تـردّد ســعودي ــ كويتي ــ إمـاراتي في الدعــم وفيلتمــان يسـأل عن «الســلاح المسـيحي» برغم الكلام عن مساع للتهدئة الداخلية، فإن الاتصالات التي جرت ظلت في إطار تخفيف التشنج الذي استمر قائماً في مواقف الأطراف المعنية وخطاباتها، وكان الملف الأكثر سخونة هو المتصل بعملية إعادة إعمار ما هدمته الحرب الإسرائيلية.
وقالت مراجع سياسية معنية إن التوتر لا يزال على أشده بين قيادة حزب الله والرئيس فؤاد السنيورة الذي رفض حسم الخطوات العملية الخاصة بدور المراقبين الدوليين عند المعابر البحرية والجوية والبرية. إضافة الى تكرار موقفه “الملتبس” من سلاح المقاومة بخلاف ما اتفق عليه في مجلس الوزراء يوم تقرر إرسال الجيش الى الجنوب ويوم جرى البحث في آلية انتشار القوات الدولية جنوباً. وهو أمر يهدد الحكومة بالسقوط قبل الموعد المقرر. الأمر الذي استدعى اتصالات هاتفية جرى بعضها من خارج لبنان بانتظار عودة الرئيس نبيه بري من الخارج.
وفي ملف المساعدات، كرر الرئيس فؤاد السنيورة أن مجموع ما وصل الى صندوق الخزينة حتى الآن يساوي 123 مليون دولار فقط، بينها عشرون مليوناً مخصصة لإعادة بناء المدارس مقدمة من السعودية. ولكن التدقيق الذي حصل كشف عن أمور خطيرة منها:
أولاً: محاولة رئيس الحكومة عرقلة مشروع المساعدات القطرية المخصصة لإعادة إعمار عدة قرى حدودية دمرتها الحرب الإسرائيلية. وهو حاول تأخير الخطوة من خلال اقتراح آليات تفرض على قطر تسليم المساعدات الى الهيئة العليا للإغاثة التي تتولى درس ملفات الناس وتوزيع المساعدات بحسب المقتضى. وهو الأمر الذي لمس منه القطريون رغبة السنيورة في منعهم من العمل مباشرة. وهم أبلغوه رفضهم الاقتراح وإعلانهم المباشرة فوراً بعملية تقديم المساعدات وفق برنامج متفق عليه مع الجهات المحلية ولا سيما مجلس الجنوب ومؤسسة جهاد البناء. وعقد أمس اجتماع عمل لهذه الغاية بين موفد قطري ومسؤولين من أمل وحزب الله اتفق خلاله على المباشرة فوراً بتوزيع المساعدات من خلال فتح حسابات في مصارف محلية تتولى تقديم مبالغ مالية لأكثر من عشرة آلاف صاحب منزل مهدم ومتضرر، وتوفير كل ما يلزم لإعادة بناء مدارس ومنازل قرى الخيام وبنت جبيل وعيناتا وعيتا الشعب. وقدرت المبالغ المرصودة من قطر بأكثر من 125 مليون دولار سوف توزع خلال أسابيع قليلة بعدما جرى وضع الجداول وفق المسح الذي أجراه مجلس الجنوب ومؤسسة جهاد البناء. وقد أبلغ المندوب القطري محاوريه أن بلاده قررت رفع سقف المساعدات الى أعلى مما أعلن عنه رئيس الحكومة الذي كان قد حدد المساعدة لكل بيت مهدم كلياً بنحو 40 ألف دولار أميركي فقط.
ثانياً: تأخر وصول المساعدات الكويتية والسعودية من دون أي توضيحات جدية، وهي مساعدات قيل إنها تساوي 750 مليون دولار أميركي. وتبين أن هناك خلافات على طرق صرف المساعدات المقررة من الكويت، حيث عُلم أن رئيس الحكومة يريد إخراجها من البند المتعلق بالمساعدات الخاصة بعملية إعادة الإعمار وتحويلها الى أبواب إنفاق أخرى.
ثالثاً: خلاف بين دولة الإمارات العربية المتحدة والأجهزة الحكومية على طريقة صرف المساعدات التي تريد أبو ظبي تقديمها، والتي تركز على المدارس، وهو أمر يريد السنيورة أيضاً ربطه بخطته التي يرفض تحديد مواعيد زمنية لها.
وبرغم المحاولات الحثيثة للتوصل الى تفاهمات بين الجهات المحلية ورئيس الحكومة بخصوص هذا الأمر، إلا أن أي نتيجة لم تظهر، وثمة شكوك في أن الرئيس السنيورة يحاول ربط المساعدات بالموقف السياسي من الحكومة وهو أمر يبدو أنه خرج من يده. وسوف يترك أثره الكبير في العلاقات الداخلىة لاحقاً وفي الموقف من الحكومة.
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر واسعة الاطلاع أن النائب وليد جنبلاط طلب من قوى الأكثرية وخصوصاً حلفاءه من مسيحيي السلطة، إعداد ملفات لخوض معركة الحصول على جزء من الأموال المرسلة إلى لبنان باسم الإعمار وتحويل قسم منها لإقفال ملف المهجرين. وهو أمر تبين أنه مرتبط بخطوة من المقرر أن يقدم عليها التيار الوطني الحر نهاية هذا الشهر وتتعلق بفتح ملف المهجرين مع دراسات عن الخروق وأعمال الهدر والسرقة التي حصلت وأخّرت الحل الكامل وعطّلته.
في هذه الأثناء كشفت مصادر مطلعة أن السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان دخل على خط الاتصالات والمناقشات المتصلة بالوضع الحكومي. وهو أبلغ جهات معنية بهذا الملف أن واشنطن متمسكة بالرئيس فؤاد السنيورة، وأن تأكيدها على دوره وموقعه لا يعني تبنياً لكل ما تفعله الحكومة. وقال فيلتمان أمام الجهات نفسها، إن فريق الأكثرية يخشى أن يكون الهدف من التغيير الحكومي هو إطاحة المحكمة الدولية، وإن هذا الفريق يريد ضمانات مسبّقة بأن المحكمة الدولية سوف تقر حتى يكون كل شيء قابلاً للنقاش.
كذلك أثار فيلتمان مسألة خطيرة تتعلق باحتمال حصول جهات لبنانية على أسلحة في الآونة الأخيرة. وقال للجهات المذكورة إن القرار 1701 يحظّر وصول السلاح الى غير الدولة، وإن هذا الموقف لا يعني حزب الله وحده بل يعني الجميع، وإن الولايات المتحدة سوف تفضح وتشهّر بأي فريق يتبين أنه يسعى الى التسلح. وهو سأل جهات مسيحية إذا كان لديها معلومات عن تسلح تقوم به إحدى الجهات ذات التاريخ الميليشاوي المعروف.
وفي انتظار تبلور كل المواقف السياسية، فإن التشنج لا يزال قائماً وسط توقف الاتصالات في اليومين الماضيين حيث برزت مواقف لنواب من حزب الله وتيار المستقبل عكست مناخات التوتر بين الفريقين، علماً أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دعا الى حضور “مهرجان الانتصار” يوم الجمعة المقبل في الضاحية الجنوبية، حيث تشير التوقعات إلى استعدادات لاستضافة مئات الآلاف من اللبنانيين، وتوقع مشاركة قوى سياسية حليفة لحزب الله، على أن يكون المهرجان مناسبة لإطلاق مواقف سياسية حاسمة من الملفات الداخلية ولا سيما ملف الحكومة.