“زحف” القوات الدولية لم يتوقف عند حدود لبنان، بل وصل أمس إلى السودان، بعدما أقر مجلس الأمن الدولي قراراً حمل الرقم 1706، ينص على نشر قوات أممية في دارفور “على أساس موافقة الحكومة السودانية”، التي عدتها واشنطن “غير ضرورية” ومن دون أن تكترث لوصف الخرطوم للقرار بأنه “غير قانوني”.وصادق أعضاء مجلس الأمن الـ15، بغالبية 12 صوتاً وامتناع الصين وروسيا وقطر عن التصويت، على نشر قوات لحفظ السلام، يمكن أن يصل عديدها إلى 17 ألف جندي، في إقليم دارفور في غرب السودان.
وقال المندوب الأميركي جون بولتون، الذي دعم النص مع مندوبي بريطانيا والدنمارك وسلوفاكيا وغانا واليونان وتنزانيا: “نحن سعداء لاتخاذ مجلس الأمن هذه الخطوة المهمة”. وأضاف: “لا بد من التحرك فوراً لتطبيقه ووضع حد للأحداث المفجعة في دارفور”.
وشدد بولتون على أن واشنطن تتوقع من الخرطوم الامتثال لشروط القرار، محذراً من أن عدم قيامها بذلك سيؤدي“إلى تقويض اتفاق السلام في دارفور وإطالة الأزمة الإنسانية”.
أما قطر، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، فشددت من جهتها على أنه لا يمكنها تأييد النص. وقال مندوب قطر لدى مجلس الأمن، جمال ناصر البدر، شارحاً امتناعه عن التصويت، إنه “لا بد من بذل مزيد من الجهود للحصول على موافقة طوعية من السودان”. وأضاف: “كما نعلم، الموافقة يجب أن تكون طوعية”.
وقال رئيس المجلس، مندوب غانا، نانا ايفا-ابنتنغ، إن “القرار لا يغلق الباب أمام مزيد من الحوار مع الحكومة السودانية”. وأضاف أن المشاورات ستتواصل مع الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الافريقي التي دعي ممثلوها إلى لقاء مع مجلس الأمن الدولي في 8 أيلول الجاري.
وقال مندوب الصين وانغ غوانغيا إن بلاده تدعم نشر قوة دولية في دارفور “ما أن يكون ذلك ممكناً”، موضحاً أن بكين امتنعت عن التصويت على القرار لأنها تعارض توقيته وترى أنه “لا ضرورة للإسراع في عرض النص للتصويت”. وأعرب عن مخاوفه من أن يسبب القرار 1706 المزيد من “سوء الفهم والمواجهات”.
وفي مسعى لتليين موقف الحكومة السودانية، يعيد النص التأكيد على “التزام المجلس القوي باحترام سيادة السودان ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه التي لن تتضرر عبر نقل العمليات إلى الأمم المتحدة في دارفور”. كما يعرب النص عن “تصميم المجلس على العمل مع الحكومة السودانية بما يضمن الاحترام التام لسيادتها وعلى المساعدة على حل مختلف المشكلات التي يواجهها السودان”. ويشير إلى أن القوة الدولية المقترحة يفترض أن “تكون، بقدر الإمكان، ذات طابع افريقي وبمشاركة افريقية كبيرة”.
ورغم ما نص عليه القرار، رأت المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية كريستين سلفربرغ أن موافقة الخرطوم غير ضرورية لنشر قوات من الأمم المتحدة في دارفور. وقالت إن القرار الدولي “يدعو السودان إلى الموافقة، ولكن ليس هناك ما يتطلب موافقة السودان”. وأضافت: “نحن نتوقع ونأمل من الحكومة السودانية وكل الأطراف المعنية أن تتعاون لتطبيق هذا القرار”، مشيرة إلى أنه «يجب ألا ننسى أن القرار ينص على حماية المدنيين بموجب الفصل السابع” من شرعة الأمم المتحدة. وتابعت: “المهم بالنسبة للفصل السابع أنه وإن كان يطبق عادة بموافقة الحكومة المعنية، فإنه لا يتطلب موافقتها ولا تعاونها”.
وفي أول رد فعل من الخرطوم، قال المستشار الرئاسي علي تميم فرتاك إن السودان يرفض القرار. وأضاف أن “موقف السودان واضح للغاية، وهو أن الحكومة لم تستشر وأن من غير المناسب أن يصدر قرار قبل الحصول على إذن السودان”، واصفاً إياه بأنه “غير قانوني ويتعارض مع اتفاق السلام في دارفور”.
وفي القاهرة، أعربت مصر عن أسفها لتجاهل مجلس الأمن اعتراضاتها مع الحكومة السودانية وغالبية الدول الأعضاء في الجامعة العربية. وقالت مصادر ديبلوماسية مصرية لـ “الأخبار” إن السودان قد يدعو إلى عقد قمة عربية إفريقية مصغرة تضم رؤساء مصر وتشاد والسودان وليبيا ونيجيريا لبحث كيفية التعامل مع هذه القوات.
وقال ديبلوماسى مصري لـ “الأخبار” إن قمة مصرية سودانية بين الرئيسين المصري حسنى مبارك والسوداني عمر البشير قيد التحضير لتدارس كيفية الخروج من الأزمة الحالية، وتجنب المواجهة مع مجلس الأمن خلال المرحلة المقبلة.
(الأخبار، أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)