حسمت واشنطن خيارات الأزمة الداخلية الفلسطينية، وبدأت إعداد العدّة لانتخابات مبكرة، رصدت لها 42 مليون دولار لدعم خصوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فيما أخذت مصر والأردن على عاتقهما تبنّي “مبادرة” مع الاتحاد الأوروبي لتسويق بنود ترفضها “حماس”.وقال مسؤولون أميركيون أمس إن الولايات المتحدة بدأت بهدوء حملة من المقدر أن تصل تكلفتها إلى 42 مليون دولار لتدعيم خصوم «حماس» قبيل انتخابات فلسطينية مبكرة محتملة.
وتتضمن الخطة، التي تقضي بتشجيع بدائل لـ«حماس»، تقديم أموال للمساعدة على إعادة هيكلة حركة «فتح»، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتقديم التدريب والمشورة الاستراتيجية لساسة وأحزاب علمانية يعارضون الإسلاميين في «حماس».
وجاء في مذكرة رسمية أميركية، حصلت «رويترز» على نسخة منها، أن «المشروع يدعم هدف توفير بدائل ديموقراطية للبدائل السياسية الشمولية أو الإسلامية المتشددة».
ويقول مسؤولون ومستشارون أميركيون إن الخطة تنفذ من دون ضجة لحماية الفلسطينيين الذين يتلقّون مساعدة أميركية. وقال أحد المتعاقدين، الذين يعملون مع «فتح» لحساب وزارة الخارجية الأميركية، «لا نعمل من خلال إعلانات تلفت الانتباه إلينا».
كما ستستخدم الأموال الأميركية لتشجيع جماعات «المراقبة» والصحافيين المحليين على مراقبة أنشطة «حماس»، بينما سيخصص ما يصل إلى خمسة ملايين دولار لمدارس فلسطينية خاصة تقدم نظاماً تعليمياً بديلاً لنظام التعليم العام، الذي تسيطر عليه «حماس».
ووصف القيادي في «حماس» وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني، فتحي حماد، الأموال الأميركية بأنها «جزء من مؤامرة» لإسقاط حكومة «حماس». وقال إنه «تحدّ تدركه الحركة وستواجهه».
وقال المعهد الديموقراطي القومي، ومقره الولايات المتحدة، إنه بدأ أخيراً إجراء محادثات مع زعماء من «فتح» وأحزاب أخرى حول كيفية تحسين أدائها في أي انتخابات. وقال مايكل ميرفي، الذي يدير عمليات المعهد في الضفة الغربية وغزة، إن التركيز ينصبّ حتى الآن على الإصلاح الحزبي الداخلي، ولكن ذلك البرنامج الذي ينفذ بتعاون وثيق مع وزارة الخارجية الأميركية، سيبحث أيضاً سبل مساعدة «فتح» وغيرها على توصيل رسالتها إلى الناخبين.
ويقول المتعاقدون الأميركيون والمحللون السياسيون الفلسطينيون إنه يمكن لـ «فتح» أن تتعلم من الاستراتيجية الانتخابية لـ«حماس» بترشيح عدد أقل من المرشحين في كل دائرة، وكذلك بتكليف نساء بالدعاية الانتخابية في المنازل، باعتبار أنهنّ قادرات على دخول بيوت العائلات الأكثر محافظة.
وقال «الملتقى الفكري العربي» إن واشنطن اتصلت به قبل شهرين، لكنه رفض قبول أموال مخصصة لبرنامج يستهدف إقصاء سياسيي «حماس». وقال المدير العام للملتقى، عبد الرحمن أبو عرفة، «لا يمكننا أن نكون في موقف يقضي بعدم الاعتراف بحكومة انتخبها الشعب.. ومن ثم لن نتلقى أي أموال أميركية».
في هذا الوقت، قالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ“الأخبار”، إن مبادرة مصرية أردنية أوروبية، كشفت عنها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أول من أمس، تدعو إلى “تحديد موعد لإعلان دولة فلسطينية مستقلة على أرض الواقع. وتسعى أيضاً لإقناع الإسرائيليين والفلسطينيين ببناء الثقة تدريجاً من خلال خطوات صغيرة”.
وتشدد المبادرة، التي اطّلعت “الأخبار” على فحواها، على أن “نهاية الصراع العربي الصهيوني لن تتم إلا من خلال تسوية شاملة تعتمد على القرارات السابقة للأمم المتحدة وعلى أساس مبدأ الأرض مقابل السلام”. كما تشدد على ضرورة عودة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي إلى طاولة المفاوضات على “أسس تضمن حقوق الشعب الفلسطيني واحترام قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”. وتسعى المبادرة إلى تأليف حكومة وحدة فلسطينية تكون قادرة على تحمل أعباء المرحلة وتساعد الجانب الفلسطيني على أن يكون “شريكًا قويّاً وفاعلاً في عملية السلام”.
لكن مصادر دبلوماسية عربية قالت، لـ“الأخبار”، إن ما تضمنته هذه المبادرة “لم يأت بجديد باعتبار أنه تجاهل حقيقة الوضع السياسي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وحقيقة أن حركة حماس تتمتع بثقة الناخب الفلسطيني، الذي جاء بها إلى السلطة في انتخابات نزيهة أشادت بها الولايات المتحدة نفسها من قبل”.
(رويترز، الأخبار)