حـزب اللـه ينتقــد الحكومــة: النظــام الأمني الجديــد يتحمّــل مســؤولية الفــوضى والقـلـق
كلما اقترب العيد اشتدت العاصفة السياسية. ويبدو أن الانقسام يسير نحو ذروته بأسرع من المحاولات الحثيثة لاستئناف الحوار بقصد نتائج جديدة. وبين مواقف الأقطاب المتنافسين محلياً، ينتقل البحث في جانب منه إلى الخارج حيث يجري النائب سعد الحريري اليوم محادثات مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك في باريس التي يصل إليها أيضاً النائب وليد جنبلاط. وفيما شن قياديون من حزب الله حملة هي الأعنف ضد الحكومة، مطالبين بتغييرها، قال رئيس الهيئة التنفيذية في “القوات اللبنانية” سمير جعجع لـ“الأخبار” إن قوى 14 آذار لن تقبل بإسقاط الحكومة بالقوة.
وأعلن جعجع في حوار مع «الأخبار»، في الأرز، إصراره على أن يخرج الرئيس الجديد للجمهورية من قوى 14 آذار، وأن لا مجال للمساومة في انتخاب رئيس ليس من صفوف 14 آذار، لأن اختيار «رئيس توافقي، لا من 14 آذار ولا من 8 آذار يعني انتخاب رئيس لا لون له ولا طعم، ويضع رئاسة الجمهورية في الفراغ مجدداً». وإذ أكد أنه غير مرشح لهذا المنصب، عازياً ذلك الى أسباب شخصية وأخرى داخلية تتصل باهتمامه بـ«القوات اللبنانية» كحزب وإعادة بنائها، قال: «كما كانت لسعد الحريري أسبابه في ألا يكون رئيساً للحكومة الحالية، فإن لي أسبابي في عدم الترشّح لرئاسة الجمهورية». لكنه لاحظ أن «التموضع الاستراتيجي» للعماد ميشال عون وتحالفاته الحالية تقطع الطريق على أي تأييد لترشيحه من «القوات اللبنانية» وقوى 14 آذار.
وأوضح أن انضمام عون الى أي حكومة لا يفقد الشركاء المسيحيين في قوى 14 آذار مواقعهم كما يعتقد البعض. ولاحظ أن المطالبة بتأليف حكومة اتحاد وطني لا تقتصر على هدف تعطيل تأليف المحكمة الدولية. لكنه كشف عن معلومات يملكها وحلفاءه تشير الى وجود محاولات لدى البعض الذي يطالب بحكومة اتحاد وطني، وهو أنه يحضّر لـ«معركة شعبية غير بريئة ولإحداث شغب».
وقال جعجع إنه لا أحد يستطيع إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بالقوة و«إن قوى 14 آذار لن تسمح لهم بإسقاطها». وأضاف: «أتمنى ألا يلعبوا هذه اللعبة، وألا ينسوا أن لدينا نحن أيضاً قواعد شعبية في 14 آذار 2005 و14 شباط 2006 وفي قداس حريصا، وأن الجيش اللبناني وقوى الأمن لن يقفا مكتوفي الأيدي حيال أي إخلال بالأمن».
ووصف تحالفه مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بأنه «استراتيجي وجدّي وعميق، وله أهدافه العملية». وقال: «يتبادر الى ذهني وأنا أسمع تصريحات وليد جنبلاط وكأن بيار الجميل الجدّ هو مَن يتكلّم لا وليد جنبلاط»، مشيراً الى تماه كبير في المواقف بين الأخير و«القوات اللبنانية». وشدّد على أن الواقع الموضوعي الناشئ عن القرار 1701 في جنوب لبنان يحتّم على «حزب الله» الاعتقاد بأن لا مبررات لتمسّكه بسلاحه بعد اليوم، مرجّحاً حلاً لمزارع شبعا خلال أشهر، وجازماً بسقوط الخيار العسكري للحزب في الجنوب (راجع ص4 و5).
حزب الله
وقالت مصادر مطلعة على موقف “حزب الله” لـ“الأخبار” إن الأمور ماضية الى التصعيد لأن كل الأبواب ما تزال موصدة ولم يفتح أي منها بعد، وكل ما يحكى عن لقاءات واتصالات بين الأمين العام لـ“حزب الله” السيد حسن نصر الله ورئيس كتلة “المستقبل” النائب سعد الحريري “مبالغ فيه وهدفه إضفاء جو تفاؤلي، كما لم يحصل أي تفاهم مباشر أو غير مباشر على أي شيء”.
ولفتت هذه المصادر الى أن «الفريق الآخر» هو الذي يروّج عن اتصالات ولقاءات مزعومة «لأنه يشعر بأن يده تحت البلاطة». وأضافت أن الآفاق تبقى مسدودة إذا لم تظهر نيات لتأليف حكومة تمثل كل الأفرقاء الذين لديهم حيثية شعبية مثل العماد ميشال عون، وتؤمن الشراكة الكاملة وتشكل ضماناً في شأن القرارات الوطنية المصيرية.
وكشفت المصادر أن المناخ العام السائد لدى قيادة حزب الله هو “أن النظام الأمني الجديد الذي يتشكل من خلال مواقع نفوذ الاكثرية يتحمل المسؤولية الكاملة عن حال التسيّب وعدم ضبط الحوادث التي تثير القلق وطريقة هذه المجموعات التي تكشف عن عدم فهم للساحة اللبنانية وتعكس الكيدية والبرمجة التحليلية للوضع الأمني في لبنان وفق أجندة أجنبية”.
وذكرت المصادر نفسها أن الاتصالات الجارية حتى الآن بين المعارضة والأكثرية لم تتجاوز الاتصالات المحدودة التي تركز على تطويق توترات حاصلة على الأرض، وهي تتم بين مسؤولين ميدانيين لا سياسيين. وقالت «إن الأكثرية لم تطرح أي جدول أعمال لما ترغب فيه من لقاءات مع قيادة حزب الله، لكنها توحي بأنها حاضرة للنقاش في كل القضايا المطروحة بغية تنفيس الأجواء المحتقنة. ولكن لا كلام إلا بعد رمضان».
التشكيلات القضائية
من جهة أخرى، أعلن مجلس القضاء الأعلى أن ما صدر عنه من مشروع التشكيلات بات نهائياً. وأعلن هذا الموقف بعد اجتماع عقده رئيس المجلس القاضي انطوان خير مع البطريرك الماروني نصر الله صفير، ونقل عنه “دعمه لوزير العدل شارل رزق ولرئيس مجلس القضاء وأعضائه” كما نقل عنه رفضه استخدام الطائفة المارونية في التجاذبات السياسية. لكن اللافت أن البيان الذي وزع عن مكتب صفير لم يشر مطلقاً الى هذه المعلومات، بل خالفها بقوله إن صفير أبلغ خير أنه غير معني بهذا الملف ولا يتدخل في شؤون القضاء.