استثنائياً، حضر رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري، الاثنين الماضي، اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية التي أوكل رئاستها منذ فترة طويلة للرئيس فؤاد السنيورة. أوحى الأمر وكأن ثمّة نقاشاً جدياً لا بد من أن يحسم قرار التيار بشأن ملف انتخابات الرئاسة. في الاجتماع الذي استمر نحو 4 ساعات، تحدّث الحريري مع نوابه عن ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، متخطياً كل ما قيل سابقاً عن وجود فيتو سعودي على عون. وتناول ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح من باب المصلحة الشخصية والسياسية، في محاولة لاستعادة الحد الأدنى من المكتسبات التي خسرها تيار المستقبل سياسياً وشعبياً منذ خروج الحريري من السلطة عام 2011. لكنه اصطدم باعتراض معظم أعضاء الكتلة، فيما شذّ عن سرب المعترضين كل من النواب: نهاد المشنوق، هادي حبيش وباسم الشاب الذين رأوا ضرورة درس تأييد ترشيح عون جدياً.مصادر في الكتلة، كشفت لـ«الأخبار» بعض ما جرى في الاجتماع، الذي بقي محضره سرياً، فأشارت إلى أن الحريري بدأ كلامه عن «الخيارات المطروحة أمامنا في ملف الرئاسة»، وهي: «استمرار الوضع على ما هو عليه، أي أن يبقى الفراغ سيد الموقف»، أو «اللجوء إلى خيار الانسحاب من الحكومة اعتراضاً على الوضع القائم»، أو «البحث عن مخرج جديد، بإعادة طرح فكرة المرشح التوافقي»، وإلا «التفكير جدّياً بتأييد ترشيح العماد عون للرئاسة».
وبحسب المصادر، لمس النواب من كلام الحريري أنه «يئس من ترشيح الوزير فرنجية لأن هذا الطرح لم يلقَ تجاوباً من قبل حزب الله، وحتى الرئيس نبيه برّي لم يستطع الوقوف معه مصطدماً بموقف حليفه. لكننا حاولنا من خلال هذا الترشيح أن نذهب إلى حلّ، ظناً منا بأن الحزب سيتلقف هذه المبادرة لأن فرنجية هو ابن هذا الفريق ومقرب من الحزب بشكل كبير. لكننا فوجئنا بتمسك الحزب بالعماد عون».
وبعد استعراض آراء نواب الكتلة، تبين أن هناك انقساماً في اتجاهات عدّة. أحدها يعتبر أن «من الأفضل طرح اسم محدد تنطبق عليه صفة التوافقية»، وآخر يؤكد أن «المستقبل لن يستطيع إحداث خرق ما دام حزب الله مصراً على الفراغ في انتظار التسوية الإقليمية، وبالتالي ليس أمامنا سوى الانتظار». وثالث، وهو رأي الأغلبية، «رفض اعتماد خيار العماد عون، لأنه غير مضمون، وهو قد ينقلب على أي اتفاق مع التيار، وخصوصاً أنه يقود حملة تحت عنوان استرداد الحقوق المسيحية في السلطة، وأن الغالبية في التيار الوطني الحر تتهم تيار المستقبل بدعم الإرهاب»، ورابع، ضمّ الأقلية في الكتلة، رأى أن «التفكير جدياً في خيار العماد عون يستحق أن يعطى أولوية، لأن الوضع الإقليمي والدولي لا يوحي بأي تغيير قريب على مستوى الموازين، وبالتالي عدم أخذ ترشيحه في الاعتبار سيمدد من عمر الأزمة والفراغ». مصادر التيار أكدت أن «كل الآراء التي طرحت على طاولة الكتلة استحوذت على اهتمام الرئيس الحريري بما فيها تأييد عون، لكن من دون أن يحسم قراره»، معلناً أنه «سيستمر في التواصل مع جميع القوى، ويبحث في طرح جديد يقدمه في الأيام المقبلة».