سقطت الدول الكبرى أمس في تداعيات سياسة ازدواجية المعايير التي قيدت النظام القانوني العالمي وألغت مبادئ العدل والانصاف، فاجتمعت في مجلس الأمن الدولي في نيويورك لتصدر بياناً غير ملزم ومرناً تجاه برنامج كوريا الشمالية النووي المعلن للتسلح، من دون أي ذكر لعقوبات، قبل أن تتداعى، خلال ساعات، على الضفة الثانية من الأطلسي في العاصمة البريطانية لندن، لتبحث الملف النووي الإيراني وكيفية التصدي لبرنامج طهران النووي «السلمي» بشتى الوسائل، بما فيه العقوبات.فقد كشفت القوى الكبرى، وخاصة المتحمسة لفرض عقوبات على طهران، عدم التزامها بالآليات الموضوعية لحلّ المشاكل في العالم، فاجتمع وزراء خارجيتها في لندن، على أمل أميركي للتوصل الى توافق على عقوبات تعارضها موسكو وبكين. إلا أن تلك المعارضة، مع الحزم الإيراني النووي والمرادف للديبلوماسية المستمرة، شكّلا حدوداً للموقف الذي صدر عن الاجتماع الذي اكتفى بالإعراب عن «خيبة الأمل» من إيران، رغم أن واشنطن كانت قد استبقت الاجتماع بالقول إنه لن يكون هناك وقت لاتخاذ أي قرار بخصوص فرض عقوبات، متذرعة بتأخر وصول وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس نتيجة عطل فني في طائرتها العسكرية التي أقلّتها من بغداد الى قاعدة «انجرليك» الأميركية في تركيا، قبل أن تستقلّ طائرة أخرى الى العاصمة البريطانية.
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية، مارغريت بيكيت، في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع الذي جمعها مع وزراء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، «نشعر بخيبة أمل شديدة لأن (منسق السياسات الأوروبي خافيير) سولانا اضطرّ لرفع تقرير يفيد بأن إيران غير مستعدة لتعليق الأنشطة المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة كما طلب مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكما نص قرار مجلس الأمن رقم 1696». وأضافت «سنتشاور الآن وفقاً لذلك القرار في شأن تدابير بموجب المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.» واستدركت «هذا لا يعني تدابير عسكرية، بل يعني تدابير أخرى بإمكانها أن تشكل ضغطاً على إيران لجلبها الى طاولة المفاوضات».
وأشارت بيكيت الى أنه «في فيينا، قلنا إن ثمة طريقين ممكنين. ونأسف لأن إيران لم تختر الطريق الأفضل. سنواصل جهودنا لإيجاد حل تفاوضي، وما زالت مقترحاتنا التي قدمناها في الأول من حزيران (الماضي) مطروحة».
وكان سولانا قد أعلن، في باريس في وقت سابق أمس، أن باب التفاوض مع إيران في شأن ملفها النووي «سيظل مفتوحاً دائماً» حتى وإن «حان الوقت» لتقرر القوى الكبرى ما اذا كانت ستحيل الأمر الى مجلس الأمن.
ورأى وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي، في لندن أمس، أن على المجتمع الدولي أن يتحلى «بالحزم و«الوحدة» في إطار الملف النووي الإيراني.
وقال دوست بلازي «أمام الرد السلبي الإيراني على المقترحات، التي كنا تقدمنا بها في شهر حزيران، ينبغي أن نتحلى في الوقت نفسه بالحزم وإنما أيضاً بوحدة كل المجتمع الدولي»، فيما أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية، في وقت سابق، أن اجتماع لندن لن ينتهي بـ«قرارات كبيرة».
إلا أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إن روسيا والصين اتفقتا على أنه «من غير المقبول كلياً» التهديد باستخدام القوة ضد إيران، وإن الحديث عن مواعيد نهائية سيأتي بنتائج عكسية.
ورأى لافروف أن العقوبات الأميركية أحادية الجانب على إيران تخرج عن إطار اتفاقات السداسي (روسيا والولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا).
ونقلت وكالة «نوفوستي» عن الوزير الروسي قوله ان «هذه الخطوة تعقّد عملنا بشكل كبير، ولكننا سنبذل كل ما في وسعنا من أجل الحفاظ على العمل الجماعي للسداسي، بهدف إعداد الظروف المناسبة للمحادثات (مع إيران)».
كما نقلت وكالة أنباء «أنترفاكس» الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر الكسييف، قوله أمس، إن «ايران دولة إقليمية كبيرة تؤثر بشكل كبير على هذه المنطقة الواسعة والمضطربة، وإن التوجه اليها بالإنذارات ومحاولة حشرها في الزاوية سيعطي نتائج عكسية».
(رويترز، أ ف ب، أ ب)