لم يكن ما حدث قبل ساعات على حفل افتتاح الالعاب الاولمبية الصيفية في ريو دي جانيرو بين البعثتين اللبنانية والاسرائيلية سوى فصل آخر من محاولات التطبيع الصهيونية عبر مختلف الوسائل المتاحة، ومنها الرياضة.وكما يعلم الكل، فإن الاسرائيليين حاولوا مراراً استغلال الاحداث الكبيرة الذين يوجدون فيها حول العالم لكي ينتزعوا اعترافاً بوجودهم، وتحديداً من الدول التي لا ترى فيهم إلا عدواً، فتراهم يستغلون المهرجانات الفنية أو الثقافية الكبيرة محاولين التقرّب ممّن يظهر العداء لهم علناً، وهو الامر عينه الذي سعوا اليه في مسابقات الجمال حتى، حيث ضجّت وسائل الاعلام العام الماضي بتلك الصورة التي جمعت ملكة جمال لبنان سالي جريج وملكة جمال إسرائيل دورون ماتالون، ليتبيّن بعدها أن الاخيرة حاولت مرات عدة أن تظهر الى جانب الاولى، ما يعني أن تعليمات خاصة أوعزت اليها بذلك، والهدف بات معروفاً للجميع.
شرع الإسرائيليون في تصوير اللبنانيين بطريقة استفزازية

من هنا، لا يمكن إسقاط أن ما حصل في ريو دي جانيرو لم يكن متعمّداً، وهو أمر أكده مصدر في البعثة الذي روى لـ"الأخبار" القصة بتفاصيلها، التي بدأت على باب خروج اللبنانيين في الحافلة التي تقلّهم من القرية الاولمبية باتجاه ملعب "ماراكانا" الذي احتضن حفل الافتتاح. هنا اقترب الاسرائيليون من الحافلة، وقد أثارهم مشهد الرياضيين اللبنانيين بألوان بلادهم حاملين الاعلام، فشرعوا في تصويرهم بطريقة استفزازية مع توقف الحافلة التي أرادوا الصعود اليها. وهنا، بادر مدرب كرة الطاولة وسام شيري، ونظيره للسباحة جورج يزبك، وإداري الكانوي كاياك علي مسمار، وأمين سر اتحاد السباحة فريد أبي رعد بالاعتراض، ليتدخل بعدها رئيس البعثة سليم الحاج نقولا بحكم مسؤوليته ويطلب عدم السماح لبعثة العدو بالصعود الى الحافلة، وسط تبادل للكلام الاستفزازي بينهم وبين بعض أفراد البعثة اللبنانية من خلف الزجاج.
المهم أن ميدالية شرف تعلّق وساماً على صدر كل شخص في البعثة اللبنانية فضح الوقاحة الاسرائيلية الدائمة. فالإسرائيليون الذين حاولوا دائماً مدّ الجسور مع كبار العالم الرياضي لتسويق أنفسهم، كان هدفهم الأهم دائماً التطبيع مع العالم العربي على وجه الخصوص، فنجحوا في محطات عدة وخسروا في أخرى.
قبل 5 أعوام حاول الإسرائيليون التسلل عبر ألعاب البحر الابيض المتوسط حيث كان الوفد اللبناني الى الجمعية العمومية للجنة الدولية الخاصة بهذه الالعاب بالمرصاد ضمن "لوبي" عربي لإفشال تلك المساعي التي حاولت استغلال انضمام فلسطين الى الألعاب لتلاقي المساحة من أجل التطبيع مع الدول العربية، التي كان بعضها راضياً وداعماً لهذه الخطوة عامذاك.
في تلك الفترة نشطت إسرائيل كثيراً على أكثر من خط بين مصر وتونس والامارات وبلدان أخرى من أجل حشر رياضييها في بطولات دولية يكثر فيها وجود الرياضيين العرب، فافتخرت باللقاءات التسعة لمبارزيها مع منافسين مصريين في بطولة العالم في إيطاليا، وخابت بعد انسحاب أبطال جزائريين في بطولات عدة من مواجهة رياضييها، فحرّضت اللجنة الاولمبية الدولية التي هدّدت عامذاك الجزائر باستبعادها من الالعاب الاولمبية، وتحديداً عندما رفضت الجزائرية مريم موسى مواصلة مشوارها نحو لندن 2012، وانسحبت من مواجهة شاهار ليفي في بطولة العالم للجودو.
ورغم كل هذا الضجيج كان هناك من يقع في فخ خداع الاسرائيليين، ومنهم قبل عامين كان راكبو الامواج اللبنانيون الذين كانوا في قلب مشروعٍ فرنسي المظهر يضم إسرائيليين تحت عنوان «تعزيز السلام ونبذ العنف»، حيث تمت دعوتهم لاستغلال حضورهم، وهو ما صوّب عليه الاعلام الصهيوني بوجود شبانٍ من فلسطين والجزائر والمغرب أيضاً في المشروع الذي أقيم نشاطه بين مرسيليا وبياريتز في فرنسا لمدة أسبوع.
والأكيد أن محاولات الكيان الصهيوني لن تتوقف للتطبيع رياضياً، وهي تبحث دائماً عن الخاصرة العربية الأضعف لتحقيق ما تصبو اليه، لكن هناك دائماً من يقول إن ملاعبنا لنا وأحواضنا لنا ومنصات التتويج لنا.