بغياب التفاهم على الخيارات الرئيسية في هذا المجال. وقال بري بلغة حازمة: “ان استمرار الخلافات قد لا يسمح بانعقاد المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد، لأنه لا يمكن عقد جلسة الانتخاب إلا إذا حضرها ثلثا أعضاء المجلس وهو أمر سيكون متعذراً في حالة غياب التوافق”.
ومع أن المساعي مستمرة لترتيب الأمور بين تيار “المستقبل” وبين حزب الله، إلا أنه ليس هناك أي إشارة إلى خطوات قريبة في هذا الاتجاه، ولا سيما أن التعثر مستمر في البرنامج الإعماري لما هدمته الحرب من جهة، والمواقف المتصلبة من جانب الأكثرية في الملف الحكومي وغيره من الملفات الأخرى”.
من جانبه، وفي تعليق على اقتراح بري بأن يعمد مجلس النواب الى حل نفسه في حال تعذر الحوار والتغيير الحكومي وبت الملف الرئاسي بغية إخراج الوضع الداخلي من مأزقه، قال رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون لـ«الأخبار» إنه يؤيد الاقتراح، ويرى فيه «مخرجاً لفريق الغالبية الذي يعتقد أنه يملك الشارع والشعبية. وأنا أدعو أيضاً الدكتور سمير جعجع الى الموافقة على هذا الاقتراح حتى يكون امتحاناً جديداً للصفة التمثيلية الحقيقية للأفرقاء جميعاً». وإذ رأى عون أن الظروف الحالية “لا تتيح معاودة الحوار الوطني، وأن الخيار الوحيد المطلوب هو إجراء تغيير حكومي يمكّن الحكومة الجديدة الأوسع تمثيلاً من أن تواجه الاستحقاقات المقبلة”، كرر موقفه من عدم البحث في الوقت الحاضر في انتخابات رئاسة الجمهورية «لأن ثمة استحقاقات أخرى تتقدمها». إلا أنه لاحظ أن تشبّث رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ببقائها كما هي، وكذلك فريق الغالبية، «يجعل المشكلة أكثر تعقيداً وتحرك المعارضة أكثر دينامية لدفع الوضع الداخلي في منحى أكثر توازناً».
لكنه أكد، خلافاً لما يشيعه البعض، أنه ليس حليفاً للرئيس اميل لحود، ولديه مآخذ على أدائه السياسي و“صحيح أنني جمدت البحث في انتخاب خلف له في مؤتمر الحوار الوطني، لكن ليس تمسكاً بالرئيس الحالي وتأييداً له أو تحالفاً معه، بل للحؤول دون انتخاب رئيس جديد يقع تحت سيطرة تيار المستقبل وحلفائه فيخضع لهم ويحيلونه ألعوبة في أيديهم، بينما المطلوب رئيس لمواصفات مناقضة تماماً لما تقول به الغالبية».
وكشف عون عن لقاء جمعه قبل أسبوع بشخصية قريبة من رئيس الجمهورية حمّلها رسالة الى لحود تنصحه بأن يدعو الى انتخابات نيابية مبكرة، تأتي بعدها خطوة الرئيس في التنحي في ضوء إجراء هذه الانتخابات. ويعتقد «الجنرال» أن هذه الفكرة لقيت صدى لدى لحود الذي استعجل في الأيام الأخيرة إجراء انتخابات نيابية مبكرة. وتالياً يرى عون أن «المخرج المناسب لخروج الجميع من تصلبهم وشروطهم المتبادلة هو إجراء الانتخابات النيابية المبكرة».
القوة الدولية
من جهة ثانية، تولت جهات ديبلوماسية غربية في بيروت إجراء اتصالات لأجل احتواء الموقف من البيان الذي صدر أمس الأول عن القوة الدولية في الجنوب والذي أشار الى إمكانية استخدام القوة منها في حالات لا تتصل فقط بالدفاع عن النفس.
وقال مصدر عسكري لبناني مأذون له لـ“الأخبار” إن البيان الصادر عن القوة الدولية العاملة في الجنوب أول من أمس أعطي أكبر من حجمه، وخصوصاً في ما يتعلق بالقوة التي تتحدث عن “قواعد الاشتباك” التي تتيح استخدام القوة، مؤكداً أن البيان لا يخرج عن إطار القرار 1701، ولذلك لا داعي للقلق.
وأوضح المصدر أن قيادة الجيش درست البيان بعناية، وتبين لها أن المقصود بقواعد الاشتباك وفقاً للتعبير العسكري الوارد يعني “شروط فتح النار” في مفهوم الجيش اللبناني، لافتاً الى ما ورد بعد ذلك من ربط مسألة قواعد الاشتباك بمؤازرة الجيش اللبناني إذا وجد نفسه غير قادر على القيام بالتحرك المناسب حين تتوافر لديه معلومات عن حركة أسلحة أو معدات غير مرخص لها، ما يعني أن أي اشتباك أو فتح النار في حال حصوله ومشاركة القوة الدولية فيه انما يتم بطلب من الجيش اللبناني وحده.
وأوضح المصدر أن ما تعنيه عبارة “حركة أسلحة” هو السلاح الظاهر لا السلاح المخبأ وفي ذلك دليل آخر على التزام القوات الدولية بالقرار المذكور.
وأعلن المصدر ان قيادتي الجيش والقوات الدولية بصدد الاعداد لاتفاق مكتوب بين الطرفين يوضح جميع المسائل المشار اليها ويشدد على ان اي تحرك ستقوم به هذه القوات سيكون بالتنسيق الكامل مع الجيش من منطلق انه وحده صاحب السيادة على الاراضي اللبنانية.
من جهة ثانية وصلت الى مطار بيروت امس عن طريق مطار عمان طائرة عسكرية اميركية تقل وفداً عسكرياً يضم خمسة من كبار الضباط الأميركيين الملحقين بسفارات الولايات المتحدة في المنطقة، وكان في استقبالهم الملحق العسكري الأميركي في السفارة الاميركية في بيروت. وسوف يعمل الوفد على استقصاء حاجات الجيش اللبناني من العتاد والسلاح لتطوير قدراته العسكرية وفق المهمات الواسعة له على كامل الأراضي اللبنانية والمنطقة الأمنية في الجنوب.