قرّر وزير العمل سجعان قزي أمس أن يتحرّك للذود عن 70 عائلة لبنانية قررت الحكومة السويدية ترحيلها من السويد. بجديّة، هدّد قزي "بالرد بالمثل"، طالباً "من دوائر الوزارة لائحة بأسماء السويديات والسويديين العاملين في لبنان"، وخلص الى أنهم يعملون في الصحافة، والجامعات، والرياضة، والفنادق وخبراء فنيين في الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية، وأصحاب مؤسسات تجارية، موحياً في هذا التعداد بأن الرد بالمثل سيكون قاسياً وكفيلاً بإبقاء العائلات اللبنانية في الهجرة بعيدة عن "الوطن". إذاً، هدّد قزي المواطنين السويديين الموجودين في لبنان بالطرد "مهما كانت مهنتهم ووضعيتهم"، في حال لم تقدّم الحكومة السويدية مبررات قانونية وأمنية للإجراءات التي تتخذها.
وفق إحصاءات السفارة اللبنانية في السويد، يتراوح عدد اللبنانيين هناك بين 30 ألفاً و35 ألف لبناني، معظمهم حائزون الجنسية السويدية. ووفق إحصاءات وزارة العمل في لبنان لعام 2015، مُنح مواطنان سويديان اثنان موافقة مسبقة للعمل في لبنان: الأول مدرب والثانية خبيرة فنية. أما عدد إجازات العمل المجددة للأجانب، فقد بلغ نحو 149 ألف إجازة غالبيتها تتعلق باستقدام عمالة غير ماهرة من 13 دولة فقيرة، في حين يقع منها تحت خانة "الجنسيات الأخرى" (التي تضم كافة الدول التي لم تُذكر في الخانات السابقة)، 6510 إجازات عمل، منها 1183 إجازة عمل للفئتين الأولى والثانية، أي التي يعمل ضمنها عادة العمال الأوروبيون. وبالعودة الى إحصاءات عام 2011، فقد بلغ عدد إجازات العمل المجددة لسويديين 6 إجازات عمل فقط. هكذا، سيواجه قزي "بشراسة" الدولة السويدية التي فرّ إليها نحو 35 ألف لبناني بحثاً عن كرامة أو مستقبل أو عمل أو حماية اجتماعية.
بلغ عدد إجازات العمل المجددة لسويديين 6 إجازات عمل عام 2011

قلق قزي على اللبنانيين في السويد ينبع من شعوره بالمسؤولية تجاه العاطلين من العمل، إذ أعلن أنه "إذا كانت وزارة الخارجية مسؤولة عن اللبنانيين هناك (في السويد)، فوزارة العمل مسؤولة عنهم حين يعودون ويضاف عددهم الى عدد العاطلين من العمل في لبنان". لم يقتصر تهديد قزي على السويد، إذ حذّر الوزير أي دولة لا تحترم اللبنانيين العاملين فيها من اتخاذ اجراءات ضدها! بعض اللبنانيين القاطنين في السويد اعتبروا أن كلام قزي قد يتسبب بإساءات لهم، ودعوه الى القيام بواجباته كوزير عمل مسؤول عن توفير فرص العمل في لبنان.
صرخة اللبنانيين المهددين بالترحيل أتت بعدما استنزفت العائلات كافة السبل القانونية للحفاظ على إقاماتها عقب صدور قرارات عن المحكمة العليا برفض طلباتهم. حاول وزير الخارجية جبران باسيل إقناع الحكومة السويدية في زيارته الأخيرة للسويد بالتراجع عن القرار، مقارباً الأمر من زاوية وجوب التضامن مع لبنان الذي يتحمّل عبء عدد هائل من اللاجئين السوريين، ليأتيه الجواب بأن الأمر قضائي بحت. فقد سحبت دائرة الهجرة بطاقات التعريف والطبابة من بعض العائلات واسترجعت المنازل التي وفّرتها لها، وبات متعذراً على بعض أبناء هذه العائلات استكمال تحصيلهم الجامعي لعدم حيازتهم إقامة شرعية.
لكن، وعلى الرغم من تأكيد صدور قرارات المحكمة، لم يصل حتى أمس أي ملف للعائلات المعنية من دائرة الهجرة الى السفارة اللبنانية في السويد، وفق ما أعلن سفير لبنان في السويد علي عجمي لـ"الأخبار". يوضح عجمي، الذي يلتقي العائلات اللبنانية اليوم، أنّ "هناك آلية معتمدة في هذه الحالات تقوم على إرسال دائرة الهجرة الملفات الصادر فيها قرار من المحكمة إلى السفارة التي تدرسها بدورها ومن ثم تحوّله الى وزارة الخارجية في لبنان. وعليه، تقوم وزارة الخارجية بتحويل الملف إلى الأمن العام الذي يدرس الملفات بدوره ويتخذ قراراً بإصدار جوازات سفر بغية العودة الى لبنان، لكن حتى اليوم لم تبدأ هذه الآلية". كذلك يؤكد عجمي أن الأمر ليس استهدافاً للبنانيين، إذ أبلغت السلطات السويدية وزير الخارجية أثناء زيارته الأخيرة أنّ هناك 43 ألف طلب لجوء وإقامة تم رفضها، مستنكراً التصويب الحاصل على اللاجئين السوريين، ومؤكداً أن لا علاقة للسوريين بمسألة رفض طلبات الإقامة أو اللجوء، إذ إن الدولة السويدية لديها قوانين وأنظمة واضحة في هذا الشأن.