strong>محادثـات ميشـال في بيـروت: صيغـة المحكمـة الدوليـة تحتـاج إلى جلسـات عمـل أخـرى
يوم طويل تتبَّع اللبنانيون تطوراته. مروحة أحداث بدأت بزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مروراً باعتصام النواب في ساحة النجمة، واجتماعات عمل عقدها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية نيكولا ميشال حاملاً معه مسوّدة المحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وصولاً إلى اجتماع أركان 14 آذار في البريستول وزيارة وزير الخارجية الألماني فرانك ولتر شتاينماير وفك الحصار الإسرائيلي عن لبنان السادسة مساءً بهبوط طائرة تابعة لطيران الشرق الأوسط، حلقت فوق مجلس النواب والسرايا الحكومية إيذاناً برفع الحصار، في خطوة تزامنت مع إعلان شركات الطائرات العربية والدولية تسيير رحلاتها إلى لبنان.
وفي ظل إعلان إسرائيل استمرار الحصار البحري إلى حين وصول قوات دولية إلى المياه الإقليمية اللبنانية لمراقبتها ومنع تهريب أسلحة إلى «حزب الله»، قال مصدر رسمي رفيع لـ«الأخبار» إن استمرار الحصار البحري لن يتعدى 48 ساعة في انتظار وصول القوات الفرنسية والإيطالية التي ستنتشر في المياه الإقليمية ريثما تصل القوات الألمانية المولجة هذه المهمة.
وتقاطعت تطورات الساعات الأخيرة لتفتح دفعة واحدة ملفات نتائج العدوان الإسرائيلي الأخير. وعكست ذلك حرارة الاهتمام الدولي بلبنان، بأن وضع رفع الحصار موضع التنفيذ في الموعد المضروب، وإن جزئياً، فإذا بما حصل في الساعات الأخيرة ثمار قطفها المسؤولون عبر مخاطبة رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة اللبنانيين، داعين إياهم إلى فتح صفحة ما بعد أحداث 12 تموز.
أنهى بري اعتصام البرلمان في يومه السادس مع رفع الحصار مساء، بقوله إنه كان نهاية فصل مؤلم، لكنه ليس الأخير، من فصول الحرب الإسرائيلية على لبنان.
بدوره، عزا السنيورة رفع الحصار إلى مساعٍ مضنية بذلها لبنان، مشيراً إلى أن الخلاص من الحصار لم يكن ليحصل لولا وحدة اللبنانيين ووقفتهم الشجاعة وصبرهم. ورأى أن السيادة لا تزال منتقصة.
لافروف وشتاينماير
وكان وزير الخارجية الروسي قد زار بيروت أمس لبضع ساعات قبل أن ينتقل إلى سوريا وإسرائيل. وخلافاً للمسؤولين الأميركيين والفرنسيين والأمين العام للأمم المتحدة وموفديه الذين يقاطعون رئيس الجمهورية إميل لحود، اجتمع لافروف بلحود وبري والسنيورة في إطار مهمة تهدف إلى «استكشاف طريقة الوصول إلى السلام في الشرق الأوسط»، مؤكداً عزم بلاده على بذل جهود حثيثة لتحريك عملية السلام.
وعلمت «الأخبار» من مصادر اطلعت على المحادثات، أن لافروف شدد على إعادة انطلاق عملية السلام في حال حصولها، وعلى ضرورة أن تشمل المسارات الثلاثة دونما استثناء. وأشار إلى أن موسكو ستقوم بدور إيجابي عند مناقشة الموضوع في مجلس الأمن.
وفيما نوّه بموقف لبنان و«حزب الله» من القرار 1701، طالب بإطلاق الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى الحزب، من دون أن يأتي على ذكر المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية. كما أعلن استعداد حكومته للتحقيق في ما أعلنته واشنطن ونائب رئيس الحكومة الإسرائيلية شمعون بيريز عن استخدام «حزب الله» أسلحة روسية إذا ما توافرت الدلائل الواضحة على ذلك.
أما الوزير الألماني فزار بري والسنيورة في حضور وزراء، وأكد ان حكومته ستقوم بكل ما هو مطلوب منها في تقديم المساعدة في موضوع مراقبة المياه الاقليمية، آملاً وقفاً ثابتاً وطويلاً للنار يؤدي في نهاية المطاف الى الدخول في عملية سلام شامل.
قوى 14 آذار
وفي خطوة رمت الى ان تكون مكملة للنداء السابع لمجلس الاساقفة الموارنة الاربعاء الماضي، اجتمعت قوى 14 آذار في حضور أقطابها وأصدرت بياناً هاجمت فيه بعنف إسرائيل «بعدوانيتها ووحشيتها وحقدها تجاه لبنان»، واعتبرت، في انتقاد غير مباشر الى حزب الله، ان «اي سلاح لا ينضوي في اطار الدولة اللبنانية لا يشكل قوة ردع للعدوان الاسرائيلي، ولم يمنع اسرائيل من شن عدوانها على لبنان»، مشددة على أن «القرار 1701 حسم قضية سلاح حزب الله».
وأكد البيان احترام الشرعية الدولية و«الخط الازرق»، مكرراً موقفه من رئيس الجمهورية ومن الفراغ الذي أحدثته المقاطعة الدولية والمحلية له، رافضاً تحول لبنان «ساحة صراع تستخدمها إيران لتحسين شروط تفاوضها مع المجتمع الدولي». وطلب من «النظام السوري إقراراً واضحاً وصريحاً باستقلال لبنان وإقامة علاقات ديبلوماسية معه كمدخل أساس لتطبيع الوضع بين البلدين».
المحكمة الدولية
على ابواب التقرير الثالث لرئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري سيرج براميرتس منتصف هذا الشهر، اجرى نيكولا ميشال محادثات مع السنيورة وبري ووزير العدل شارل رزق تناولت مناقشة مسوّدة المحكمة ذات الطابع الدولي. وبحسب معلومات لـ«الاخبار» فإن الزائر الدولي عرض على رزق وكبار القضاة اللبنانيين الذين اجتمع بهم مسودة المحكمة، ولكن من دون التوصل بعد الى مشروع نهائي في ضوء سلسلة ملاحظات تبادلها الطرفان. ويغادر ميشال بيروت اليوم على ان يعود إليها لاحقاً. وأوضحت مصادر الاجتماع ان البحث تطرق الى الاتفاق على «صيغة توافقية» للمحكمة ذات الطابع الدولي لا يعترض عليها اي من الافرقاء اللبنانيين. وهو ما أكده رزق لـ«الاخبار» قائلاً: «لن نسمح للخلاف بأن يندس في المشروع انطلاقاً من ان عملنا يقع تحت سقف ما حدده مؤتمر الحوار الوطني في موضوع المحكمة التي ينبغي ان تعكس الإجماع الوطني، والتوصل الى الصيغة المناسبة والممكنة». ولفت وزير العدل الى ان المطلوب في وضع مشروع المحكمة هو «التوفيق بين المعايير والقواعد التي تعتمدها الأمم المتحدة وبين المناخ التوافقي اللبناني».
واستناداً الى اوساط المجتمعين فإن إقرار المسودة يحتاج الى جلسات عمل اخرى، وان من المبكر التصرّف على ان الصيغة النهائية جاهزة لمباشرة تأليف هذه المحكمة، وفي انتظار موافقة الحكومة ومجلس النواب اللبناني على المشروع.
أما الموفد الدولي فتحدث عن تقدم في العمل، وعن ان الاجتماع كان لـ«توضيح الاسس القانونية الضرورية لإنشاء المحكمة... وسنعمل معاً للتوصل الى اتفاق».