فجرت مجموعة الملاحظات التي أبداها رئيس الجمهورية العماد إميل لحود أمس على مسوّدة مشروع تأسيس المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومشروع الاتفاق المشترك في شأنها بين لبنان والأمم المتحدة، الاحتقان الذي كان سائداً حولهما على خلفية ردود الفعل التي استدرجتها هذه الملاحظات وكان أبرزها تلك التي عبّر عنها رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط اثر اجتماعه بوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، ووزيرا العدل والاتصالات شارل رزق ومروان حمادة.فقد أبدى الرئيس لحود أمس ملاحظات وتحفظات على مسوّدة نظام المحكمة الخاصة، معتبرا أنه يعود إليه كرئيس للبلاد حسب الدستور، التفاوض مع الأمم المتحدة في شأنها. وقال في بيان اصدره “ان المادة 52 من الدستور تنص على ان “يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة” على ألا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء وعلى ان تطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة” (ملاحظات لحود على الصفحة 6).
وفي واشنطن دعا جنبلاط، وهو يقف الى جانب رايس، إلى إنشاء هذه المحكمة الدولية وقال “اذا ما اعترض احد على هذه المحكمة الدولية، فهذا يعني انه يحاول تغطية هذه الجريمة”. وأضاف “إذا لم يكن لحود وحلفاء سوريا في لبنان يريدون هذه المحكمة الدولية، فإن هذه المسألة ستصبح خطيرة”، مذكراً بأن إنشاء محكمة خاصة هو جزء من اربع نقاط تم الاتفاق عليها في مؤتمر الحوار الوطني.
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك أن رايس ترغب في “التعبير عن دعمنا الكامل لتطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن اغتيال الحريري. وتريد أن تكون لديها فكرة عن الوضع الميداني”.
من جانبه قال الوزير رزق رداً على ما صدر عن بعبدا “لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة، حتى لو توافقا، يستطيعان أن يقررا إبرام معاهدة دولية من دون موافقة مجلس الوزراء”، بعدما كان مكتبه قد أصدر بياناً قال فيه “إن هذين المستندين لا يتعديان كونهما مسوّدتين مؤقتتين” وان وزارة العدل “لا تزال تنتظر تلقي النص النهائي لمشروعي نظام المحكمة والاتفاقية باللغات الثلاث الرسمية (العربية والفرنسية والإنكليزية) من الأمم المتحدة”.
لكن الحملة الأعنف جاءت من الوزير حمادة الذي قال: “متى كان المشتبه به حكماً في اختيار المحكمة التي سيمثل أمامها؟ (...) متى كان المشتبه به، أو بالأحرى القاتل، مقتبساً للنصوص والإجراءات والاصول القانونية التي تناسبه في سياق المحاكمة”. ووصف هذه الملاحظات بأنها “محاولة جديدة لبشار الأسد عبر الرئيس الممدّد له قسراً لتعطيل أو تأخير المحكمة الدولية الخاصة”. وقال “إن الثلاثين صفحة ونيفاً الصادرة عن إميل لحود تحولت الآن إضبارة اتهام في حقه وحق أولياء أمره ورفاق دربه، لا بد على أساسها من العودة الى طرح موضوع أزمة الحكم، أي أزمة رئاسة الجمهورية المفتوحة منذ أيلول 2004، في رأس أولويات أي حوار أو تشاور مرتقب”.
ولاحقاً رد الرئيس لحود عبر مكتبه فقال إن العبارات التي استعملها الوزير حمادة “لا يمكن أن تمر من دون التوقّف عندها ولا سيما أنها عبارات يُعاقب عليها القانون من جهة وتنمّ عن حقد من جهة ثانية، في حين أن المطلوب في هذه المرحلة التخفيف من تأجيج الصراعات والاهتمام بحاجات الناس وموارد عيشهم بدلاً من الانصراف إلى ما يخدم المصالح الشخصية وإعداد المشاريع المشبوهة للسيطرة على موارد الدولة، وكان آخرها محاولة تمرير الهيئة الناظمة للاتصالات التي تهدف إلى وضع اليد على قطاع الهاتف الخلوي”. وقال إن حمادة “يعرف أنه خلال تسلّمه مهمّات وزارية، سواء في وزارتي الاقتصاد والصحة سابقاً أو في وزارة الاتصالات حالياً، تكوّنت ملفّات كثيرة عن مخالفات وممارسات وسرقات تُضاف إلى سلسلة “المآثر” المُرتكبة في ملف المهجّرين المُثقل هو أيضاً بإضبارات الاتهام التي سيحين حتماً أوان فتحها (...) اضافة الى حملات التجنّي والافتراء والاتهامات الباطلة التي يطلقونها والتي تندرج في سياقها العلاقة التي قامت ولا تزال بين الوزير حمادة ومحمد زهير الصديّق “الشاهد الملك” في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي يتولّى من مقر إقامته في باريس إطلاق الأكاذيب والأضاليل التي تجد لدى الوزير حمادة والفريق الذي ينتمي إليه من يتولّى ترويجها وتعميمها في بيروت”.