بـرّي لـ «الأخبــار»: هـذه الأمــور لا تمشـي معنــا ولـن نوافــق عليهـا
قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ“الأخبار” إن الاتصالات التي جرت خلال الساعات الماضية أدت الى إحباط تنفيذ القرار 2403 الذي أصدره وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت، القاضي بجعل كل الأجهزة الأمنية تعمل تحت إمرة فرع المعلومات الخاضع لوصاية فتفت وفريق الأكثرية. وأوضحت المصادر أن مرجعيات كبيرة أبلغت مراجع فريق الأكثرية أنه لا يمكن الوثوق بهذه الطريقة من التعامل التي تهدف إلى “تحقيق انقلاب سياسي وإداري وأمني يقود المؤسسات الى وضع يخالف القوانين والدستور”.
جاءت هذه المعلومات في ظل استمرار انقطاع التواصل السياسي بين الفرقاء كافة، وحيث ينتظر الجميع الخطاب الذي سيلقيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله غداً الجمعة. كذلك في ظل استمرار “التعثر” في عمل الحكومة وأجهزتها الرسمية في ما خص ملف إعادة إعمار ما هدمته الحرب الإسرائيلية الأخيرة. حيث كشفت المصادر أن آخر “مهازل الحكومة هو إبلاغ شركة فرنسية تعمل كاستشاري لدى دولة عربية قررت إعادة بناء جسر المديرج بأن الكلفة توازي 64 مليون دولار بزيادة 50 مليون دولار عن التخمين الذي وضعته الشركة بعد الكشف على الجسر المتضرر”.
وفي الملف الأمني، حاول وزير الداخلية أحمد فتفت تغطية مخالفته للقوانين العامة بالحديث عن “محاولة اغتياله سياسياً وجسدياً، كما سبق وحصل مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري” على ما قال في سلسلة من التصريحات التي أطلقها أمس، وتهجّم فيها على الإعلاميين والسياسيين المنتقدين له، معتبراً أنهم “يريدون القيام بانقلاب”. لكن فتفت قال إنه مصرّ على تنفيذ القرار الذي برّره بمذكرات صادرة عن الأجهزة الأمنية لا عنه شخصياً.
وتعليقاً على هذه الإجراءات، قال الرئيس نبيه بري لـ“الأخبار” إن ما “هو مقترح تحت بند القرار 2403 لا يمكن أن نوافق عليه. وأنا اطّلعت على التفاصيل فور عودتي الى بيروت، وأنا أعرف أنه لا يمكن السير بما هو وارد في تفكير من يطلب التعديلات”.
وقال بري: “لم نعارض نحن ولا أحد عارض توسيع إطار التعاون بين المؤسسات كافة، ولكن لا أعرف لماذا المطلوب أن يتم فرض هذه الآلية من التعاون، ولماذا لا يكون فرع المعلومات في خدمة الأمن العام وليس العكس؟”. وقال: “كل هذه الأمور لا تمشي معنا، ولا بد من معالجتها مثلها مثل الأمور الأخرى”.
وعلى المستوى الإداري، علمت “الأخبار” أن الكتب التي رفعها كل من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي والمدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني جاءت بناء على طلب الوزير فتفت الذي أصر على “اقتراح” الإجراءات الواجب اتخاذها لمراقبة حركة السوريين على طريق المصنع والمعابر البرية الأخرى وضبطها كما هو حاصل في المطار، فكان الجواب أن المكننة ضرورية لضبط معبر المصنع والمعابر الأخرى لأن السوريين، وخصوصاً المجنسين منهم، يستخدمون التذاكر في تنقلاتهم عبر الحدود، ومن الأفضل في مثل هذه الحال الحصول على اللوائح الخاصة ببطاقة الهوية لضبط حركة العبور ومراقبة السوريين بشكل خاص.
من جانبه، قال مرجع كبير في الجيش لـ“الأخبار” إن “لا علاقة للمؤسسة العسكرية بهذا الموضوع. فليربطوا ما يريدون ربطه، وفي النهاية فإن الفك والربط عندنا نحن”.
مخالفات فتفت
وأبلغت مصادر معنية “الأخبار” طبيعة المخالفات التي قام بها الوزير فتفت من خلال قراره المذكور، ومنها:
ـ إن أي قرار لا يمكنه أن يعطل أو يمسّ الأسباب الموجبة والأهداف لأي قانون، وخصوصاً “القانون الخاص” ذات الرقم 11 الذي ينظّم إصدار جوازات السفر، الصادر عام 1968. وهو القانون الذي أعطى المدير العام للأمن العام “حصرياً” حق إصدار جواز السفر لأي لبناني مهما كان موقعه، من رأس الهرم كرئيس الجمهورية إلى أي لبناني آخر.

ـ إن الحديث عن “شعبة” المعلومات لا أساس قانونياً له، وهو “فرع” تابع “لشعبة الخدمة والعمليات” بموجب المادة 13 من المرسوم 1157 الصادر بتاريخ 2 أيار 1991 والخاص “بتحديد التنظيم العضوي لقوى الأمن الداخلي”، التي نصّت في حينه على المهمات المنوطة بالفرع على الشكل الآتي “في مجال المعلومات: تحديد نوعية المعلومات التي ترى المديرية العامة ضرورة جمعها وتزويدها بها تمهيداً لاستثمارها، وبث المعلومات التي من شأن القطعات الاستفادة منها، بأقصى ما يمكن من سرعة”. وكل ذلك قبل أن يصدر تعديل آخر عمل على إصداره الرئيس الراحل رفيق الحريري بموجب المرسوم 3904 الصادر بتاريخ 6/8/1993 الذي أضاف إلى صلاحية الجهاز مهمات إضافية تنص على الآتي:“مهمة استقصاء المعلومات المتعلقة بالأمن والانضباط العسكري لعناصر قوى الأمن الداخلي والعاملين في القوى المذكورة ومراقبة أعمالهم وتصرفاتهم في الخدمة وخارجها”.
القوة الدولية
من جانبه، قال مصدر مأذون له في قوات الطوارئ الدولية في الجنوب إنه سيتم إصدار بيان خلال يومين لأجل توضيح نهائي لحدود دور القوات الدولية ومهماتها، وخصوصاً بعدما برزت في الآونة الأخيرة محاولات لتحميلها أكثر مما تحتمل. وأوضح المصدر أن القوة الدولية لم تطلب من أي جهة رسمية تزويدها بمعلومات عن المعابر الحدودية وخلافه، وأن ما يطلبه الفريق الألماني أو غيره لا علاقة للقوة الدولية به، وأن ألمانيا تتصرف بناء لاتفاق آخر وخاص مع الحكومة اللبنانية، ولا علاقة للأمر بالقوة الدولية أو بالقرار 1701. ولفت المصدر إلى أن القوة الدولية لا تريد الدخول طرفاً في السجالات الداخلية، ولا هي ترغب بأن يتم استغلالها من قبل أي فريق داخلي في هذا السجال.
وبدا أن المصدر يريد أن يوضح أن القوة الدولية لا تريد القيام بأي دور يعرّض سلامة جنودها للخطر. وقال عاملون معها لـ “الأخبار” إن “فريق الأكثرية يتصرف على أساس أن القوة الدولية تعمل في خدمته، ويتولى أقطاب منه اتخاذ قرارات وخطوات تنسب إلى طلبات من القوة الدولية، وهو أمر غير صحيح”.