زياد الرحباني
أدمنت لا شعورياً في منتصف الثمانينات حضور الرئيس أمين الجميل وخطاباته وتصريحاته خاصةً تصريحه الشهير في الولايات المتحـدة والذي هدَّدَ فيه بـ "قصف دمشـــق إذا إضطّرَ"، وظللـــت على هذه الحــــال حتى أُبعِدَ الرئيس عن لبـنان. وأعترف بأنني عانيت ومَرَّت علَيَّ أيــام كالحــة (أي مُرَّة ومُعَتَّقة) وما كان شيء وُصِفَ لي يُغنيني عَنهُ، وأعترفُ أني رُحتُ أتدهور معنويًا حتى أني عاقرتُ الخمور وبتهوّر متصاعد الى أن عاد! فأستشعرتُ أن جسدي سيعود حتماً الى إستقراره السابق وذلك تباعاً مع كل كلمة سيتفوه بها الرئيس. لكن المفاجأة المؤلمة كانت أنه لم يكن له عليَّ المفعول نفسهُ، ربما أنا تغيرت؟ فهو لم يتغير، بالعكس! راجعتُ الأطباء وأجمعوا على أن جسمي إعتادَه فلم يَعُد ينفعني مهما صَرَّحَ أو قال، حتى ولو قصف دمشق. فسألتهم: ما العمل؟ وصفوا لي بيار أمين الجميل، مرة واحدة في اليوم. وبدأت العلاج وها أنا أحاول بكل إنتظام. من الواضح حتى الآن أن عوارضه الجانبية لا تُحصى وأهمّها أنه أيضا وزير الصناعة. حلمت به قبل يومين وقد استدعي الى واشنطن لإدارة شركات "جنرال الكتريك" فغادر اقليم المتن الشمالي على عجل، هو المشهود له باطلاعه العميق على العلاقة المركّبة بين "الكمية والنوعية"، وكيف أنهُ، وفي أسابيع معدودة، تمكن بدهائه من رفع مستوى صرف ليرتنا الوطنية إلى 1500 دولار لليرة الواحدة... فإعتقل فوراً.