حـزب اللـه يصعّـد هجـومه على الحكومـة و «كاميـرات المراقبـة» أرضيّـة لا فضائيّـة
لا الجبهة الداخلية هادئة أو باعثة على الاطمئنان، ولا الوضع في المنطقة الحدودية الجنوبية يبعث على الارتياح.
فالوضع الداخلي مرشح لأن يشهد مزيداً من التصعيد في انتظار “عيدية” الرئيس نبيه بري. أما الوضع في الجنوب فمرشّح هو الآخر لأن يشهد مزيداً من الأخذ والرد. في ضوء إعلان الجنرال ألان بيلّيغريني قائد قوة الأمم المتحدة “اليونيفيل” أن تبدل المنظمة الدولية قواعد مهماتها بحيث يتاح لها استخدام القوة لمنع انتهاك الطيران الإسرائيلي للأجواء اللبنانية.
إلى ذلك، تلقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مساء أمس، اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، تم خلاله استعراض الخطوات التنفيذية للقرار 1701. وأكد أنان للسنيورة «بذل كل الجهود خلال الفترة الباقية من ولايته لتحريك موضوع مزارع شبعا وإثارته حسبما يطالب بذلك لبنان».
وقد تزامن إقتراح بلليغريني مع موقف أعلنه رئيس الجمهورية العماد إميل لحود عبر “الأخبار” وقال فيه “إن إسرائيل لم تنفذ القرار 1701 حتى الآن، وتمانع الانتقال الى حالة وقف النار على رغم مرور أكثر من شهرين على صدور القرار، وخروقها البرية والجوية مستمرة لخلق أمر واقع لن نقبل به، والجيش اللبناني سيواجه هذه الخروق. أما بالنسبة الى المجال الجوي اللبناني، فإننا لا نفهم الطرح الفرنسي لمنع الطيران الإسرائيلي من التحليق فيه ولا نقبله. الحل الأمثل والأسهل والوحيد يكون بالضغط على إسرائيل لوقف خروقها الجوية. وغير هذا الحل لا أرى أي حلول أخرى، وكل الصيغ التي ترّوج لا تتعدى كونها بالونات اختبار لمعرفة ردود الفعل عليها”.
أضاف لحود: “ما يجري اليوم بشأن هذه المسألة، يذكرني بما جرى عام 2000 عندما كنا نتفاوض مع الأمم المتحدة للانسحاب الإسرائيلي من الجنوب. يومئذ، عرض علينا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد تيري رود لارسن، الإتيان بحاملة الطائرات الفرنسية “فوش” لترسو في صور ويتولى الفرنسيون حماية المسيحيين في الجنوب بحجة أنهم سيتعرضون للانتقام، على أن تتولى قوات تنتمي الى دول أخرى حماية بقية الطوائف. يومذاك رفضت رفضاً قاطعاً عرض لارسن وقلت له لينسحب الإسرائيليون ولن تحصل ضربة كف واحدة بين الأهالي. وغداة الانسحاب زرت الجنوب والتقيت الأهالي، ولم يحصل أي حادث انتقامي. اليوم نعود الى سماع الرغبة ذاتها في نغمة مختلفة. وموقفنا لن يتغير. لن نقبل بأن نستبدل الخرق الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، بطيران من فرنسا أو من أي جنسية أخرى لأن هذا الأمر مرتبط بالسيادة اللبنانية التي تكون واحدة في البر والبحر والجو، أو لا تكون”.
تطورات مقلقة
وتناول لحود الوضع الداخلي الموغل في التأزم فكرر دعوته الى تأليف حكومة وحدة وطنية محذراً من أنه إذا لم يتم التجاوب مع دعوته هذه فقد يتحول الشارع “ميدان مواجهة عوضاً عن مجلس الوزراء”. وقال: “إن التطورات المتسارعة في المنطقة تقلقني كثيراً، والخوف يكبر من حصول تغيير ديموغرافي في عدد منها، ولم يفاجئني كلام الأمين العام لجامعة الدول العربية بشأن هذا الموضوع ولا سيما أني أشاطره هذين الخوف والقلق. لذلك كانت دعوتي دائماً اللبنانيين الى موقف واحد متضامن. وأدعو أيضاً الأكثرية الى عدم المكابرة والتصرف مثل النعامة التي تدفن رأسها في الرمال من خلال التمسك بمواقف لم يعد البلد يستطيع تحملها، ولا الأكثرية قادرة على فرضها. وأقول للجميع إنه اذا سقط الهيكل ـــ لا سمح الله ـــ فسيسقط على الجميع من دون استثناء. لذلك دعوت الى الحوار والى تأليف حكومة وحدة وطنية تناقش كل المواضيع على طاولة مجلس الوزراء حيث تتخذ القرارات، واذا لم يتم التجاوب مع هذه الدعوة، فأنا أخشى أن يكون الشارع ميدان المواجهة عوضاً عن مجلس الوزراء”.
حزب الله
وفي موقف جديد له دعا حزب الله بلسان نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم من سماهم «جماعة 14 شباط» قائلاً: “عليكم أن تختاروا بين أمرين: إما لبنان السيد الحر المستقل، وإما لبنان تحت الوصاية الأميركية الاجنبية، عليكم أن تختاروا إما لبنان الوطن بجميع أبنائه، وإما بوابة المصالح الفئوية والطائفية، عليكم أن تختاروا إما لبنان الدولة القوية القادرة العادلة وإما لبنان المزرعة والقوى الأمنية المحسوبة والبعيدة عن العمل من أجل مصلحة الوطن» واضاف: “نحن في حزب الله اخترنا لبنان السيد الحر المستقل بجميع أبنائه المسلمين والمسيحيين، ولبنان الدولة القوية القادرة العادلة، ونحن في انتظار أن تحسموا خياركم».
وعن احتمال انسحاب وزراء «حزب الله» من الحكومة اكد وزير الطاقة محمد فنيش «ان هذا مرتبط بكيفية التفاهم وبتلبية مطلب وطني عام هو حكومة وحدة وطنية، أما ما هي الاجراءات التي سنتخذها فهذا أمر يقر في حينه. كل ما هو متاح بالوسائل القانونية والدستورية يمكن اعتماده، وإذا كنا نريد التفاهم سياسياً، فأي إصلاح لا يمكن الا ان يرتكز على تفاهم ووفاق سياسي، وهذه تجربة اصبح عمرها سنين في البلد، وبالتالي فإن من لا يقبل بالتفاهم السياسي، يكون هو من لا يريد ان ينجح مؤتمر دعم لبنان». وأشار الى ان «الحوار بمعنى ان يكون هناك تواصل بين الفئات السياسية موجود وقائم. أما طاولة الحوار التي قامت في السابق فلم تعد الظروف الموضوعية بعد العدوان الاسرائيلي الاخير مناسبة لعقد مثل هذا النوع من الحوار».
وعن التواصل بين قيادة «حزب الله» وكل من النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري قال فنيش: «لا مشكلة تواصل مع النائب سعد الحريري، ربما نتيجة العدوان حصل انقطاع، ولكن في المبدأ لا انقطاع. ومع النائب وليد جنبلاط، هناك مشكلة اتصال لا تزال قائمة».
توافق... “على الكاميرات”
وأمس توافق الرئيسان لحود وفؤاد السنيورة على تمرير مشروع “كاميرات المراقبة” بواسطة الألياف البصرية حيث هي متوافرة في سنترالات الهاتف في نطاق بيروت الكبرى على عكس المشروع الذي حمله وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت الى المجلس بواسطة الأقمار الصناعية، الأمر الذي دفعه الى تسجيل اعتراضه على المشروع، كما تم التوافق على وضع آلية جديدة للتعيينات الإدارية على مستوى الفئة الأولى وتقضي بوضع لائحة بالمواقع حسب توزعها الطائفي والمذهبي قبل الاتفاق على الأسماء (راجع ص 2).
وفي الوقت الذي تجاهل فيه الرئيسان ملف التشكيلات القضائية في خلوتهما فاجأ تصريح النائب بطرس حرب الأوساط القريبة من رئيس الجمهورية وخصوصاً دعوته وزير العدل إلى حمل المرسوم الخاص بالتشكيلات القضائية الى مجلس الوزراء لإقراره إذا ما رفض رئيس الجمهورية توقيعه.
وقالت هذه الأوساط إن هذا الكلام يعد «هرطقة دستورية» ومسّاً بصلاحيات رئيس الجمهورية، فالمراسيم العادية لا تطرح على المجلس. وأضافت: ليست هناك اية مهلة ملزمة للرئيس لحود لإصداره لأنه مرسوم عادي، ومهلة الـ15 يوماً لا تنطبق إلا على القوانين التي يقرها مجلس الوزراء، كما أن رأي مجلس القضاء الأعلى لا يلزم إلا وزير العدل، وان اي توافق بين الرئيسين لحود والسنيورة يبدل الكثير في المرسوم، والتجارب السابقة واضحة ومنها المرسوم الخاص بقيادة قوى الأمن الداخلي الذي صدر معدلاً بعد تغيير اسم قائد الدرك في حينه.