حتى مساء امس لم تكن الاتصالات قد انتهت الى توافق على صيغة التسوية في ما يخص إجراءات وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت، وأبلغ الرئيس نبيه بري “الاخبار” بأن مساعده النائب علي حسن خليل يواصل اتصالاته بدون اي نتيجة نهائية،فيما واصل المدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني لليوم الثالث على التوالي دوامه في مكتبه في المبنى المركزي للمديرية برغم قرار وقفه عن العمل عشرين يوماً. وقالت مصادر مطلعة إن الاتصالات التي جرت امس لم تأت بأي جديد، وإن الرئيس بري “أبدى تصلباً لا مثيل له في مواجهة الفشل الذي منيت به الوساطات والاتصالات التي توسعت على اكثر من مستوى، وإن هناك مهلة كان قد اعطاها منذ اول من امس على خلفية أنه اذا لم تحمل الساعات الأخيرة اي حل فسيكون له موقف مميز قد يفاجئ الأطراف كلها”، وقالت المصادر إن بري يرى أن الامر برمّته بات في عهدة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي عليه البت به. واستند بري الى دراسات قانونية ودستورية وإدارية أنجزها فريق متخصص من كل الاختصاصات ووضعت التدابير المتخذة في اطار«الكيدية السياسية بحيث إنها لا تتطابق مع القوانين المرعية الإجراء»، وإن مثل هذه العقوبة التي نص عليها قرار فتفت لم تتخذ بحق أي مدير سابق قياساً على حجم «المخالفة» التي نسبت إليه.
وقال الوزير فتفت لـ«الأخبار» إنه لم يطرأ أي جديد في القضية في انتظار ما سوف يحمله اليوم الثلاثاء من تطورات، معلناً استعداده لاستقبال اللواء جزيني في مكتبه إذا ما قرر الأخير الانضباط والالتزام بالقرارات التي اصدرها.
أما الوزير المستقيل حسن السبع فقد ابلغ «الأخبار» انه لا يفضل الكلام في الموضوع نظراً الى الاحتقان القائم وأن علاقته طيبة جداً بالوزير فتفت. وقال انه عاد قبل يومين من السعودية بعد أداء مناسك العمرة هناك.
وفي المعلومات المتوافرة ان النائب خليل كان قد حمل الى الرئيس فؤاد السنيورة تسوية اقترحها، تتضمن أربع نقاط هي: عودة الوزير احمد فتفت الى وزارة الشباب والرياضة وترك وزارة الداخلية التي يشغلها وكالة. إيقاف جزيني عن العمل وإرساله الى منزله وفق تسوية تتم لاحقاً لوضعه القانوني. عودة الوزير السبع عن استقالته وشغله لمنصبه، أو تسلم الوزير خالد قباني منصب وزير الداخلية بالوكالة. ورابعة النقاط هي حل فرع المعلومات بالكامل.
ولم يقدم الرئيس السنيورة اجابة مباشرة عن الطرح الذي حمله النائب خليل، الذي أكد «ان هذا كل ما لدينا، وليس لدينا اي كلام اضافي في هذا المجال»، علماً بأن السنيورة كان قد ابلغ بري شخصياً في الاجتماع الذي عقداه قبيل الجلسة الاخيرة للحكومة أنه سوف يسوّي الأمر قائلاً: «اترك مسألة الأمن الداخلي والربط المعلوماتي لي وأنا أسوّيها وسأستدعي فتفت وجزيني الى اجتماع لحل المسألة»، إلا أن بري قال له: «انت اكبر من ان تحل هذا الخلاف بهذه الطريقة، انت تكفل بحل المسألة مع الوزير فتفت، وهو يستدعي جزيني ويبلغه». إلا أن تيار “المستقبل” الداعم للوزير فتفت عطل هذه التسوية التي كانت تدور بين بري والسنيورة، وكانت نتيجة تدخل هذا التيار أن أصدر فتفت قراره بوقف عمل جزيني.
وتشير مصادر من قوى 14 آذار إلى أن الرئيس السنيورة كان راغباً بالفعل في تسوية الأمور بين فتفت وجزيني، إلا أن ثمة من سبقه وعرقل الأمور، وحين اتصل الرئيس بري بجزيني ليبلغه ضرورة زيارة الوزير فتفت في إطار تسوية الأمر فوجئ بجزيني يخبره بقرار العقوبة ووقفه عن الخدمة.
واتصل رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري بالرئيس بري في مسعى للتهدئة، لكنه رأى أن ما قام به الوزير فتفت يُعدّ من حقه وصلاحياته، وهو ما دفع بري الى إنهاء المكالمة سريعاً، وأرسل بعدها النائب خليل الى الرئيس السنيورة ليبلغه بالنقاط الاربع للتسوية بينه وبين الحكومة.
وأمس قالت مصادر واسعة الاطلاع إن وزير الداخلية المستقيل حسن السبع لم يكن يرغب في السفر الى السعودية، لكن احد المستشارين القانونيين لدى تيار “المستقبل” نصح بفكرة “التسفير” على اساس ان الأمر سيمر «خلال ساعات ولن تتخذ الأمور المنحى الذي اخذته»، وقالت المصادر إن سوء تقدير أدى إلى اندلاع الأزمة.