خرقت «قوات سوريا الديموقراطية» وخلفها «وحدات حماية الشعب» الكردية، الخط الأحمر التركي، وعبرت نحو مدينة منبج، غربي نهر الفرات، بعد سيطرتها على أكثر من عشرين قرية وبلدة باتجاه مركز مدينة منبج، في ريف حلب الشمالي الشرقي.وتهدف الحملة للوصول إلى منبج، التي ستكون البوابة الرئيسية لاختراق ريف حلب الشمالي، والسيطرة على الـ100 كلم الباقية، لإغلاق الحدود السورية ــ التركية، والسيطرة على الشريط الممتد لأكثر من 500 كلم.
«قسد» وعمودها الرئيسي «الوحدات»، الكردية، هاجمت أمس قرى ريف منبج من ثلاثة محاور: سد تشرين، وجبل الشامية، وجسر قرقوزاق. وحققت القوات تقدماً عبرت من خلاله غربي الفرات، وسيطرت على أكثر من 20 قرية ومزرعة، وأصبحت على بُعد أقل من 15 كلم عن مركز المدينة.
ضوء أخضر لـ«الوحدات» لاستكمال ربط «كانتوناتها»

واعتمدت «قسد» في تقدّمها على غطاء جوي مكثّف لطائرات «التحالف الدولي»، التي نفّذت أكثر من خمسين غارة على مواقع «داعش» في منبج وريفها. وقطعت خلالها خطوط إمداد التنظيم من مناطق العون - الحلونجي - المحسني - جرابلس، باتجاه منبج.
بدورهم، حضر المستشارون الأميركيون في المعركة، من خلال غرف عمليات تربط الجو بالأرض، وأخرى متخصصة بالألغام، حيث اتخذوا من المناطق المحيطة بسد تشرين، مقرّاً لهم. واتّسم الهجوم بالسرعة، كما كان متوقعاً، ليؤكد أن محور عمليات ريف الرقة الشمالي لم يكن أكثر من حالة موقتة أرادت «الوحدات» الكردية من خلالها التعبير عن جاهزيتها لطرد «داعش» من الرقة.
ويتقاطع بدء العمليات أمس مع ما ذكرته «الأخبار» منذ نحو عشرة أيام عن تسهيل كردي ومشاركة في معارك ريف الرقة مقابل موافقة أميركية على إعادة فتح المعركة غرب سد تشرين، أي في منبج (راجع «الأخبار»، العدد 2891).
وظهر أمس الهدف الرئيسي من العملية، وهو كسر الخط الأحمر التركي، والعبور باتجاه غربي الفرات، تنفيذاً للاتفاق المبرم مع قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، جوزف فوتيل، حين زار سوريا في الأيام الماضية، والتقى قيادة «قسد».
وتحمل الحملة باتجاه منبج دلالات سياسية وميدانية تتمثل باعتبار الهجوم مثابة ضوء أميركي أخضر لـ«الوحدات» لاستكمال حلمها بربط «كانتوني الجزيرة - الحسكة، كوباني» بـ«مقاطعة عفرين»، وإنهاء حلم الأتراك بمنطقة عازلة، وكسر كل خطوطهم الحمراء.
وتلقفت «الوحدات» الكردية الضوء الأخضر الأميركي، والمتطابق مع مصلحة روسية (إغلاق أخطر الجيوب لتهريب المسلحين إلى سوريا)، بالإعداد لمرحلة ما بعد منبج، من خلال تشكيل مجلس محلي لإدارة شؤون منطقة الباب في ريف حلب الشمالي، في إشارة واضحة إلى استمرار عملياتها العسكرية التي ستشمل كامل الشريط الحدودي.
وأكّدت مصادر ميدانية لـ«الأخبار» أن «الإعلان الرسمي لبدء معركة منبج سيكون عبر بيان من المجلس العسكري لتحرير منطقة الشهباء»، مضيفاً أن الإعلان «قد يشمل مناطق أخرى في ريف حلب الشمالي والشرقي».
في حلب، واصل الجيش السوري وحلفاؤه الحشد على مختلف المحاور. وشهدت الساعات الأخيرة تحريكَ بعض القطع العسكرية في محيط المدينة وعلى تخومها الشمالية من دون أي فعالية قتالية. فيما تواصل نشاط الطيران الحربي في سماء المدينة وريفها بصورة متصاعدة. وفيما تحرك طيران «التحالف الدولي» في أقصى الريف الشمالي الشرقي دعماً لتحركات «قوات سوريا الديموقراطية» ضدّ تنظيم «داعش»، واصل الطيران السوري استهداف محور الكاستيلو بكثافة ناريّة كبيرة. واتّسم النشاط الجوي للطيران السوري والروسي في الساعات الأخيرة الماضية بكثافة غير مسبوقة، في شكل تمهيد جوّي لمعارك تؤكّد المؤشرات أنّها ستعتمد تكتيكاً مغايراً لكل ما سبق، سواء من حيث مساراتها أو أهدافها النهائيّة. مصدر ميداني سوري أكّد لـ«الأخبار» أنّ «التمهيد ما زال في بداياته، ليست العبرة في استمراره ساعات أو أيّاماً، بل في تحقيق كل أهدافه». وفيما تحفّظ المصدر عن الخوض في أي تفاصيل تتعلّق بخطط الجيش للمرحلة التالية، أكّد في الوقت نفسه أنّ «هؤلاء الأبطال المحتشدين لم يأتوا بهدف النزهة حتماً، القادم يفوق أي تصوّر. والكلمة الأعلى في الميدان للجيش السوري وحلفائه». وتبدو التحضيرات جارية لخوض معركة جدّية لتطويق مدينة حلب، وبالتالي قطع طريق الإمداد البشرية والعسكرية عن مسلحي الأحياء الشرقية باتجاه أرياف المحافظة الغربية والجنوبية.