يتمنى الصيداويون لو يستفيقون من كابوس "سعودي أوجيه"، فيجدون أن الشركة التي كانت مصدر رزق المئات منهم طوال أكثر من ثلاثين عاماً لا تزال بخير، وكل ما يحكى عن إفلاسها وصرف موظفيها مجرد شائعات. لكن في اليقظة تأتيهم يومياً أخبار سيئة تجعل أولويتهم ليس إفلاس امبراطورية آل الحريري، بل إفلاس عائلات المصروفين من نعيمها.الشائعات عن قرب إعلان إفلاس "سعودي أوجيه" تزداد انتشاراً حتى صارت أقرب إلى التصديق. على نحو متكرر، تنتشر صور لاقتحام مكاتب الشركة الرئيسية في الرياض أو في مناطق المملكة، من قبل عمال يطالبون برواتبهم المحجوبة عنهم منذ أشهر. آخرها، تظاهر مئات العمال اللبنانيين والعرب والأجانب أمام مكاتب الشركة في الدمام قبل أن يقتحموها ويبعثروا محتوياتها. على صفحات التواصل الاجتماعي وعبر الرسائل القصيرة، أرفق بصور الاقتحام والتظاهر تعليق يقول: "بعد الوعود الكاذبة من المدير العام للشركة فريد شاكر ومع قرب شهر رمضان، فيما صاحب الشركة يلهو في لبنان وموظفو شركته يشحذون الريال ليأكلوا، فضلاً عن المصائب التي رميت عليهم بسبب تأخر دفع رواتبهم"، علماً بأن شاكر اتهم في وقت سابق باختلاس أموال من الشركة عندما كان موظفاً قبل أن تسقط عنه التهمة ويعين مديراً عاماً.
"انتفاضة أوجيه" وصلت إلى الإعلام المصري. في الصفحة الخاصة برسائل القراء، وجه الموظف المصري شكري محمد علي نداءً إلى المسؤولين للمساعدة في الضغط على إدارة الشركة لصرف الرواتب المتأخرة منذ سبعة أشهر. "الإدارة لا تهتم ولا تنقل الرسالة للشيخ سعد الحريري، والأسر لا تستطيع أن تقضي حاجياتها"، قال محمد علي. الشكاوى تصاعدت أيضاً من العمال الفيليبينيين.
شائعات عن قرب طرد نحو 600 صيداوي من الشركة قريباً

أما في صيدا، فالمتضررون يرفضون حتى الآن التصريح علانية عن الأزمة. منهم من يخشى ردّ فعل أصحاب الشركة فيحرم من تعويضاته، ومنهم من لا يزال يتوسم خيراً من "الشيخ سعد" بأن "يرحمنا ويصرف جزءاً من رواتبنا من ثروته الطائلة". امتناعهم عن الحديث لا يغيّر في حالهم المزرية. عودة مئات الصيداويين المصروفين من السعودية باتت أمراً مرتقباً بعد العودة التدريجية للعشرات من زملائهم في الأشهر الماضية. إلا أن ما يؤرق عائلاتهم، صرفهم من دون دفع مستحقاتهم. عدد من أقرباء الموظفين قال إن "بعضهم طرد من منزله بعد تأخره عن دفع الإيجار، فانتقل للإقامة معتصماً في مكاتب الشركة". التشرد يضاف إليه الجوع لدى آخرين أنفقوا أموالهم وما كانوا قد استدانوه. والأسوأ أن إقامات معظم الموظفين انتهت ويجب عليهم تجديدها. في ظل تلك الدوامة، عرضت إدارة الشركة على المصروفين أن يجددوا إقاماتهم على كفالتها، لكن على حسابهم الخاص. كذلك عرضت عليهم أن يبحثوا عن فرصة عمل في شركات أخرى. بعض من وجد عملاً، لم يستطع أن يؤمن ملفه الوظيفي اللازم، لأن عدداً من مكاتب الشركة في أنحاء المملكة قد أقفل بسبب عدم دفعها بدلات الإيجار. يصرّ كثيرون على المداومة في الشركة لضمان حصولهم على مستحقاتهم. لكن سرت شائعات تتحدث عن قرب طرد نحو 600 صيداوي من الشركة في الأسابيع المقبلة.
"كل هذا هيّن أمام خبرية بيع الشيخ سعد لحصته في أوجيه"، قال مدير سابق في الشركة. آخر الشائعات تحدثت عن أن الحريري وقّع أخيراً على عقد بيع حصته في "سعودي أوجيه"، من دون تحديد هوية المشتري. بحسب المشيعين، فإن "تفاصيل العقد غير واضحة، بين ما إذا باع حصته كاملة أو أبقى على عشرين في المئة منها أو على 48 في المئة".
إشارة إلى أن الشركة المصنفة فئة أولى في المملكة، تنقسم إلى قطاعين، قطاع الخدمات وقطاع المقاولات. في وقت وقع فيه قطاع المقاولات في عجز، فإن القطاع المختص بصيانة المشاريع التي نفذتها أوجيه (مطارات وجامعات وقصور وشبكات بنى تحتية) لم يتأثر بالأزمة المالية، لأن الوزارات المعنية تصرف مستحقات التعهدات ورواتب الموظفين مباشرة.