عيـد يُعيـد اسـتجواب موقـوفين بملفـات تعـود إلى شـهادتي زهيـر الصدّيـق وهسـام هسـام
عود على بدء!
هذه هي حال التحقيق اللبناني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. والتوقيفات التي جرت من يوم صدور توصيات الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس، لا تزال سارية المفعول بالنسبة للقضاء اللبناني، بخلاف ما ابلغه بها صراحة الرئيس الجديد سيرج براميرتس من ان اللجنة لا يحق لها إصدار أي توصية وان ملف التوقيف او اطلاق السراح امر من اختصاص السلطات القضائية اللبنانية حصرياً.
وفي ضوء التقرير الاخير للجنة التحقيق الذي سيسبق تقريراً متوقعاً قبل نهاية السنة الحالية، قرر قاضي التحقيق العدلي الياس عيد تحريك ملف التحقيقات مع الضباط الموقوفين الأربعة، وهو استعاد ملفات التحقيق كلها، في ضوء ما رفعته لجنة التحقيق الدولية أخيراً إلى القضاء اللبناني من إفادات تخص بعض الشهود وبعض المعلومات التي تعود الى فترة سابقة.
ومع ان عيد سبق ان وعد وكلاء الموقوفين الاربعة وعائلاتهم بأنه سيعمد الى حسم الأمر غداة صدور التقرير الاخير لبراميرتز، الا انه عاد وأكد انه في انتظار وصوله التقييم النهائي من جانب اللجنة نفسها لإفادات الشهود ولا سيما الشاهدين محمد زهير الصديق الموجود في فرنسا وهسام هسام الموجود في سوريا. علماً بأن عيد قال صراحة إنه لا يستطيع الحكم على إفادة الشاهد الصديق إلا بعد مقابلته وان الدولة الفرنسية لم تقبل بعد بطلب لبنان استرداده كما لم يحصل ترتيب جلسات تحقيق مع الصديق في فرنسا نفسها.
ومع ذلك فإن عيد استمع أول من امس الى المدير السابق لقوى الامن الداخلي اللواء علي الحاج، وأعاد عليه الاسئلة نفسها التي سبق ان طرحها عليها يوم اوقفه وسأله اسئلة عن اجتماعات قيل إنه شارك فيها في إحدى الشقق في الضاحية الجنوبية في بيروت وفي دمشق ايضاً، وسأله عن عدد من الاشخاص من جنسيات لبنانية وغير لبنانية ومدى معرفته بهم، كما سأله من جديد عن ظروف التعامل مع مسرح الجريمة ومن الذي قرر نقل سيارات موكب الرئيس الشهيد إلى ثكنة الحلو وحقيقة أن جهة ما طلبت إليه اتخاذ الإجراءات لإعادة فتح الطريق التي قطعت بفعل الانفجار.
لكن الجديد في التحقيقات مع الحاج ومع غيره هو المتعلق بوجود إفادات من شاهد جديد تقول لجنة التحقيق الدولية إنها قابلته في إحدى الدول الاوروبية وانه قدم معلومات عن مشاركة مسؤولين أمنيين لبنانيين وسوريين في الإعداد لجريمة اغتيال الرئيس الحريري. وقد أرسلت اللجنة قبل بعض الوقت بملف الشاهد المذكور الى القاضي عيد الذي باشر التحقيقات في شأن ما أدلى به.
من هو الشاهد وما هي قصته؟
عبد الباسط أحمد بني عودة. مواليد بلدة طمون (الضفة الغربية) وكان يعيش داخل أراضي الـ48 ويحمل اوراقاً ثبوتية اسرائيلية. سبق له ان دخل لبنان خلسة عبر الحدود الجنوبية بعد تحرير الجنوب عام 2000. وسلم نفسه الى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مدعياً أمامها انه هرب من اسرائيل التي تلاحقه بتهمة التعامل مع السلطة الفلسطينية، وانه يريد من هربه الى لبنان الحصول على فرصة للسفر الى دولة اخرى. ولكن حصل ان اوقف لمدة من الوقت قبل ان يتم الحصول له على سمة دخول الى السويد بواسطة مكتب اللاجئين في الأمم المتحدة، فسافر إليها حيث أقام هناك، بعد ان استحصل على جواز سفر باسم آخر هو انطونيوس بني عودة.
وبني عودة هذا ادعى أمام لجنة التحقيق أنه خلال فترة توقيفه لدى الأمن العام اللبناني حصل معه ما يجعله يوجه الاتهام إلى عدد من المسؤولين اللبنانيين بالتورط في جريمة الاغتيال. وتبيّن لاحقاً أن هذا الرجل جمع معلومات كثيرة عن أسماء لشخصيات لبنانية من مستويات امنية وسياسية وروحية ولشخصيات غير لبنانية ايضاً، وأنه سبق له ان تزوج في اسرائيل اللبنانية ندى رزق وهي مغنية سبق ان رفعت عليها دعوى التعامل مع العدو، كما اظهرت التحقيقات اللاحقة مع بني عودة نفسه انه كان على صلة مع الاجهزة الاسرائيلية بما فيها “الموساد”.
ويبدو ان ملف بني عودة المذكور مليء بالفضائح اضافة الى ما عمل عليه في الفترة نفسها وفي وقت لاحق مع عناصر امنية لبنانية سبق ان سهلت له اموره حتى وهو داخل السجن في لبنان. عدا عن انه لعب دوراً آخر خلال وجوده في الخارج، وظل على صلة بالملف اللبناني حتى أيام العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان.
وتفيد التقارير التي جُمعت عن الرجل والتي تسلمّت لجنة التحقيق كما القضاء اللبناني نسخاً منها، ان هناك خللاً كبيراً في صدقية هذا الرجل وأن إفادته قد تدل على أمور اخرى غير ما قاله، الأمر الذي لم تتضح صورته النهائية بعد. علماً بأن الايام القليلة المقبلة سوف تكشف عن المزيد من التفاصيل عنه وعن مجريات التحقيق اللبناني والدولي.