strong>السـنيورة يطلـب إقـالة جزيني وبـرّي يرفـض ولجنـة لبحـث التنسـيق بيـن الأجهـزة الأمنيـةليل أمس، عادت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تحوم فوق بيروت والضاحية مذكرة بأجواء الحرب قبل أربعين يوماً. لكن المكان المجهز لاستقبال نحو مليون شخص من جمهور المقاومة، ظل مناراً طوال الليل بانتظار اكتمال المشهد عصر اليوم، والكل يسأل عن طريقة ظهور السيد حسن نصر الله وماذا في جعبته من كلام. علماً أن المناخ السياسي العام في البلاد كان حتى ليل أمس كثير التلبد. ولا سيما بعدما أظهرت جلسة الحكومة استمرار التباين بين فريقين على طريقة إدارة الأمن في البلاد.
وإذا كانت التوقعات تشير الى خطاب تاريخي لنصر الله اليوم يتضمن مواقف الحزب من سلاح المقاومة والوضع الداخلي والسلطة على وجه الخصوص، فإن المتابعات تركزت أمس على سبل معالجة أزمة سياسية قامت من باب المحاولة الانقلابية لوزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت على الواقع القانوني الذي يحكم عمل المؤسسات والأجهزة الأمنية في البلاد. حيث تبين أن ما خرج به مجلس الوزراء لم يعكس بالضبط التسوية التي اتفق عليها الرئيسان نبيه بري وفؤاد السنيورة في اتصالاتهما نهاراً، والتي قضت بتأليف لجنة تتولى مناقشة ملف الأجهزة الأمنية والطرق الأفضل للتنسيق فيما بينها، على أن ترفع توصياتها الى المعنيين في أسرع وقت ممكن. لكن ذلك لم ينل من عزيمة فتفت وفريق الأكثرية الذي قرر الإطاحة بالمدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني تحت عناوين عدة، من بينها أن “وزير الداخلية لا يستطيع أن يستمر مع موظف لا ينفذ الأوامر ويتمرد على القرارات”.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ“الأخبار” إن رئيس الحكومة مصر على إبعاد جزيني عن منصبه، وإن فريق الأكثرية يعد بفتح ملفات شخصية لمدير الأمن العام لأجل دفعه الى الاستقالة إذا لم يقبل تنفيذ القرار الذي أصدره الوزير فتفت وتخلى بموجبه عن صلاحياته لمصلحة فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. علماً أن الاتصالات التي جرت طوال الساعات الـ24 الماضية كانت تستهدف احتواء الموقف وهو ما أكدته مصادر الطرفين، التي أشارت الى أن رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الموجود في جدة أجرى ليل أول من أمس، اتصالات بالرئيسين بري والسنيورة والوزير فتفت ثم أوفد ليل أول من أمس بطلب وزير الداخلية المستقيل حسن السبع و“والرجل القوي” في التيار سليم دياب لملاقاته في جدة بواسطة طائرته الخاصة وأبلغهما ضرورة العمل على تطويق الأزمة قبل عودتهما أمس الى بيروت.
وتعقيباً على إعلان فتفت أنه يحمل معه الى جلسة مجلس الوزراء أمس «ورقة التكليف» من قبل جزيني الى مسؤول المكننة في الأمن العام العميد منير عقل، قال مرجع أمني معني بالأمر لـ«الأخبار» إن التكليف الذي يحمله الوزير فتفت لا علاقة له بالقرار 2403 وهو يتصل بتكليف سابق لصدور القرار المذكور من أجل مكننة الهوية لمراقبة عبور السوريين عبرالمصنع، ذلك أنه ليس هناك أي تكليف آخر على الإطلاق.
مجلس الوزراء
جلسة الحكومة طالت في مناقشات تركزت على ملف القرار 2403 حيث استهل الرئيس السنيورة الكلام بإثارة ما نشرته «الأخبار» داعياً الى وقف التسريبات. وتحدث الوزير طراد حماده الذي شدد على احترام حرية الإعلام والنشر على ما تقتضيه الديموقراطية، ووافقه على الفور أكثر من وزير وخصوصاً وزير الإعلام غازي العريضي. أما الوزير فتفت، فقد اتهم اللواء جزيني بتسريب المعلومات فرد الوزير طراد حماده مازحاً «بأن الملاحقة عندئذ تطال جزيني وليس الأخبار».
ثم عرض الوزير فتفت ما سمّاه رفض البعض تطبيق القرار 2403 وقدم إلى الحاضرين الوثائق التي لديه طالباً رأي الحكومة في حالة «رفض الموظف» قرار وزير الوصاية، ودار جدل وزاري مكثف انتهى الى تأييد الوزراء للقرار شرط التزام حدود وصلاحيات المديريات واحترام أنظمتها الداخلية ورفض تدخل أي جهاز بصلاحيات الآخر كما قال الوزير طراد حماده الذي أضاف إن نزع صلاحيات أي جهاز لحساب آخر قد يؤدي الى الاستئثار والاستقواء، وأكد وزير الداخلية أنه ماض في إجراءاته من ضمن الأطر التي حددها مجلس الوزراء.
وأثيرت في الجلسة قضية تخصيص حزب الله بعض الوزراء بدعوات لحضور «مهرجان الانتصار» فتدخل الوزير طراد حماده نافياً ذلك، ووجه الدعوة باسم السيد حسن نصر الله الى رئيس الحكومة والوزراء لحضور الاحتفال متمنياً اعتبار كل الموجودين من المدعوين. لكن وزراء من الأكثرية أصروا على معلوماتهم بتخصيص الدعوات لبعض الوزراء وبقي الجدل قائماً بعد الجلسة حول الحضور أو عدمه.
وكان الآلاف من أبناء الجنوب والبقاع الغربي قد بدأوا بالتوافد الى الضاحية الجنوبية منذ يوم أمس، بينهم مئات جاؤوا سيرا على الأقدام من أقصى الجنوب. كما وصل الى لبنان الآلاف من دول عربية وأفريقية للمشاركة في الاحتفال الذي يشارك فيه الآلاف من أنصار التيار الوطني الحر وتيار المردة وأحزاب القومي والشيوعي والبعث والتنظيم الناصري والحزب الديموقراطي اللبناني والجبهة الوطنية وأنصار الرئيس كرامي من طرابلس وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية والجماعة الإسلامية والمخيمات الفلسطينية.
يبدأ الاحتفال بأناشيد لفرقة تابعة لحزب الله ثم بخطاب مطول للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي لم يعرف شكل حضوره أو إطلالته على الجمهور.
تدابير أمنية استثنائية
وعشية الاحتفال كشف مرجع أمني لـ«الأخبار» أن قوى من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي باشرت خطة انتشار استثنائية منذ ليل أمس على كل المداخل المؤدية الى الضاحية الجنوبية ومخارجها لضبط الوضع الأمني وتسهيل وصول المشاركين في المهرجان الى موقع الاحتفال في أفضل الظروف الأمنية.
كما انتشرت وحدات في محيط المساجد على سبيل الاحتياط إثر ورود معلومات عن النية بالتظاهر تجاوباً مع فتوى الداعية يوسف القرضاوي استنكاراً لمواقف البابا.