واشنطن ــ محمد دلبح
هل تقترب السياسة الأميركية من مرحلة تصعيدية باتجاه سوريا؟
هذا ما تنبئ به الحملة الإعلامية، التي أطلقتها أمس وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في ثلاث صحف نيويوركية رئيسية، هي “وول ستريت جورنال”، و“نيويورك تايمز” و“نيويورك بوست”، وأعلنت خلالها العمل على حشد دعم دولي لفرض عقوبات على دمشق، وهو ما سعى المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكروماك إلى التخفيف من مضمونه بإعلان أن “لا مشروع عقوبات ضد سوريا قريباً”.
وتطرقت رايس إلى ما سمّته «حالة انقسام في الكتلة الشيعية اللبنانية»، مشيرة إلى أن الحكومة اللبنانية أجرت عمليتي تصويت لنشر «اليونيفيل» في لبنان، ورأت أنه في المرة الأولى «انفصل وزراء أمل عن حزب الله»، معتبرة أنه «شيء لافت، قد يؤسس إلى مرحلة توافق حكومي جديد. كما حذرت من محاولات اغتيال جديدة لشخصيات في مجموعة «14 آذار».
واحتلت سوريا بنداً رئيساً في هجوم رايس الصحافي، فاتهمتها بزعزعة استقرار لبنان والعراق وإسرائيل، نظراً لدعم دمشق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في فلسطين. كما اتهمتها بتقويض المساعي لتأليف حكومة فلسطينية معتدلة.
وقالت رايس إن الولايات المتحدة تأمل “في إقناع حلفائها بدعم فرض عقوبات جديدة على سوريا”. وأضافت “سنضطر إلى دراسة فرض إجراءات أقسى إذا استمرت سوريا في السير على النهج نفسه”.
وقالت رايس إن التحقيق الجاري في اغتيال الرئيس رفيق الحريري قد يزيد من الدعم لفرض عقوبات على سوريا، معتبرة أن موعد التقرير النهائي في حزيران 2007 “طويل جداً”. وأضافت “من المهم أن يتحرك تحقيق براميرتز”، معربة عن أملها في أن يصبح التقرير النهائي جاهزاً في نهاية العام.
وكررت رايس الحديث عن “عزلة” سوريا، قائلةً إن خطاب الرئيس السوري بشار الأسد عقب وقف العدوان على لبنان “دليل عليها”. وأضافت “يبدو أن السوريين اختاروا ربط أنفسهم مع القوى المتطرفة في إيران، لا مع شركائهم التقليديين من الدول العربية”، التي حددتها بالسعودية ومصر والأردن.
وأضافت وزيرة الخارجية الأميركية أن “ما أزعج سوريا هو أن صفقة وقف إطلاق النار كانت من ورائها”، مشككة في تزايد النفوذ السوري في لبنان. وقالت “أستطيع القول إن النفوذ الإيراني مع حزب الله هو المشكلة، أما السوريون، فإنني أعتقد بأنهم غير مرتاحين لأن الصفقة اللبنانية قد تمت من دونهم”.
وحول قوة الأمم المتحدة (اليونيفيل) في جنوب لبنان، قالت رايس إن “الطريقة التي تفسر فيها قيادات القوات المشاركة في اليونيفيل للتفويض الذي يمنحه قرار 1701 على الأرض هو أمر سنقوم بمتابعته”. ورأت أن الوضع في لبنان “هش للغاية”.
وفي تعقيب على كلام رايس، قال ماكروماك إن “لدى الحكومة الأميركية إجراءات عديدة يتم من خلالها فرض عقوبات إضافية على سوريا”، لكنه أضاف، في مؤتمره الصحافي، “أنه لا يوجد حتى الآن أمر جديد لإعلانه”.
وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم من نيويورك أن “الحرب على الإرهاب” التي تقودها الولايات المتحدة فشلت وأن السياسات الأميركية هي التي تسببت بوقوع اعتداءات 11 أيلول.
واستنكر المعلم، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، العدوان الإسرائيلي على لبنان. وأكد أن تجميد جهود السلام في الشرق الأوسط يعني أن مواجهات أخرى تبقى محتملة. وقال “بعد أعوام من الحرب على الإرهاب يتساءل المرء هل أصبح العالم أكثر أمناً؟ من الواضح أن هذه الحرب لم تحقق أهدافها، والإرهاب أصبح أكثر انتشاراً”.
وأضاف المعلم “لهذا أسبابه، فاستخدام القوة وحدها في التصدى للإرهاب غير مجد إذا لم تعالج جذور الإرهاب وأسبابه، ولا بد من حشد جهود المجتمع الدولي لمعالجة هذه الآفة الخطيرة”.
وتوجه المعلم إلى الشعب الاميركي قائلاً إنه “ضحية سياسات ثبت فشلها فى المنطقة العربية ومناطق أخرى في العالم، ويتحمل أبرياء في بقاع بعيدة عن الولايات المتحدة أوزار وتداعيات هذه السياسات الخاطئة”. وأضاف “يعتقد صناع القرار في واشنطن بأنهم وحدهم الأعرف والأقدر على فهم وإدراك واقع العرب وحاجاتهم. هم يشخّصون طموحات إنساننا وآماله وفق رؤيتهم الخاصة”.