السـنيورة وجعجـع يرحبـان بشـروط وعـون وحـزب اللـه يدعمـان «الفرصـة الأخيـرة» للحـل
بين الصدمة والمفاجأة جاءت «عيدية» الرئيس نبيه بري بحجم الاحتقان القائم وانسداد الأفق السياسي وانقطاع التواصل. وكل ما فعله رئيس المجلس إيجاد مخرج لأزمة الحوار بابتداعه صيغة جديدة تقوم على قاعدة التشاور كي لا تلزم أحداً بموقف لا يريده، ومختصرة للبنود الكثيرة المقترحة من كل الأطراف للبحث في أمرين يدلان على مكان الاشتباك الفعلي القائم، فجاءت دعوته قيادات الحوار الوطني الى اجتماعات تشاورية مفتوحة لأسبوعين فقط، ابتداءً من الاثنين المقبل، من أجل البت بأمرَي حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخابات. ولم يفت بري تحذير كل من يعنيه الأمر بأن المبادرة تعدّ بديلاً وحيداً وأخيراً عن مواجهة محتومة في الشارع.
ومع أن المبادرة لم تحظ بترحيب حقيقي من جانب فريق الأكثرية التي تداعت الى اجتماع تشاوري قريباً للبت في الموقف النهائي، علمت «الأخبار» أن مشاروات حصلت على مستوى حزب الله والتيار الوطني الحر انتهت الى الترحيب بالمبادرة واعتبارها «فرصة جدية وأخيرة للحل». علماً بأن المعارضة لم تعتبر المبادرة «الأمل المرتجى» على حد وصف أحد أقطابها. إلا أن من المتوقّع أن تتفاعل ردود الفعل أكثر فأكثر اليوم وغداً. لكن ما ظهر كان له وقعه عند رئيس المجلس نفسه. وهو أبلغ «الأخبار» رداً على مطالبة البعض بتوسيع جدول الأعمال وتحديد المهلة بأسبوعين فقط بالقول: «لو وضعنا بند رئاسة الجمهورية على جدول الأعمال هل كنا سنصل الى نتيجة غير التي وصلنا إليها على طاولة الحوار. ثم إن مهلة الأسبوعين هي لبت أمرين لا يحتاجان الى أكثر من ذلك. ومن يرفض المبادرة فلينزل الى الشارع، فهل هذا هو الحل الأفضل»؟ ووصف بري اجتماعه مساء أمس بالنائب وليد جنبلاط بـ«الجيد مع رجل يفهم ما يحصل عندنا وعند غيرنا وهو يضعهم جميعاً في جيبه الصغير».
وكان بري قد دعا في مؤتمر صحافي أركان هيئة الحوار الوطني الى طاولة تشاور لمدة 15 يوماً ابتداءً من الاثنين المقبل، تبحث في موضوعين اثنين هما حكومة الوحدة الوطنية «التي هي عنوان الشقاق اليوم» والقانون الجديد للانتخابات «لجهة تحديد ماهية الدائرة الانتخابية وماهية النظام الانتخابي، أكثري أم نسبي أم الاثنان معاً» في ضوء ما أنجزته اللجنة المختصة برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس، وتمنى بري تلبية مبادرته «بدل النزول الى الشارع أو الشوارع المتباينة ولا أريد القول الشوارع المتقابلة، آخذاً في الاعتبار حق السيد نصر الله في أن يتمثل، إذا ارتأى، بمن يرتئيه لمقتضيات أمنية. وأعلن بري أن أي أمر يتم الاتفاق عليه يصار الى وضعه موضع التنفيذ حتى لو تأخر بت أمر آخر أو تعذّر».
ولاحقاً أوجز بري خلفية طرحه بالقول: «كان المتوقع أن تشهد البلاد اليوم تظاهرات وتحركات في الشارع لأن الاستعدادات والتحضيرات لما بعد هدنة رمضان كانت جارية على قدم وساق، وتلقيت معلومات عن تظاهرات كانت ستجري بعد العيد وسيرد عليها بتظاهرات مضادة. لذا تعمدت يوم زارني رئيس الوزراء الإيطالي الإعلان عن العيدية وذلك من أجل وقف الاندفاعة نحو الشارع». وحذر من أنه إذا لم يحصل تفاهم على طاولة التشاور «فإن الناس سينزلون الى الشارع» معتبراً مبادرته هذه «محاولة أخيرة للإنقاذ»، وقال: «اللهم إني بلَّغت».
ويضيف: «بالنسبة الى قانون الانتخاب كانت المآخذ دائماً، وخصوصاً من الفريق المسيحي، أنه يصدر قبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات، لكن الإسراع في بت هذا الموضوع على طاولة التشاور لا يعني بالضرورة ربطه بالانتخابات المبكرة». أما بالنسبة إلى وضع الحكومة فقال بري: «ليس بالضرورة تغييرها» أضاف: «لماذا لا يزاد عدد أعضاء الحكومة ليصبح 30 وزيراً؟ وأيّد تضمين البيان الوزاري الجديد «كل النقاط والمواضيع التي اتفقنا عليها على طاولة الحوار من المحكمة ذات الطابع الدولي الى موضوع السلاح الفلسطيني والعلاقة مع سوريا وتبادل البعثات الديبلوماسية وصولاً الى مزارع شبعا». ويختم بري قائلاً: «بصراحة أنا خائف جداً من الوضع الاقتصادي والمالي».
ردود الفعل
ولاقت مبادرة بري ردود فعل متنوعة راوحت بين مرحب ومتحفظ ومتريّث في الرد عليها في انتظار درسها واستكشاف أبعادها وخلفياتها.
فرئيس الحكومة فؤاد السنيورة الموجود في الغردقة على البحر الأحمر رحب لكنه اقترح «تأكيد الاتفاقات التي جرى التوصل إليها في الحوار الوطني السابق، والبحث في المعوقات التي حالت دون تنفيذها واعتبار العدوان الإسرائيلي على لبنان موضوعاً رئيسياً بين موضوعات الحوار التشاوري للبحث في نتائجه وآثاره ودروسه والتأسيس في التشاور على برنامج النقاط السبع التي أجمع عليها مجلس الوزراء واللبنانيون بما يخدم قضية التوافق الوطني وتعزيز قيام الدولة اللبنانية وحسن اضطلاعها بالمهمات والأعباء الملقاة على عاتقها ومتابعة البحث في أزمة الحكم في البلاد، باعتبار هذا الموضوع مدخلاً ضرورياً لتجاوز الاستقطاب السياسي وترجيح علاقات التوازن والتلاقي الوطني على القواسم المشتركة والتاريخية للبنان شعباً ودولة ونظاماً ومؤسسات دستورية».
أما رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي زار بري مساءً فأعلن أنه سيتشاور مع فريق 14 آذار الذي ينتمي إليه تمهيداً لإعداد «الجواب النهائي»، بينما رأى قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن المبادرة «أظهرت كأن هناك انتصاراً لفريق على آخر»، وأعلن أنه فوجئ بهذه المبادرة، لكنه رأى أن التشاور يجب أن يبدأ بـ«الأحداث الخطيرة التي حصلت في تموز» الماضي معتبراً أنه يجب البدء برئاسة الجمهورية والاستراتيجية الدفاعية. ولفت الى أن قوى 14 آذار لن تجيب عن المبادرة قبل الأحد المقبل.
ووصف الرئيس أمين الجميل المبادرة بأنها «مهمة جداً» وقال: «نحن متضامنون دائماً معه في المبادرات الوطنية التي يطلقها». ورأى أن القراءة الأولى للمبادرة تظهر أن طرح بري «في محله... ولكن هناك قضايا معينة ينبغي التوقف عندها، ولا سيما انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لأننا اعترفنا على طاولة الحوار بأن هناك أزمة حكم».
وأعلن التكتل الطرابلسي برئاسة الوزير محمد الصفدي انه متمسك بما اتفق عليه في جلسات الحوار السابقة واقترح أن يتضمن جدول الأعمال التشاوري القضايا الباقية من جدول طاولة الحوار السابقة. كما أيد النائب بطرس حرب المبادرة معتبراً أن الموضوعين المحددين لها قابلان للبحث، ودعا الى «التوافق على حكومة وفاق وطني قبل صرف الحكومة الحالية».
من جهته وصف عضو كتلة التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان المبادرة بأنها «جدية» مشيراً الى أن الكتلة ستحدد موقفها من المشاركة اليوم.
وفيما أعلن الرئيس سليم الحص أن عيدية بري ستتبعها عيدية جديدة إذا لم يتفق المتشاورون وذلك «لتفادي اللجوء الى الشارع».
أما «اللقاء الوطني» فقد رحب بمبادرة بري على لسان عدد من أركانه الذين وصفوها بأنها «دعوة ذكية ذات أبعاد استراتيجية» واعتبروها «فرصة أخيرة لقوى 14 شباط فإما أن يقر الموضوعان اللذان حددهما بري على طاولة التشاور وإمّا سيقران في الشارع». لكن الرئيس عمر كرامي قارب هذه المبادرة على أنها «فالج لا تعالج».