يصل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الى بيروت اليوم مفتتحاً جولة تقوده الى إسرائيل وسوريا وإيران، وتهدف الى توفير “شروط أفضل لتطبيق القرار 1701” كما قال مساعدون له. وإذا كانت طائرته تحتاج الى إذن إسرائيلي لتحط به في مطار بيروت، فإن ملف انتشار القوة الدولية ورفع الحصار الإسرائيلي سيكون في رأس أولويات المحاورين اللبنانيين، علماً بأنه يحمل “هماً إسرائيلياً ملحاً” يتصل بإطلاق سريع لسراح الجنديين الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة. ويفترض أن يجتمع أنان مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة ووزير الخارجية فوزي صلوخ من دون أن يتّضح ما إذا كان سيزور القوات الدولية في الجنوب أو المناطق التي دمرها العدوان الإسرائيلي.
وبحسب مصادر رسمية، فإن لبنان سيبلغ أنان بالخطوات التي اتُخذت حتى الآن لنشر الجيش اللبناني وبدء الإجراءات الرقابية عند المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية، والمطالبة برفع فوري وعاجل للحصار الإسرائيلي.
وقال صلوخ لـ“الأخبار” إن كلام وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عن بذلها جهوداً حقيقية لرفع الحصار الإسرائيلي عن لبنان “لا يكفي ولا يغرينا، نحن نطلب أفعالاً لا أقوالاً فحسب”. وأعلن صلوخ أن لبنان سيثير الأمر مع أنان، وإذا بقي الحصار، فسيلزم مجلس الوزراء بموقف حاسم لرفعه بأي طريقة.
في هذا الوقت، برز الى الواجهة قرار أنان عدم الاجتماع بالرئيس إميل لحود، نزولاً عند ضغط أميركي ـــ فرنسي، وبطلب من أركان فريق الأكثرية، وذلك ما حمل وزارة الخارجية على توجيه مذكرة الى الأمم المتحدة ضمّنتها ملاحظات تتصل بضرورة تفادي حصول خلل في برنامج الزيارة، في إشارة الى عدم عقد الأمين العام اجتماعين مستقلين مع لحود وصلوخ. وتلقت وزارة الخارجية أمس جواباً عن المذكرة عزا عدم الاجتماع بلحود الى سببين: أولهما أن أنان يقوم بزيارة عمل لا زيارة بروتوكولية كي يجتمع بالرئيس اللبناني على غرار زيارات مماثلة، وأن توجيه اجتماعه الى السنيورة ناشئ من المكالمات الهاتفية اليومية بينهما منذ صدور القرار 1701 سعياً الى تنفيذه.
وأوضحت المذكرة الجوابية أن زيارة أنان تركز على جانب متابعة إجراءات الحكومة اللبنانية والتحقق من الضمانات التي تساعد على تنفيذ القرار 1701، ثم رفع الحصار البري والبحري والجوي الإسرائيلي عن لبنان.
غير أن ما تضمنته المذكرة الجوابية بدا لأوساط رسمية مطلعة غير مقنع، كذلك استثناء أنان لحود من لقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين، لأنه سبق أن اجتمع بالرئيس اللبناني السنة الماضية على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، وأيضاً بعد أشهر في قمة المعلوماتية في تونس. هذا إضافة الى أن موفدين للأمين العام كإبرهيم الغمبري ونيكولا ميشال وتيري رود ـــ لارسن التقوا في أوقات متفاوتة لحود في قصر بعبدا. كما أن لارسن حمّل، في زيارته ما قبل الأخيرة إلى بيروت، وزير العدل شارل رزق رسالة شخصية الى الرئيس اللبناني يبرّر له فيها دوافع إحجامه عن الاجتماع به، وعزاها في حينه الى أسباب سياسية.
إلاّ أن المصادر الرسمية ترجّح أن يصار الى تجاوز عدم الاجتماع بصلوخ في قصر بسترس بالاستعاضة عنه بالاجتماع الذي سيضم أنان ومرافقيه في الوفد الدولي، لارسن وفيجار نيبار في السرايا مع السنيورة ويشارك فيه صلوخ.
وإذ ترى المصادر الرسمية أن على الأمم المتحدة ألاّ تحذو موقف واشنطن وباريس في السعي الى مقاطعة الرئيس اللبناني وعزله، نظراً الى موقعها المحايد والى واقع تعاملها مع دولة عضو في المنظمة الدولية، فإنها تشير الى أن لحود كان على صلة مباشرة بكل الاتصالات التي رافقت إصدار القرار 1701، وأن مجلس الوزراء أقر الموافقة على القرار في جلسة ترأسها لحود، الذي يعتبر دستورياً رئيس الدولة الذي يعقد بحسب المادة 52 الاتفاقات مع الدول بعد موافقة مجلس الوزراء. وبالتالي، فإن كل القرارات والإجراءات التي طبعت الموقف اللبناني الرسمي من القرار 1701 كانت بموافقة الرئيس اللبناني.
كذلك علم أن أهالي الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية قرروا عدم الاجتماع بأنان كما كان مقرراً، وذلك لكون القرار 1701 لم يساو قضية أبنائهم مع الأسرى الإسرائيليين، عدا عن أن أنان قدم وعوداً كثيرة في السابق ولم يلتزم أياً منها.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، أمس، أنه تلقى تأكيدات من أنان بأن نشر القوة الدولية سيتم خلال الأسبوع الجاري داعياً إياها إلى تأمين الحدود مع سوريا إضافة إلى الحدود البحرية والمرافئ. أضاف، في بيان، إن الأولوية بالنسبة إلى إسرائيل تبقى إطلاق سراح الجنديين الأسيرين لدى حزب الله.
وتأتي زيارة أنان في وقت حزمت فيه ألمانيا رسمياً، بعد تردّد وتريّث، أمرها في الدخول مجدداً في “مستنقع” أزمات الشرق الأوسط والمشاركة في القوات الدولية المتوجهة إلى لبنان بأكثر من 1200 جندي “بحراً”، لتصبح بذلك ثالث دولة أوروبية من حيث حجم المشاركة في القوة، فيما أعلنت فرنسا أنها لن ترسل كل القوات التي وعدت بها في وقت قريب، فيما جدّدت إيطاليا التأكيد على أن القوات الإيطالية لن تشارك في نزع سلاح حزب الله.