واشنـطـن تريــد قـراراً جديــداً في مجلــس الأمــن لنــزع ســلاح حــزب اللـهبانتظار وصول معلومات واضحة عن محادثات فريق الامم المتحدة في اسرائيل عن تطبيق القرار 1701، فإن لبنان الرسمي والسياسي والاقتصادي والشعبي ظل منشغلاً بمتابعة الجهود لإعادة الإعمار من جهة، وفكّ الحصار الإسرائيلي المفروض على مطار بيروت والمرافئ الاخرى، الذي يبدو أنه قد توسّع بتغطية دولية بعدما فشلت المساعي الديبلوماسية في فكّه سريعاً، وسط مناخ داخلي يضغط باتجاه عدم الانتظار كثيراً والسعي الى اطلاق مبادرة عملية من جانب لبنان لفك الحصار ولتحميل العالم مسؤولياته.
في هذه الاثناء، كان الرئيس الاميركي جورج بوش يبحث عن وسائل جديدة لاتخاذ قرارات دولية جديدة لتعزيز موقع اسرائيل، تركّز على قرار مباشر بنزع سلاح حزب الله، وهو ما أكّده مندوبه الى مجلس الامن جون بولتون، بينما شهدت بيروت امس، حدثاً لافتاً تمثّل في زيارة سريعة لأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني شملت الضاحية الجنوبية ولقاء الرؤساء الثلاثة، وقال بعدها إن هناك ضرورة لإطلاق عملية السلام جدياً، وإن بلاده تقود جهوداً خاصة لتحسين العلاقات العربية العربية. وهو أبلغ اهل الحكم بأن الرئيس السوري بشار الأسد يرحّب بزيارة سريعة لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى دمشق. ورحّب الاخير بالدعوة، لكن اوساط فريق الاكثرية استبعدت الخطوة ربطاً بالخطاب الأخير للرئيس السوري.
ويفترض أن تكون هذه المواضيع مدار بحث في لقاءات مع وزراء خارجية عدد من الدول الاوروبية الذين يزورون لبنان خلال الايام القليلةالمقبلة، فيما تأجّلت زيارة الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان الى الاسبوع المقبل.
ومع أن هذه الاتصالات لم تحمل جديداً بشأن الحصار المفروض على لبنان، فإن اسرائيل واصلت خرقها لقرار وقف النار وأعلنت من جانبها أنها قتلت ثلاثة مقاومين، وهو ما نفاه الحزب. لكن الأمر الأكثر قلقاً تمثّل في إقرار مصادر رسمية بفشل كل المحاولات التي جرت لإنهاء الحصار الإسرائيلي، وتوقفت امام محاولات الرئيس السنيورة التي شملت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، ونظيرها الفرنسي فيليب دوست بلازي، والأمين العام للأمم المتحدة، عدا مراجعات الأقطاب العرب التي لم تأت بالنتائج المرجوة ولو على قاعدة ما تضمنه القرار 1701 في الفقرة التنفيذية السادسة التي نصّت على “اعادة فتح المطارات والمرافئ بحسب ما تنص عليه الفقرتان الرابعة عشرة والخامسة عشرة”.
وقالت المصادر إن إغفال الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية لهذا الموضوع الخطير، يمكن ان يمثّل تغاضياً عن ضرورة تطبيق مضمون ما نص عليه القرار نفسه في البند “د” من الفقرة التنفيذية الحادية عشرة، التي نصّت على “تأمين وصول المساعدات الإنسانية الى المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين”، كما بالنسبة الى ما نصّت عليه الفقرة الثانية عشرة من “تسهيل أعمال الإغاثة، من دون المسّ بالمسؤولية المترتبة على عاتق الحكومة اللبنانية”.
وفي هذا الإطار، حذّرت الهيئات المالية والاقتصادية والتجارية وشركات النقل الجوي والبحري تحديداً، من خطورة نفاد المواد الغذائية الضرورية التي لم تشملها المساعدات العربية والدولية حتى الآن، والتي سجّلت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها ومنها ما يتصل بالبن والمشروبات المشابهة والمنبهات، بفعل استمرار الحصار غير المبرر.
وعلمت “الأخبار” أن بعض الفاعليات التجارية اجرت اتصالات بمبادرة فردية مع عدد من الملحقين التجاريين في سفارات فرنسا وأميركا وبريطانيا، ودول اوروبية أخرى على علاقات مميزة مع اسرائيل، احتجاجاً على استمرار الحصار، وهدد بعضها بمواقف قد تصل إلى إعادة النظر بالاتفاقات التجارية المعقودة معها اذا لم يكن لها دور في رفع الحصار والضغط على بلدانهم للتدخل ورفع الضرر اللاحق بالحركة التجارية بين لبنان وهذه البلدان، عدا النتائج السلبية المترتبة على مصالح المواطنين اللبنانيين.
في هذه الأثناء، كشفت مصادر مطّلعة لـ“الأخبار” أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أصدر امس القرار الخاص بتأليف الهيئة الأمنية العليا الخاصة بالإشراف على المرافق البرية والبحرية والجوية والتنسيق مع فريق الأمم المتحدة المكلّف الاطلاع على التدابير الأمنية المتخذة فيها التزاماً بالمعايير الدولية المعتمدة، تمهيداً للضغط باتجاه رفع الحصار المضروب عليها.
وضمّت اللجنة التي يرأسها اللواء أشرف ريفي: العميد عدنان اللقيس قائد جهاز امن السفارات في قوى الأمن الداخلي، والعميد جوزف الحجل رئيس الأركان في قوى الأمن الداخلي، والمدير العام للجمارك العميد اسعد غانم، والعقيد غسان بلعة نائب رئيس المخابرات في الجيش اللبناني، والعقيد باسم عبد الله من فرع المخابرات في البقاع، والعميدة سهام الحركة رئيسة شعبة العمليات في الامن العام، والمدير العام للطيران المدني حمدي شوق، ورئيس مجلس إدارة المرفأ المدير العام حسن قريطم (غالبية هؤلاء من تيار المستقبل).
وفي المعلومات التي توفرت لـ“الأخبار”، أن اللجنة، بعد نصف ساعة على صدور المرسوم بتأليفها، عقدت اول اجتماع لها مع الفريق الفني الألماني الذي كان قد وصل الى بيروت بتكليف من انان للاطلاع على التدابير الأمنية المقررة ومدى ملاءمتها للمعايير الدولية المعتمدة في مطارات العالم، بالإضافة الى الاطلاع على حاجات لبنان الفنية والتقنية لتعزيز كل أشكال المراقبة لمنع دخول الأسلحة والمواد الممنوعة.
وبعد اللقاء، جال اعضاء اللجنة الأمنية والفريق الألماني على مختلف مرافق المطار ومرفأ بيروت، على أن تزور اللجنة اليوم ما تراه مناسباً من المرافق الأخرى، قبل أن تلتقي مجدّداً بأعضاء الهيئة لتقويم الحاجات الضرورية على كل المستويات، تمهيداً لرفع تقرير مفصّل الى أنان خلال فترة وجيزة.
بوش وبولتون
وفي واشنطن، أكّد الرئيس الأميركي الاتجاه لإصدار قرار ثان من مجلس الأمن لتوضيح مهمة القوة الدولية في لبنان. وشدّد، في مؤتمر صحافي، على أن “الاولوية ستكون لتوضيح قواعد الاشتباك”. ورأى أنه ينبغي نزع سلاح حزب الله “في نهاية المطاف”، لكن يجدر البدء أوّلاً بإقامة “منطقة امنية” في جنوب لبنان.
وشدّد بوش على “الحاجة الملحّة” لنشر قوة اليونيفيل المعززة في أسرع وقت ممكن” في جنوب لبنان. وأشار إلى أن “اميركا ستنهض بدورها وستساعد القوة الدولية الجديدة بالدعم اللوجيستي والقيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات”. وأعرب عن أمله في أن ترسل فرنسا الى لبنان اكثر من 200 جندي.
وأعلن بوش “ان الولايات المتحدة سترسل مزيداً من المساعدات لدعم الجهود الانسانية وإعادة الإعمار في لبنان ليفوق مجموعها 230 مليون دولار”.
وأضاف: “سأرسل قريباً الى لبنان وفداً رئاسياً يضم مسؤولين في القطاع الخاص لإيجاد طريقة لحمل الجمعيات الخيرية وأوساط الاعمال في الولايات المتحدة على الاستمرار في مساعدة الشعب اللبناني”.
ولفت إلى أن جزءاً من “رزمة المساعدات سيساعد على تعزيز قوة الجيش اللبناني”. وقال: “اقترحت تخصيص رزمة بقيمة 42 مليون دولار للمساعدة في تدريب القوات المسلحة اللبنانية وتجهيزها”.
وقال المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون، في تعليق على كلام بوش، إن الولايات المتحدة تريد قراراً دولياً بنزع سلاح حزب الله، لكنه أضاف: “إن هذا لا ينبغي أن يعوق نشر القوات الدولية في جنوب لبنان”، مشيراً إلى أنه لا يوجد توقيت محدد لصدور هذا القرار، لكن يجب أن تكون هناك إجراءات متابعة للقرار الدولي 1701.