أطلق الرئيس السوري بشار الأسد أمس سلسلة من المواقف، في اتجهات عديدة، تجاوزت في حدتها وصراحتها المتعارف عليه دبلوماسياً، خلاصتها التأكيد على أن المقاومة والسلام يشكلان محورا واحدا لتحرير الأرض، وعلى دعم دمشق لقوى المقاومة اللبنانية في مواجهة قوى «17 أيار» التي تتحمل «مسؤولية الدمار والمجازر والحرب» (راجع صفحة 21).كما شن الأسد، في خطاب تاريخي أمام المؤتمر العام لاتحاد الصحافيين، هجوما قاسيا على السعودية والأردن ومصر، من دون أن يسميها، وعلى كل من طرح «كلمة مغامرين». وقال «نريد من أشقائنا العرب أن يقفوا معنا» لتحرير الأرض «ونرحب بكل من يريد أن يقف معنا ولكن من خلال رؤيتنا وتقديرنا لمصالحنا.. ومن لا يقتنع برؤيتنا فلا نطلب منه سوى افساح الطريق لكي نقوم بما يجب علينا القيام به ولن نطلب من أحد أن يحارب معنا ولا نيابة عنا»، مشددا على أن «من لم يختبر الحرب لا يحق له أن يضع نفسه مرشدا ومعلما في السلام».
وقال الأسد إن العدوان الحالي على لبنان جاء، كمثيله في عام 1982، بـ«غطاء عربي» وبدعم من «قوى لبنانية عميلة لإسرائيل» فشلت «في تحقيق مخططها لمصلحة اسرائيل فتحرض لمجيء اسرائيل عسكريا لانقاذها من الورطة ولضرب المقاومة، وبالتالى إلحاق لبنان بالركب الاسرائيلي».
وأوضح «أنا دائما أقول عن هذه المجموعات.. 17 أيار. لا يهم ما هي التسميات التي يستخدمونها.. مرة يقولون شباط ومرة آذار.. هذه على طريقة عالم الاعمال. في عالم الاعمال عندما يفشل المنتج يعيدون طرحه في السوق بعنوان آخر ومع بعض التبديلات الشكلية. ونحن نؤكد أن المنتج هو منتج 17 أيار، وهذا المنتج هو منتج اسرائيلي».
وتابع «يحاربوننا من خلال قرارات مجلس الامن أو بدونها.. أي في كل الاحوال سيحاربوننا.. ولكن قرارات مجلس الامن تعطيهم هامش حركة أكثر وسهولة في هذه الحرب».
وأضاف أن «جماعة 17 أيار يتحملون مسؤولية الدمار والمجازر والحرب من أولها الى آخرها. لذلك أتى هذا القرار (1701) كرافعة سياسية لهذه القوى... لأنه لم يعد هناك
رافعة وطنية تستطيع أن تحمل هؤلاء فاضطروا لإيجاد رافعة دولية».
وشدد الأسد على أن من المهمات المستقبلية لهذه القوى «إنقاذ الوضع الداخلي في اسرائيل والحكومة الحالية.. إما من خلال ايجاد فتنة في لبنان.. أو من خلال امكانية تحقيق نزع سلاح المقاومة. ولكن أنا أبشرهم بأنهم فشلوا والسقوط لا يبدو لنا بعيدا».
وختم الأسد «نقول لكل من يتهم سوريا بأنها تقف مع المقاومة.. اذا كان الوقوف مع المقاومة تهمة وعاراً.. فهو بالنسبة إلى الشعب السوري شرف وافتخار».
كذلك، اعتبر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في خطاب ألقاه في طهران، أن نصر المقاومة اللبنانية على إسرائيل، «أحبط المخطط الأميركي لإقامة شرق أوسط جديد»، مشيرا إلى أن إيران «تريد شرقاً أوسط لا وجود فيه للولايات المتحدة ولا لإسرائيل».
وفي واشنطن، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك، التصريحات السورية والإيرانية بأنها «متطرفة». وقال ماكورماك، في معرض تعليقه على خطاب الأسد، إن «المجتمع الدولي أرغم سوريا على الخروج من لبنان لكنها لم تتخلّ قط عن طموحها بممارسة النفوذ داخل لبنان». وأضاف «ليس من المفاجئ أن تسمع ذلك من الرئيس الأسد، ولكن دعونا نرَ أين يجد نفسه؟ سوريا خارج لبنان»، مشيرا إلى أن دمشق ليست طرفاً في التسوية التي أسفرت عن قرار مجلس الأمن 1701.
وقال ماكورماك إن «هذا فرق استراتيجي عما حدث آخر مرة عام 1996، لذلك فإن ما لديك هو تسوية بين حكومة لبنان المنتخبة ديموقراطياً وإسرائيل الديموقراطية. وهناك الكثير من التحديات أمام تطبيق هذه القرارات وكلنا يعلم ذلك»، معتبرا أن «ليس لدى سوريا دور تؤديه سوى عدم محاولة شحن أسلحة مما تملك إلى حزب الله أو أن تعمل كنقطة عبور للأسلحة من إيران. وستجد نفسها نتيجةً لتنفيذ القرار (1701) معزولة عن بقية دول المنطقة ربما ما عدا أقرب أصدقائها وحلفائها الإيرانيين».
أما مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ولش فقال من جهته إنه «أمر مزعج أن يحاول الرئيس الإيراني الاستفادة من المأساة»، مضيفا في معرض هجومه على سوريا وإيران، «أعتقد أنه وضع محزن عندما يقوم زعماء دول أخرى بالوقوف على هذا الركام».
وقدم ولش ما يمكن أن تسميته خريطة طريق «لإنجاح الخطة الأميركية الإسرائيلية لنزع سلاح حزب الله» الذي قال إنه من مسؤولية لبنان، مضيفا ان الولايات المتحدة «جاهزة للمساعدة». وأوضح أنه «لا يوجد بلد يدعم مصالح لبنان اكثر من الولايات المتحدة، وأعتقد انه يمكن للبنان ان يخرج وسيخرج اكثر قوة من هذه الاحداث».
وقال ولش إن نزع سلاح حزب الله ينبغي أن يبدأ في الجنوب.. ونحن في وضع يسمح باتخاذ خطوات لتصحيح الأمر، أولاً وأساساً في الجنوب ومن ثم الانطلاق من هناك».
وأضاف ولش «نعتقد ان افضل حماية للبنان وشعبه هي حكومة سيدة بشل تام تسيطر على كل ما يجري في البلاد»، مشيرا إلى «ان وجود دولة داخل الدولة، حزب سياسي مسلح لا يحترم القوانين، امر غير مقبول في نظر