جنبـلاط يعتبـر جمهـور المقاومـة «فاقـداً للتفكيـر» ويطلـب 400 مليـون دولار لاستكمـال ملـف المهجريـن
قصف وليد جنبلاط بعنف مساء أمس المبادرة السعودية لإعادة فتح حوار داخلي. و“الهدوء الذي تلبّسه” أمام الجمهور العربي من خلال قناة “الجزيرة” قبل أيام عاد وخلعه وعاد الى توتره عبر “المؤسسة اللبنانية للارسال” في حلقة تعبوية مركزة ضد المقاومة وتحريضية ضد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وذلك في خطوة تلاقت مع مناخات سائدة لدى بقية فريق الأكثرية حول “ضرورة القيام بحملة سياسية وقائية” قبل الخطاب المتوقع الجمعة للسيد نصر الله الذي يفترض أن يعطي إشارة الى الاتجاه السياسي للمرحلة المقبلة. ولدى سؤاله عن شعبية نصر الله المحلية والعربية قال إن “كل مواطن يعيش في ظل نظام شمولي يفقد القدرة على التقكير”.
ومع أن فريق الأكثرية يفضل تقديم العناصر السياسية على أي أمور أخرى، إلا ان ذلك لم يلغ الاهتمام المتواصل بملفين أساسيين: الأول يتصل بمضي فريق الأكثرية الى أكثر مما كان متوقعاً في وضع لبنان كاملاً تحت الوصاية الدولية. والثاني يتعلق بملف المساعدات والاعمار.
وفي الملف الاول كان جنبلاط واضحاً في تحريضه أمس على قيادات أمنية قال إنها تأخذ أوامرها من حزب الله وان عمليات تهريب السلاح متواصلة عبر الحدود مع سوريا، متحدثاً عن فلتان في المطار والمرفأ أيضاً.
ولم يكن كلام جنبلاط من فراغ. إذ ان يوم أمس كان حافلاً بالتطورات على صعيد ما وصفه مرجع سياسي بـ“العملية الانقلابية الشاملة التي تقودها الاكثرية في سياق تسليم لبنان كاملاً للوصاية الدولية”. حيث طلب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من وزارة الداخلية اتخاذ الاجراءات كافة التي توفر التواصل المباشر مع القوى الدولية التي ستؤدي دوراً في مراقبة المعابر من دون الحاجة الى الاتصال مباشرة بكل الاجهزة وأن يتم ذلك من خلال ربط عمل الأمن العام وجهاز أمن الدولة بفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الذي يقوده تيار “المستقبل”.
وعلمت “الأخبار” ان الوزير أحمد فتفت أصدر أمس القرار 2303 الذي يضع بتصرف مكتب المعلومات في قوى الأمن الداخلي بواسطة شبكة المعلوماتية المباشرة “على طريقة online” (خلال شهرين)، كل المعلومات والوثائق واللوائح المتصلة بدوائر: الجوازات والأجانب وحركة الدخول والخروج على المعابر البرية والبحرية والجوية ونزلاء الفنادق التي تجمع عادة من قبل الأمن العام، إضافة الى لوائح الأحوال الشخصية، ودائرة الميكانيك والسير للآليات والمركبات كافة، ودائرة النشرة في قوى الأمن الداخلي، وهي المطالب التي كان فريق من قوات اليونيفيل قد طلبها في رسالة رسمية قبل أسبوع من الاجهزة الامنية المعنية مباشرة.
وبموجب مادة أخرى شكل القرار لجنة معلوماتية برئاسة مسؤول فرع المعلوماتية في الأمن العام العميد منير عقل للإشراف على تنفيذ الشبكة المعلوماتية المشتركة وتنفيذ المشروع. ولحظ القرار دوراً غير محسوب لبعض الشركات الخاصة التي تتولى شؤوناً معلوماتية ومنها شركتا “سي. جي. ام” و“تتراكوم”.
وفي المعلومات التي جمعتها “الأخبار” ان هذا القرار أثار فور صدوره صباح أمس موجة من السخط ووصفه مرجع أمني معني بالأمر بـ“الانقلاب” على الدستور والقانون وكل ما نصت عليه الأنظمة الداخلية ومهام المديرية العامة للأمن العام، كما بالنسبة الى قيام جهاز جديد في شكل وحجم غير موجودين في مختلف القوانين والأنظمة الأمنية وهو “مكتب المعلومات الكبير” في قوى الأمن الداخلي.
وأضاف: ان القوانين التي رعت الأمن العام منذ عام 1948 لم تلحظ أو تسمح باستباحة المديرية على هذا النحو، وانه ليس هناك قانون يقول بمثل هذه الصلاحيات الممنوحة حديثاً في هذا القرار الى مكتب المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وان العودة الى المرسوم 3904 الصادر بتاريخ 6/8/1993 الذي أنشىء بموجبه “جهاز أمني سمي فرع المعلومات التابع لمديرية قوى الأمن الداخلي” لم يلحظ مثل هذه الصلاحيات التي “تصادر” مرة واحدة كل مهام المديريات المعنية بهذا القرار من الأمن العام الى الأحوال الشخصية الى دوائر السير والميكانيك الخ... وحصرها بجهاز لا يضم سوى 49 ضابطاً و550 عسكرياً.
وعلمت “الأخبار” ان هذا القرار جمد تنفيذه بعد صدوره بوقت قصير وان الاتصالات التي جرت على أكثر من مستوى جعلت منه مشروعاً لأزمة سياسية وأمنية خطيرة لما يحمل في طياته من مخاطر الخلل الذي يصيب فاعلية الأجهزة الأمنية ويضع حدوداً لعملها على كل المستويات.
وسألت مصادر واسعة الاطلاع عبر “الأخبار” ما المغزى من هذا القرار الذي اتخذ في هذا التوقيت ومن دون العودة الى المرجعيات السياسية والرئاسية وفي وقت كان رئيس الجمهورية قد وصل الى الأمم المتحدة، وبالكاد عاد فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري من جنيف، وهل مثل هذا القرار هو مجرد قرار تنظيمي اداري وداخلي!.؟
وفي الموقف المقابل كشف مرجع أمني يؤيد شكل ومضمون وتوقيت القرار لـ“الأخبار”: ان هذا القرار يخضع للبحث منذ فترة طويلة في حلقة ضيقة وهو نقاش انتهى الى ضرورة اجراء مثل هذا الربط الإلكتروني بين الأجهزة الإدارية ومكتب المعلومات إذ لا يجوز ان تمر ساعات أو ايام لإجراء اية مراجعة أمنية لمذكرة كف بحث أو تحر وتوقيف مطلوب، أو البحث عن هوية مالك سيارة انفجرت أو ارتكب صاحبها جرماً من أي نوع كان، أو لمعرفة احتمال فرار مطلوب من البلاد عبر أحد المعابر البرية والبحرية والجوية، ولذلك كله لا بد من وضع المعلومات المتوافرة لدى هذه المديريات كافة بتصرف مكتب المعلومات.
من جهة ثانية، طلبت ألمانيا الحصول على صلاحيات أوسع لتحرك قواتها البحرية، والسماح لبحريتها الوصول الى الشواطئ المطلة مباشرة على مخيمات اللاجئين الفلسطينين في الرشيدية والبداوي.
المساعدات
في ملف الاعمار والمساعدات، علم ان فريق الاكثرية طلب من خلال “موقف مشترك لكل من جنبلاط وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع إدراج ملفات المهجرين وبمفعول رجعي على قائمة المساعدات المفترضة وتوسيع هامش المساعدات العينية لتشمل آخرين تحت عنوان الفقراء الى جانب النازحين والمتضررين من الحرب”.
وقالت مصادر مطلعة ان الملف الذي أعد من قبل مساعدي جنبلاط في وزارة المهجرين ركز على دفع تعويضات اضافية لمهجرين من شرق صيدا والشوف والشحار الغربي من الذين سبق ان أخذوا تعويضات ولكن “تبين انها غير كافية وغير عادلة” كذلك لأجل تخصيص نحو 400 مليون دولار من الاموال المخصصة لاعادة اعمار ما هدمته الحرب “لاستكمال منح تعويضات الترميم والمصالحات في قرى جبلية لا يزال فريق الاكثرية عاجزاً عن مصالحة أهلها برغم المصالحة بين قياداتها”.
من جهة ثانية قال مصدر مطلع في الهيئة العليا للإغاثة انها تبلغت قراراً حكومياً بعدم تسليم مجلس الجنوب أموالاً لتغطية تكاليف اعادة البناء والإعمار الكلي أو الجزئي، وان مهمة المجلس ستكون على مستوى اجراء الكشوفات على الأضرار وتقديرها فقط، وتصبح بعدها عملية الدفع محصورة بالهيئة.