strong>السـنيورة في استوكهـولم: سـيؤكد اللبـنانيون وحدتهـم في مقـاومة الاعتـداء وإعـادة البـناء
ترك الأمين العام للأمم المتحدة إسرائيل أمس خالي الوفاض، بعدما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت دعوته إلى رفع الحصار عن لبنان داعياً إلى أن «تتغير الظروف بسرعة» لتسمح باتصالات «مباشرة» بين حكومته والحكومة اللبنانية التي رفض رئيسها فؤاد السنيورة الدعوات الداخلية إلى إسقاطها أو تعديلها قائلاً «ليخيّطوا بغير هالمسلة» (تفاصيل ص 20).
وقال السنيورة، من استوكهولم التي وصلها أمس على رأس وفد من ثمانية وزراء للمشاركة في مؤتمر مساعدة لبنان على إعادة إعماره الذي يبدأ أعماله اليوم، إنه لمس «الرغبة الحقيقية في السويد من المسؤولين ومجتمع الأعمال في دعم مسيرة لبنان الإعمارية والإنقاذية والإغاثية». وأوضح، بعد اجتماعه بوزير الخارجية يان إلياسون ووزيرة التعاون الدولي كارن يامتين ووفد من ممثلين غرفة التجارة والصناعة، «أنا واثق بأن الاجتماعات (التي عقدناها) وكذلك تلك التي سنعقدها، ستكون كلها مطمئنة إن شاء الله. لدينا اجتماع ويجب طرح قضية لبنان وهي إغاثة لبنان وإعماره وصمود اللبنانيين وتصميمهم وإصرارهم على أن يعاودوا بناء لبنان وسيؤكدون وحدتهم في مقاومة الاعتداء ومعركة إعادة البناء. أجد أن الأجواء ملائمة وعلينا دور كبير نقوم به وكامل أعضاء الوفد في الاتصالات الثنائية الى جانب اللقاءات في المؤتمر حتى نستطيع أن نحقق نتيجة».
وكشف السنيورة أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مشيراً إلى أنه «جرى البحث في كل ما له علاقة بالتعاون مع ألمانيا في ما خص الحدود البرية والمنافذ وفي ما يتعلق بالتعاون على صعيد الشواطئ اللبنانية».
وقال السنيورة، رداً على سؤال عما إن كان قد تلقى تأكيداً من أنان في هذا الإطار، «ليس الأمين العام للأمم المتحدة هو صاحب القرار ولكن وجوده الى جانبنا أمر مفيد وضروري ومهم، ولو كان القرار عنده لكان اتخذه منذ زمن، ولكن هذا القرار نتيجة تعنت إسرائيل».
وأضاف السنيورة، رداً على سؤال عما بحث مع رايس، «بحثنا أمرين، الأول موضوع رفع الحصار، والثاني ضرورة إيجاد الحلول الدائمة للمشاكل. في ما يتعلق بلبنان، هناك موضوع مزارع شبعا التي يجب أن نطبق عليها ما اقترحه لبنان في النقاط السبع بأن تعود السلطة الى القوات الدولية الى أن يصار الى البت بشأنها، كما طرحت على السيدة رايس أن تنقل الى الرئيس الأميركي أنه آن الأوان للنظر في الحلول الدائمة للصراع العربي ــ الإسرائيلي ولموضوع السلام، وقد وعدت بنقل هذه الفكرة المهمة الى الرئيس بوش».
وأوضح السنيورة، رداً على سؤال عما إذا كان سيعقد مؤتمر آخر لدعم لبنان قريباً، «نعم، فحتى الحادي عشر من تموز كنا نتحدث عن عقد مؤتمر لدعم لبنان ولكن الأحداث طغت على هذا الأمر، أما مؤتمر ستوكهولم فهو من أجل مساعدة لبنان إغاثياً وحل المشاكل الشائكة ومعالجة الأمور التي نتجت من جراء الأحداث والتي تعيق عملية عودة الحياة للاقتصاد اللبناني، ولكن ستبقى هناك حاجة ماسة الى الدعوة الى مؤتمر كامل يصار فيه الى طرح قضايا الإعمار ومعالجة الإصلاحات الاقتصادية في لبنان ووضع الاقتصاد اللبناني على الطريق الصحيح الآيل لتعزيز النمو وإيجاد فرص العمل».
وكان السنيورة استبق سفره بمؤتمر صحافي تحدث فيه عن برنامج المرحلة الثانية من مساعدات إعادة الإعمار، مشيراً الى ان لبنان هو آخر بلد عربي يوقع اتفاقاً مع اسرائيل. كما رد على الدعوة الى إسقاط الحكومة او تعديلها، متمسكاً ببقائها ما دامت تتمتع بثقة الغالبية النيابية. وقال: «ليخيّطوا بغير هالمسلة»، مرجحاً أن يخرج مؤتمر استوكهولم بمساعدات بآليات مختلفة قد تجمع 500 مليون دولار.
وأعلنت مفوضة الاتحاد الاوروبي للعلاقات الخارجية بنيتا فيرارو فالدنر أن المفوضية الاوروبية تعهدت تقديم مبلغ أولي قدره 42 مليون يورو (53.9 مليون دولار) للمساعدة في بدء عمليات الإعمار في لبنان بعد الحرب. وقالت، في بيان، «نحن ملتزمون مئة في المئة مساعدة لبنان في عملية إعادة التأهيل». لكنها تابعت ان «عملية التعافي الطويلة الأمد ستتطلب أيضاً إصلاحات سياسية واقتصادية».
وتأكيداً لما كانت «الأخبار» قد أوردته الثلاثاء الماضي، انتشرت وحدات من القوة الدولية امس في بعض القرى والتلال المقابلة لبلدة الغجر في القطاع الشرقي، في حزام أمني يفصل بين الجيشين الاسرائيلي واللبناني في القسم اللبناني غير المختلف عليه مع سوريا من مزارع شبعا. وقال بيان أصدرته القوة الدولية ان الجيش الاسرائيلي انسحب من مناطق محتلة حديثاً في المزارع، وتحديداً من مزرعة بسطرة وكفرشوبا وشبعا. وأضاف البيان ان القوة الدولية أقامت حواجز لها وستقوم بدوريات على طول الشريط الحدودي للتأكد من أن الجيش الإسرائيلي لم يعد فيها، مشيراً إلى «ان اليونيفيل تعتزم بعد ذلك تسليم المنطقة الى الجيش اللبناني».
وتعليقاً على هذه الخطوة، رغم اعلان إخلاء 14 موقعاً لـ«حزب الله» في المنطقة الاثنين وردم سراديب كان يستخدمها قبالة المواقع الإسرائيلية لسنوات خلت، قال مرجع أمني لـ«الأخبار» إن ما حصل أمس يقع في إطار آلية ستعتمد في المرحلة المقبلة عند إخلاء الإسرائيليين أي موقع على طول المنطقة القريبة من «الخط الأزرق»، حيث ستتشكل منطقة عازلة بين الجيشين الاسرائيلي واللبناني، تعرف باللغة العسكرية «bussir zone»، على أن تسلم القوة الدولية المنطقة المحاذية لها الى الجيش بعد 24 ساعة، وستبقى في الموقع الفاصل عند «الخط الأزرق» حيث هو.
وعلمت «الأخبار» أن اللجنة الأمنية العليا المكلفة متابعة الوضع الأمني على المعابر البرية عند الحدود اللبنانية ــ السورية ستعقد اجتماعاً لها في اليومين المقبلين لمناقشة حصيلة الكشوف الميدانية التي وضعتها لجنتان فرعيتان كلفتا وضع تقارير مفصلة عن الإجراءات الواجب اتخاذها على المعابر من المصنع والقاع وصولاً الى طريق الهرمل ــ حمص الى الجهة الشرقية من الحدود، والعبودية والعريضة الى الجهة الشمالية منها، كذلك بالنسبة الى تدابير باشرها الجيش منذ انتشاره على المعابر الشرعية وغير الشرعية.
وتوقعت مصادر معنية تواكب أعمال اللجنة العليا إعلان إجراءات جديدة ترفع نسبة التطمينات الى المجتمع الدولي حيال جدية لبنان في تحصين الحدود ومنع تهريب اسلحة وممنوعات وتطبيق المعايير الدولية المعتمدة سعياً الى إنهاء الحصار المضروب على لبنان.
وفي القدس المحتلة، أفادت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أن أنان طرح صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحزب الله، تقضي بإطلاق حزب الله سراح الجنديين الإسرائيليين في مقابل إطلاق إسرائيل سراح أسرى لبنانيين محتجزين لديها بعد ذلك بأسابيع. وأضافت أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت صفقة التبادل ستشمل عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار.
وفي هذا السياق، وصل إلى إسرائيل أمس القس الأميركي جيسي جاكسون في زيارة مفاجئة والتقى في مطار بن غوريون الدولي أفراد عائلات الجنود الأسرى، وأبلغهم أن الجنديين الأسيرين لدى حزب الله على قيد الحياة «حسبما فهم من لقاءات أجراها في لبنان».
وكان أولمرت ربط، خلال لقائه أنان، رفع الحصار عن لبنان بالتنفيذ الكامل لجميع بنود القرار 1701 واستكمال انتشار القوة الدولية. وعبّر أولمرت عن أمله أن «تتغير الظروف بسرعة لتسمح باتصالات مباشرة بين حكومتي إسرائيل ولبنان من أجل التوصل قريباً إلى اتفاق»، معتبراً أنه «لا نزاع بين الشعب الإسرائيلي والحكومة اللبنانية».