تراجعت حدة السجالات الداخلية أمس وعاش لبنان يوماً من دون الرؤساء إميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة، وكذلك من دون العماد ميشال عون ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط. وبقي التراشق خفيفاً ومتنقلاً بين العواصم التي يزورها المسؤولون اللبنانيون. وبدا أمس أن المشاركة الألمانية في القوة الدولية ستثير لغطاً، وخاصة بعد تصريحات المستشارة أنجيلا ميركل عن حماية إسرائيل، وبعد اتضاح الدور الذي قد يؤديه الخبراء الألمان. وفي جديد انتشار المراقبين الدوليين على المعابر الجوية والبحرية، أبلغ مصدر أمني مطلع «الأخبار» ان مراقبين دوليين من فريق الخبراء الألمان باشروا بالحضور اليومي إلى المطار والمرفأ.
وفيما لم تتضح بعد المهام المرفئية، علم من المصادر نفسها أن هؤلاء بدأوا نوعاً من «الدوام المفاجئ» للكشف على بعض أقسام المطار، ولا سيما الجمارك والمخازن وساحة الطائرات، بـ «كبسات» يومية وفي أوقات مختلفة، ولوحظ أنهم يتحاشون، حتى أمس، الاقتراب من مراكز الأمن العام من دون أن تتوضح الأسباب، ولم يعرف إذا بلغتهم التعليمات التي أُعطيت لمراكز الأمن العام بعدم السماح لأي شخص مدني أو عسكري، سواء كان من المراقبين الدوليين أو غيرهم، بمشاركة عناصر الأمن العام المهام المنوطة بهم في المطار، كما في المرافق الأخرى.
وفي السياق نفسه، علم أن المديرية العامة للأمن العام أبلغت الجهات الرسمية والمراقبين الدوليين أن التدريب الذي سيخضع له عناصر الأمن العام على استخدام الأجهزة الجديدة، متى وصلت إلى البلاد، يمكن أن يكون خارج نطاق المواقع العسكرية وفي مراكز خاصة بالتدريب.
على صعيد آخر متصل بفريق المراقبين البحريين والمعابر الأخرى، أوضح مصدر واسع الاطلاع في الأمم المتحدة في بيروت، لـ «الأخبار»، أن ما نقل عن لسان ميركل خلال الساعات الـ 24 الماضية عن مهمة القوات البحرية لجهة «حماية» إسرائيل «لا يقاس إلا من باب الاستهلاك الداخلي الألماني، ولا يتصل بأي تعديل على مهام هذه القوات حسب التفاهمات،
لا الاتفاقات مع الأمم المتحدة ولبنان». وأضاف أن «القرار 1701 لم يعط القوات البحرية الأجنبية أية مهام لجهة توقيف البواخر ولا تفتيشها»، وهو أمر يعود للقوات والأجهزة اللبنانية المختصة التي لها وحدها ممارسة القرار السيادي على المياه الإقليمية اللبنانية، ولها وحدها الحق في طلب تدخل هذه القوات إذا دعت الحاجة إليه».
وأوضح المصدر نفسه أن «المهمة البحرية الجديدة التي تنفذها القوات الدولية هي الأولى من نوعها في الأمم المتحدة منذ قيامها، وأن الألمان قادمون تحت مظلة هذه المنظمة الدولية، ويعود للجانب اللبناني وحده طلب مغادرتها وإنهاء مهامها». وختم المسؤول الدولي بالتخفيف من أهمية مهام المراقبين في المطار والمرفأ، مشيراً إلى أن تكلفة المهام البحرية لا تقع على لبنان ولا على الأمم المتحدة وتسدد تكلفتها من الدول المشاركة فيها مباشرة.
وعلق نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أمس على موقف ميركل وحديثها عن مهمة تاريخية في حماية إسرائيل، فقال: «هذا مخالف تماماً لما طلبه لبنان من مساندة للجيش اللبناني في حفظ سيادة لبنان، ولا ينسجم مع الدور المطلوب لحماية لبنان من العدوان الإسرائيلي، ولا نريد لألمانيا أن تؤدي دور الحصار الذي مارسه الصهاينة من جهة البحر على لبنان». وأضاف قاسم: «نتمنى أن تلتفت ألمانيا إلى أهمية دورها كصديق للبنان في مهمتها البحرية، لا أن تكون في الموقع المعاكس، فلبنان ليس معروضاً لأحد لتلبية احتياجاته السياسية مع إسرائيل، آملين أن نسمع توضيحاً للموقف».
جولة السنيورة العربية
واستكمل السنيورة أمس جولته العربية؛ فبعد السعودية، زار مصر والأردن في يوم واحد، والتقى كلاً من الرئيس المصري حسني مبارك والملك عبد الله الثاني. واختار من المنصتين الرسميتين في القاهرة وعمان منبراً للرد على التصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرلله، فقال، رداً على دعوات رحيل الحكومة، إنها باقية ما دامت تحظى بثقة المجلس النيابي. ورأى السنيورة أن الحديث عن اتفاق الطائف يحتاج إلى توضيح، «فهو يقول إن الحكومة الأولى تكون حكومة وفاق وطني، وإن حكومة الاتحاد الوطني تأتي تتويجاً لخطوات تؤخذ».
وعن الانتقادات بشأن زيارة رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير إلى بيروت، قال السنيورة: «أنا حريص على عدم الانزلاق إلى منزلقات وعبارات غير مفيدة، وأنا أؤمن بالممارسة الديموقراطية ضمن ما تحدده القوانين وحريص على حقهم في التعبير عن رأيهم».
وفيما تجاهل الإشارة إلى سلاح حزب الله في الجنوب، قال السنيورة: «إن الجيش اللبناني سيمنع أي مظاهر مسلحة جنوبي الليطاني، وإن الجيش عندما يرى مظاهر مسلحة سيمنعها ويصادر السلاح الذي سيراه».
ورداً على الاتهام بطعن المقاومة في الظهر، قال رئيس الحكومة: «إن لكل واحد رأيه، ونحن نقول راينا وكما صمد المقاتلون في ساحة المعركة، هناك لبنانيون صمدوا واحتضنوا بعضهم بعضاً؛ فالمعركة الديبلوماسية لم تقلّ قساوة وشدة عن قساوة المعركة على الأرض».
وذكر مندوب «الأخبار» في القاهرة أن الرئيس مبارك حث السنيورة على «تسوية المشاكل العالقة مع سوريا في إطار الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية». ونقل عن مصدر مصري مأذون قوله إن السنيورة أطلع مبارك على نيته زيارة دمشق لفتح حوار حول هذه المشاكل.
ومن عمان، نوه السنيورة بدور الأردن في خرق الحصار الإسرائيلي، واصفاً إياه بأنه «أول بلد عربي تجرأ وكسر الحصار أثناء الحرب، وبعد توقف القتال». كما كشف أنه طلب من الأردن المساهمة في تزويد الجيش وقوى الأمن بعض المعدات العسكرية «ووجدنا لديهم آذاناً صاغية».
أما البيان الذي صدر عن الديوان الملكي الأردني، فأكد من جهته على دعم الأردن للجهود التي يبذلها لبنان لبسط سيطرته على أراضيه وضرورة التزام كل الأطراف القرار 1701.
صفير: الاتصال مقطوع
وقال البطريرك الماروني نصر الله صفير، لـ «الأخبار» أمس، «إن التواصل بينه وبين حزب الله مقطوع»، مشيراً إلى أن «الأخير كان يبعث بمندوبين عنه إلى بكركي للاجتماع معه، ولكن مضى وقت طويل من دون أن نرى أحداً منهم». وفيما ذكر أن الاتصالات الهاتفية مقطوعة أيضاً، أوضح صفير «أنه لا توجد مشكلة في هذا الموضوع».
الجميل والشكوك بالخيانة
وكشف الرئيس الأعلى لحزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميل، عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال «ال بي سي» أمس، كلاماً جديداً يتصل بجريمة اغتيال شقيقه الرئيس المنتخب بشير الجميل عندما ألمح إلى «شكوك في بعض الخيانات الداخلية في إطار بشير ورفاقه». وأضاف، في الذكرى الرابعة والعشرين لاغتيال بشير ورفاقه الـ 24: «لم يأت الوقت المناسب الذي يجب أن نتحدث فيه عن هذا الموضوع».
وفي المناسبة نفسها، وجه الشيخ نديم بشير الجميل رسائل في أكثر من اتجاه فرأى أن «الدولة التي قامت لم تكن على قدر المسؤوليات الجسام في حفظ الوطن وتأمين سلامته من الخطر الخارجي الذي أطل عليه بإنشاء الكيان الغاصب على حدوده... ثم عدنا إلى «التجربة نفسها، وسقطنا من جديد في تجربة الرعاية الناقصة لدولة لا يشارك فيها الجميع مشاركة حقيقية ولا هي تحمي الجميع». وأضاف أن «الشعب يريد قيادة تضع المبادئ الوطنية معياراً لأي تحالف، وليس المصالح والأنانية الانتخابية، فالتحالف لا يحلل الهيمنة ولا التفرد ولا الاستئثار. ولا نريد أن نكون ضحية الصراعات الإقليمية والدولية وكفانا حروب الآخرين على أرضنا ومن أجل الآخرين. فلا هذه الحرب كانت حربنا ولا هذا السلام سلامنا».
وختم قائلاً: «لا يجوز لأحد في لبنان أن يفكر بأمن ذاتي وبمصير ذاتي حين تكون الدولة موجودة، ولا يجوز للمسيحيين أن يتشاركوا في الوطن إلا مع كل المسلمين اللبنانيين». كما ناشد «القادة المسيحيين ليجلسوا معاً من دون خجل ويضعوا شرعة أخلاقية ووطنية تعيد الأمل إلى مسيحيي لبنان».