لم يستطع العديد من المتابعين التفريق بين «مسودة مشروع»، و«دستور مُنزل» على سوريا. جاءت معظم التعليقات على مسودة «الدستور الروسي» لسوريا، في المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي، إمّا شامتة أو ناكرة. موقع «العربية» السعودي، الذي يمثل المرآة الإعلامية لـ«أعظم ديموقراطيات المنطقة»، أفاد بأنّ ما سُرّب هو «دستور روسي إيراني لسوريا يلغي هويتها العربية».

وذلك رغم عدم وجود أي إشارة لإيران، لكن «روسيا احتلّت سوريا فعلاً». أما بعض السوريين، وغيرهم، الذين هالهم ما نُشر، فشرعوا في التشكيك والنفي عبر مصادر متعددة ومختلفة... كان همّ مُعظمهم أنّ «بلادنا لا يُفرض عليها شيء». هذه الحمية ينقصها بعض المنطق، وحالة النكران لا تُفيد في ظل تدويل الأزمة السورية، والاتفاق على مسار سياسي في مجلس الأمن يقود إلى دستور جديد وانتخابات.

لكن، من يعتبر أنّ هذا المشروع نهائي؟ ومن يشكّك بأن موسكو تبالي بـ«عروبة» سوريا، أو تتمسّك بمركزية الدولة بشكلها الحالي؟

المسار الروسي ــ الأميركي يفضي إلى تفاهمات وتقاطعات عديدة. وهذا ما ظهر في كلام وزيري خارجية البلدين، إن كان في ما يتعلّق بالقرار 2254 وصولاً إلى الهدنة وليس انتهاءً بـ«الاتفاق على مسودة دستور في بداية شهر آب».

المشروع الذي نشرت جزءاً يسيراً منه «الأخبار» هو مشروع روسي، يحوز موافقة أميركية مبدئية. لكن هذه «المسودة» وصلت إلى دمشق، وشرعت الأخيرة في وضع تعديلات وحذف فقرات ومواد. موسكو تعلم أنّها لا تستطيع فرض دستور سيجري في نهاية الأمر الاستفتاء عليه من قبل الشعب السوري، كما تدرك أنّ «السقف العالي» للمشروع المقدّم، سينخفض طبقاً لتعديلات حليفتها.

«النسخة الروسية» اطلعت عليها دمشق إذاً، ووضعت ملاحظاتها، وهي تعلم أنّه لن يكون هناك «دستور مُنزل». «الأخبار» حصلت على التعديلات السورية على الورقة الروسية، وقد لا تكاد تجد فصلاً من المشروع لا يوجد فيه تعديلات أو حذف.

نبدأ من المادة الأولى، إذ أضيفت كلمة «عربية» للجمهورية السورية.



يتمّ التعديل على

الدستور الجديد «خلال ثلاث سنوات» منذ تبنّيه



ــ لا موافقة سورية على أيّ صيغة لـ«جمعية المناطق» في الدستور، أي حتى الآن الاختلاف ليس على صلاحياتها الكبيرة بل على أصل وجودها.

ــ رفض «استخدام أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية».

ــ تعديل فقرة أنه «يُضمن لمواطني سوريا الحق في تعليم أطفالهم بلغتهم الأم في مؤسسات التعليم العامة»... لتكون في «التعليم الخاص فقط».

ــ استبدال مادة «تكون القوات المسلحة تحت الرقابة من المجتمع ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية ولا تلعب دوراً في عملية انتقال السلطة...».

ــ تعديل مادة أن سوريا «تتكوّن من وحدات إدارية».

ــ الإبقاء على تسمية مجلس الشعب (بدل «جمعية الشعب»)، وحذف اختصاصات مضافة في المسودة مثل: «تعيين رئيس المصرف الوطني وإقالته»... «إقرار إعلان رئيس الجمهورية حالة الطوارئ والتعبئة العامة».

ــ لا يجوز إعادة نفس الشخص إلى منصب رئيس الجمهورية «إلا لولايتين على التوالي»... بدل «إلا لولاية واحدة».

ــ إضافة أن يشترط على المرشح أن يكون سورياً بالولادة من أبوين سوريين بالولادة».

ـ حذف فقرة أن «يتولى رئيس الجمهورية مهمة الوساطة بين سلطات الدولة وبين الدولة والمجتمع».

ــ إضافة «تعيين كبار الموظفين» ضمن صلاحيات الرئيس في فقرة «... يقوم بمنح رتب الشرف وتعيين الرتب العسكرية العليا والخاصة ومنح العفو».

ــ إضافة سلطات تشريعية لرئيس الجمهورية (غائبة عن المسودة).

ــ شطب فقرة «التعيين لمناصب نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء تمسكاً بالتمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية، وتحجز بعض المناصب للأقليات القومية والطائفية».

ــ حذف اختصاص الحكومة بـ«تعيين وفصل موظفي الدولة والعسكريين وفقاً للقانون».

ــ تصدر الحكومة قرارات فقط (شطب «ومراسيم»).

ــ تؤلف، حسب التعديل، المحكمة الدستورية العليا «بمرسوم».

ــ تبقى تسمية «مصرف سوريا المركزي» بدل «المصرف الوطني السوري» المُقترح.

ــ إضافة تعبير «لما لا يخلّ بالنظام العام» بعد «لا يجوز إجبار أحد على التعبير عن آرئه أو اعتقاداته أو التخلي عنها».

ــ من الملاحظات السورية أيضاً، أن يجري استبدال إحدى المواد التي تفيد جزء منها أنّ «من المعترف به في سوريا التنوع الأيديولوجي. ولا يجوز اعتبار أية أيديولوجيا عامة أو إلزامية. إن الجمعيات الاجتماعية متساوية أمام القانون».

ــ شُطبت فقرة من مادة أخرى تفيد بأنّ «مبادئ وأحكام القانون الدولي المعترف بها ومعاهدات سوريا الدولية جزء لا يتجزأ من نظامه (الدستور) القانوني... إن كانت معاهدة دولية لسوريا تحدد قواعد أخرى مما يحددها القانون فيتم استخدام قواعد معاهدة دولية».

ــ حذف أنه «لا يجوز تغيير حدود الدولة إلا عن طريق الاستفتاء العام...».

ــ يتمّ التعديل على الدستور الجديد «خلال ثلاث سنوات» منذ تبنيه لا خلال سنة واحدة.