strong>نصراللّه: الحوار أساس ومدخل الدولة القويّة حكومة وحدة وطنية وقانون انتخابات عادلخرج مئات الالوف من اللبنانيين امس في احتفال هو الاضخم من نوعه في تاريخ الاحتفالات السياسية، وأحيوا “مهرجان الانتصار” الذي دعا اليه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي اطل عليهم علناً للمرة الاولى منذ اندلاع الحرب في 12 تموز. رافضاً التهديدات الاسرائيلية بقتله وخلاف ذلك من الاجراءات. وألقى خطاباً شاملاً حدد فيه وجهة الحزب والمقاومة للمرحلة الاولى مركزاً على بقاء السلاح حتى زوال الاحتلال وتهديده، وداعياً الى البدء ببناء الدولة القوية من خلال تأليف حكومة وحدة وطنية وإقرار قانون انتخابي عادل. داعياً الى الحوار الداخلي من اجل تحقيق هذه الاهداف. وقد جاء رد الفعل الابرز على كلام نصر الله من مكتب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي قال “ان تركيز نصر الله على موضوع الحوار امر جيد وبنّاء ويفتح آفاقاً مستقبلية”.
وظهر نصر الله على الجمهور فجأة من خلف ستارة كبيرة واعتلى منصة صغيرة فحيّا الجماهير التي لوحت بالأعلام والرايات وهتفت باسمه، بينما كان هناك حشد من نحو 2500 شخصية رسمية وسياسية وأمنية وحزبية وإعلامية ونقابية وبغياب كل فريق 14 آذار، ووسط مشاركة شعبية لافتة من كل الذين وقفوا الى جانب المقاومة في الحرب. وبعد افتتاح قصير، عاد نصر الله وأطل من خلف منصة وإلى جانبه اثنان من مرافقيه، وألقى خطاباً شاملاً تناول فيه كل العناوين الداخلية والإقليمية.
ودافع نصر الله عن “النصر الإلهي” قائلاً: “كيف يمكن لبضعة آلاف فقط أن يقفوا ويقاتلوا في ظروف قاسية صعبة من هذا النوع فيخرجون البوارج البحرية من مياهنا الإقليمية، ويدمرون دبابات الميركافا ويعطلون المروحيات، ويحوّلون ألوية النخبة إلى فئران خائفة مذعورة من أبنائكم... كل ذلك لم يكن ليحصل لو لا عون الله وتأييده ودعمه”.
وحيّا نصر الله الحشود وقال: “أنتم اليوم تقدمون رسالة سياسية ومعنوية شديدة وبالغة الأهمية والخطورة للعرب، لقد أذهلتم العالم عندما صمدتم كشعب في لبنان من 12 تموز إلى 14 آب، وكانوا يراهنون على انقسامنا وتفتتنا، وصمدتم كل هذه المرحلة، من هجر ومن احتضن.أنتم تذهلون العالم وتقولون للأميركي الذي تكلم قبل أيام وقال: وصلتنا إشارات طيبة من لبنان أن المقاومة تراجعت شعبيتها وبدأت تضعف وتنهار! هذا هو شعب المقاومة”.
وأكد ما سبق أن قاله في“بنت جبيل في 25 أيار عام 2000 من أن الانتصار ليس انتصار حزب، ليس انتصار طائفة، ليس انتصار فئة، هو انتصار لبنان الحقيقي وشعب لبنان الحقيقي وكل حر في هذا العالم. وهذا نصر أكبر بكثير مما تطيقه عقولنا ومما تستوعبه عقولنا. وإن الصمود الاسطوري أصبح حجة على كل العرب وعلى كل المسلمين، على الحكام وعلى الجيوش وعلى الشعوب”.
وقال: “ان رسالتنا في لبنان هي أن خلاصنا جميعاً في بناء الدولة القادرة القوية العادلة العزيزة النظيفة، والتي تحمي السيادة وتعالج الأزمات المعيشية وتستطيع أن تحرر الارض وأن تحمي كل قطرة ماء وتمنع العدو من الاعتداء على سيادتها يومياً، والتي تستطيع أن تطمئن شعبها إلى أنها تحميه بحق، تحميه بالسلاح وبالقوة وبالعقل وبالوحدة وبالتحصين وبالتخطيط وبالإرادة الوطنية، أما الدموع فهي لا تحمي أحداً”، في اشارة الى الرئيس فؤاد السنيورة.
وفي مسألة سلاح المقاومة قال: “نحن لا نقول إن هذا السلاح سيبقى إلى الأبد، وليس منطقياً أن يبقى إلى الأبد، تعالوا وابنوا دولة قوية عادلة تحمي الوطن والمواطنين وأرزاقهم ومياههم وكرامتهم وستجدون أن حل مسألة المقاومة لا يحتاج حتى إلى طاولة حوار. وإن لبنان اليوم، بلا مبالغة، هو في منطقة الشرق الأوسط لم يعد كبيراً، هو قوة عظمى بكم، يحسب له كل حساب ويحسب له الغرب كل حساب وتحسب له “إسرائيل” كل حساب، وينظر إليه العالم المظلوم والمستضعف باحترام وتقدير واعتزاز وفخر. حتى لا يقلق أحد أعيد: لا نريد أن نحتفظ بالسلاح إلى أبد الآبدين، وأؤكد كما خلال 25 سنة، هذا السلاح ليس للداخل ولم يستخدم للداخل، هذا ليس سلاحاً شيعياً، هذا سلاح لبناني، هذا سلاح المسلم والمسيحي، هذا سلاح السني والدرزي والشيعي، هذا سلاح كل لبناني يتطلع لحماية لبنان ولسيادة لبنان واستقلال لبنان. وأنا أعاهدكم أن هوية ووقفية هذا السلاح سوف تبقى هكذا وهذا عهد مع الله وعهد مع الأمة وعهد مع الشهداء”.
وقال: “نحن في مأزق حقيقي في لبنان ولا أحد يقدر على القول نحن أكثرية وخصوصاً بعد الحرب، هناك انقسام وطني حاد وليس هناك انقسام مذهبي، الخلاف الذي يجري ليس خلافاً شيعياً ــ سنياً أو خلاف مسلمين ومسيحيين أو خلاف دروز وسنة وشيعة ومسيحيين، أبداً. هناك انقسام سياسي وطني، هناك خيارات استراتيجية وسياسية كبرى تتفق عليها قوى سياسية شيعية وسنية ودرزية ومسيحية، وهناك خيارات أخرى تتفق عليها قوى سياسية من نفس الطوائف، وما دام هناك انقسام سياسي فهناك تحديات خطيرة، وفي مواجهة هذه التحديات لا يستطيع الفريق الحاكم حالياً في لبنان أن يواصل السلطة والعمل. المدخل الطبيعي هو تأليف حكومة وحدة وطنية، وبكل صراحة الحكومة الحالية ليست قادرة على حماية لبنان ولا على إعمار لبنان ولا على توحيد لبنان. لكن عندما نقول الحكومة الحالية لا يعني أننا نريد حذف أو شطب أو إلغاء أحد أبداً. و أنا لا أرفع شعاراً للاستهلاك ولا لتقطيع الوقت ولا استرضاء لحلفاء أو لأصدقاء. هذا مشروعنا الجدي الذي سنعمل عليه جميعاً في كل قوة في المرحلة المقبلة”.
وأكد أن بناء الدولة العادلة القوية “يبدأ من وضع قانون انتخاب منصف تشعر فيه كل الطوائف وكل التيارات السياسية بأن أمامها فرصة واقعية لتمثيل حقيقي ولا تشعر فيه أي طائفة بأنها باتت مستتبعة لطائفة اخرى”.
وعن الانتشار الدولي قال “يأتون من البحر ويريدون محاصرة السماء ومحاصرة الحدود، وأنا اقول لهم حاصروا وأقفلوا الحدود والبحر والسماء، إن هذا لن يضعف شيئاً لا من ارادة المقاومة ولا من سلاح المقاومة. نحن خضنا حرباً 33 يوماً وكنا مستعدين لحرب طويلة. ما قدمناه في الحرب هو جزء بسيط من قدراتنا، اذا في بنت جبيل وقفت وقلت انه بحوزتنا اكثر من 12 الف صاروخ، رجعنا وضّحنا وقلنا 12 الف ليس معناه انه لدينا 13 الف، يمكن ان يكون العدد (أكبر من هيك). اليوم اقول لكل الذين يريدون أن يقفلوا البحار والسماء والصحاري والحدود والعدو، إن المقاومة تملك اكثر من عشرين الف صاروخ. وخلال ايام قليلة وهي خارجة من حرب ضروس، استعادت المقاومة كامل بنيتها العسكرية والتنظيمية والتسليحية. اليوم المقاومة في 22 أيلول 2006 اقوى من اي وقت مضى منذ العام 1982”.
وعن ملف الاسرى قال“في 12 تموز وعدتكم باسم رجال الله وقلت لكم لو جاء الكون كله لن يستطيع أن يستبدل هذين الاسيرين الا بمفاوضات غير مباشرة وتبادل. وبعد 12 تموز نعم، لقد جاء الكون كله وبقيتم وصمدتم وبقي الاسرى في ايدينا، ولن يطلقوا الا بعودة الاسرى الذين نطالب بتحريرهم وعودتهم”.
وفي ما خص مزارع شبعا وتلال كفرشوبا قال نصر الله: “ان ابناء هذه البلدات الطيبة الصابرة خافت في هذه الايام نتيجة الترتيبات الجديدة في المنطقة الحدودية. انا اؤكد لهم أنه لن يتم التخلي عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ولن يتخلى احد عن شبر واحد من ارض لبنان المحتلة”.
وعن الخروق الاسرائيلية المستمرة قال ان “المسألة ترتبط بالقرار السياسي: هل ستحول الحكومة اللبنانية الجيش اللبناني الى وحدة عدّاد شكاوى وتسجيل خروق؟ هذا معيب في حق الجيش اللبناني. وحتى الآن نحن صبرنا. لكن ثقوا تماماً لن نصبر طويلاً وإذا تخلفت الدولة والحكومة عن مسؤوليتها فالشعب اللبناني سيتحمل المسؤولية. وأقول للصهاينة اذا كان من احد قدم لكم ضمانات امنية فهذه الضمانات تعنيه هو ولكنها لا تعني المقاومة في لبنان”.
بالنسبة لليونيفل المعززة قال: أجدد ترحيبي بكم في اطار مهمة واضحة، مهمتكم مساندة الجيش اللبناني وليست مهمتكم التجسس على حزب الله او نزع سلاح المقاومة. ونرحب بهم ما داموا ملتزمين بمهمتهم. وأنا ادعو قيادة القوات الدولية في لبنان الى الانتباه لأنني سمعت بعض المعلومات والمعطيات أن هناك من يريد أن يجر هذه القوى الدولية الى صدام مع المقاومة، وسمعت أنه في بعض الجلسات قيل إن وجود قوات دولية سيعيد توازن قوى الداخل في لبنان. هذا الكلام خطير، القوات الدولية جاءت من اجل مهمة محددة ولا يجوز لها ان تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي وتؤدي الى تورط من هذا النوع.
وانتقد الدول العربية “التي ذهبت إلى مجلس الأمن تستجدي سلاماً وتسوية، وأنا أقول لهم لا أحدثكم عن إزالة “إسرائيل”، أحدثكم عن التسوية التي تطلبونها، كيف ستحصلون على تسوية مشرفة وأنتم تعلنون صباح مساء أنكم لن تقاتلوا لا من أجل لبنان ولا من أجل غزة ولا من أجل الضفة الغربية ولا حتى من أجل القدس. كيف ستحصلون على تسوية معقولة وأنتم لا تريدون أن تقاتلوا ولا تريدون أن تقاطعوا ولا تريدون استخدام سلاح النفط ولا تسمحون للناس أن ينزلوا إلى الشارع؟ أقول لكم إن الإسرائيليين ينظرون اليوم إلى المقاومة في لبنان وإلى شعبها باحترام وتقدير كبيرين، أما كل هؤلاء الأذلاء فلا يساوون شيئاً”.