strong>بليـر يصـل «أرضـاً معـادية»... وإسـرائيل تقبـل تسـليحاً أميركيـاً للجيـش ضـد حـزب اللـه
هل نجحت الولايات المتحدة في قيادة البلاد نحو مواجهة داخلية غير محسوبة النتائج؟
حتى ساعات الليل الفائت لم تكن أي اتصالات قد جرت لاحتواء المناخات السلبية التي تسود البلاد جراء المواجهة التي فتحت بين قوى الأكثرية وتحالف قوى المعارضة بقيادة التيار الوطني الحر وحزب الله، بينما تستمر الضغوط الغربية على لبنان بغية إلزامه تنفيذ خطوات من خارج نص القرار 1701 بما يؤدي الى مواجهات غير محسوبة داخلياً وما يهدد الوضع برمّته، مما دفع بسفراء دول غربية اساسية الى المسارعة للتنصل من مواقف قوى الأكثرية والدعوة الى عدم تحميل هذه الدول مسؤولية ما يدور داخلياً.
في هذه الاثناء برز تطور لافت على مستوى الإجراءات والتدابير العسكرية، تمثل في ما كشفته صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية عن أن الولايات المتحدة استشارت تل ابيب في نوع الدعم المفترض تقديمه الى الجيش اللبناني ونالت موافقتها «بعد التأكد من ان هذا الدعم سوف يصب في خدمة هدف ضرب حزب الله».
وإذا كانت بيروت قد تعاملت بهدوء مع كل الزيارات الدبلوماسية منذ اندلاع الحرب حتى الآن، فإن الإجراءات الامنية التي باشرت القوى الامنية باتخاذها في العاصمة والطرق المؤدية الى مطار بيروت الدولي، توحي بأن ثمة ما هو خطير، وخصوصاً بعدما أعلنت منظمات شبابية من قوى المعارضة تنفيذها اعتصاماً كبيراً احتجاجاً على زيارة رئيس الحكومة البريطانية توني بلير التي لم تحظ حتى بإجماع رسمي، وهو ما دفع بالرئيس نبيه بري الى السفر منعاً لإحراجه لأن الوضع الشعبي لا يسمح له بالاجتماع به.
وليل امس أكد وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت لـ«الأخبار» أن المتظاهرين لم يطلبوا أي ترخيص للتظاهر، لكنني سأسمح لهم «احتراماً لحرية التعبير عن الرأي، وبما أن القانون يسمح لي بتحديد خط التظاهرة فسيكون بإمكانهم التحرك ما بين ساحة بشارة الخوري والرينغ».
ورداً على سؤال يتصل بالجهات التي وجهت الدعوة للتظاهر قال: «لم نفهم بعد من هي الجهة الداعية حصراً للتظاهر وقد تكون اكثر من جهة وهذا امر علينا التنبه إليه، ولكننا سنأخذ الأمور بمعناها الحسن مهما كانت هوية الداعين للتعبير عن رأي ما».
وأكد مصدر امني ان وسط بيروت سيبقى مقفلاً حتى انتهاء زيارة بلير على كل الرواد من مواطنين وأصحاب محلات تجارية وموظفي الوزارات والدوائر الرسمية، ما عدا موظفي رئاسة الحكومة وبعض الدوائر الذين سيحضرون صباحاً الى مكاتبهم قبل إقفال جميع الطرق الى الوسط التجاري عند التاسعة صباحاً.
الوضع الداخلي
بخلاف ما كان شائعاً عن هدوء طويل يراعي مشروع إعادة إيواء المتضررين من العدوان الاسرائيلي وتمضية شهر رمضان من دون توتر، فإن البيان الاخير لقوى 14 آذار وما تبعه من اتصالات ومواقف كان أبرزها دعوة النائب وليد جنبلاط الى اصدار قرار دولي بشأن لبنان، والحملة السياسية التي شنتها هذه القوى على حزب الله من جهة والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، بدا أن الفريق الأخير غير قادر على مراعاة اكثر، وبعد مواقف العماد ميشال عون الداعية الى تغيير سريع للحكومة بكل الوسائل، جاء بيان حزب الله الاخير ليرسم علامة استفهام عن صمود حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعدما أشار الحزب الى ان هناك تراجعاً عن التوافق السياسي الانتخابي وعن البيان الوزاري. وهو مناخ يسود كل قوى المعارضة التي تستعد لمعركة إسقاط الحكومة كما هو مناخ فريق الأكثرية الذي يستعد لـ«الدفاع عن مكتسبات انتفاضة الاستقلال» كما قال احد اركانه.
حتى إن المعنيين من الجانبين لفتا الى ان سفر الرئيس بري المفاجئ لم يكن يرتبط فقط بزيارة رئيس الحكومة البريطانية بل ايضاً بالتوترات الداخلية وشعوره بصعوبة العودة سريعاً الى طاولة الحوار، وتبلغه تعثر مجموعة من المشاريع التي كان يفترض بالحكومة معالجتها ولا سيما منها ملف التشكيلات الدبلوماسية وصرف الاموال الخاصة بإعادة الاعمار، الى جانب المعلومات التي ترده عن «محاولات لتأويل مندرجات القرار الدولي والسير بإجراءات امنية وعسكرية من النوع الذي لا يمكن تمريره من قبل المعارضة».
وقال قيادي في حزب الله ان البيان «يحمل رسالة، ليست فقط الى القوى الداخلية لكي تأخذ بالاعتبار حقيقة ما جرى في البلاد خلال الشهرين الماضيين بل هو رسالة الى الخارج الذي لا يهتم لأمر جماعته ويسعى الى توريطها اكثر في اجواء لا تؤدّي الى خير لبنان». وقال ان «هناك من لم يفهم الهدوء على حقيقته وبالغ في تقدير الموقف ومضى نحو خطوات وكأن اسرائيل هي التي انتصرت في الحرب الاخيرة». وكرر المصدر «تمسّك الحزب بضرورة تحقيق تغيير حكومي يقود الى حكومة وفاق وطني كما ينص اتفاق الطائف وأن تتوسع المشاركة الشعبية والسياسية في مواجهة التحديات المفروضة على البلاد».

الحدود مع سوريا
في هذه الأثناء تبلغ لبنان رسمياً كما الأمم المتحدة أن وحدات من حرس الحدود في الجيش السوري سوف تنتشر على طول الحدو البرية مع لبنان لضمان عدم حصول عمليات تهريب لأسلحة او افراد بصورة غير شرعية، وهو إجراء يفترض ان يترافق مع تقديم الاتحاد الأوروبي مساعدات لوجستية لكل من لبنان وسوريا لضمان نجاح هذا الامر.
وقال الأمين العام لأمم المتحدة كوفي انان «لقد اتصل بي الرئيس (بشار) الأسد هاتفياً ليؤكد لي أنه سينشر كتيبة اضافية» على الحدود مع لبنان. وأشار انان الى انه اقترح من جهته «مساعدة تقنية من ألمانيا التي يمكنها ان تؤمن العتاد وتدرب الموظفين على كشف الاسلحة».
في هذه الاثناء، وبينما واصلت فرنسا تولي امن المياه الاقليمية اللبنانية واصلت اسرائيل الخروق وأطلقت بحريتها النار على مراكب لصيادين قبالة الشاطئ الجنوبي بينما خرقت طائراتها المجال الجوي فوق مناطق في القطاعين الغربي والاوسط.

إسرائيل وتسليح الجيش
من جهة ثانية ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس في عنوانها الرئيسي أن الولايات المتحدة تتجه نحو اعتماد خطة تُسلح بموجبها الجيش اللبناني كي يصبح قادراً على «التصدي لحزب الله والجهات المدعومة من سوريا» داخل لبنان. وأوردت الصحيفة أن الإدارة الأميركية قررت أن تقترح على حكومة السنيورة خطة مساعدة شاملة في المجال العسكري، «يصل في إطارها مرشدون عسكريون أميركيون لتدريب وحدات الجيش اللبناني». وبحسب الصحيفة، تتألف الخطة التي أعربت إسرائيل عن موافقتها المبدئية عليها، من عدة مراحل، تشمل تزويد الجيش بمعدات عسكرية بقيمة 30 مليون دولار، تتضمن آليات عسكرية ووسائل اتصال.
وأشارت «يديعوت» إلى أن الخطة كانت محور نقاش أجراه مستشار الأمن القومي الأميركي ستيف هادلي مع رئيس الطاقم المحيط بإيهود أولمرت يورام توبوفيتش ومستشاره السياسي شالوم تورجمان، اللذين سمعا شرحاً عن الجهود لتعزيز حكومة السنيورة في مواجهة حزب الله وجهات لبنانية أخرى مدعومة من سوريا. وذكرت الصحيفة أن الوفد أعطى موافقته المبدئية على الخطة، طالباً من الأميركيين الحرص على ألا يصل السلاح إلى حزب الله.