يعدّ رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل لمفاجأة يطرحها على طاولة الحوار حين تعود الى الانعقاد في أيلول المقبل، من دون أن يفصح عن ماهيتها إلا أمام المشاركين في الحوار الوطني. إجازة آب الحوارية لم تسحب من التداول الجدل الذي أعقب ما دار فيها من نقاشات حول الاصلاحات وتوقيتها وانتخاب رئيس الجمهورية وطرح الجميّل موضوع سلاح حزب الله وضرورة تنفيذ هذا البند، وردّ الرئيس نبيه بري عليه لاحقاً، تحديداً في هذه النقطة. يعدّ الجميل مفاجأته التي قد تكون جواباً عمّا يردّده بري منذ انتهاء أعمال الحوار، وإرجاء البحث في سلة الاصلاحات، وضرورة التمسك بانتخاب رئيس للجمهورية قبل أي أمر آخر.مع انتهاء أعمال الطاولة، عاد جميع المشاركين الى قواعدهم. لكن ارتداداتها لم تنته، بفعل العناوين الجديدة ــــ كمجلس الشيوخ والاصلاح قبل الرئيس ــــ التي تحولت خلافية، لتضاف الى الملفات المعلقة، كقانون الانتخاب وبند سلاح حزب الله. يتمسك الجميّل ببند مناقشة السلاح، وهو الوحيد (من القوى المسيحية الممثلة على الطاولة) الذي طرحه في الحوار، ولم يكن طرحه في الدقائق الاخيرة، بل كان، بحسب ما يقول لسائليه، بنداً أساسياً طالما طالب به أكثر من مرة، إذ لا يعقل أن يدخل المتحاورون الى مناقشة بنود الطائف (والدوحة) ولا تتم مقاربة سلاح الحزب، بل يتم تحويل الأنظار الى مجلس الشيوخ والنقاش فيه.
لا يعقل مناقشة بنود الطائف من دون مقاربة سلاح الحزب

لم تأت المطالبة ببند تسليم سلاح الحزب منفردة عن إيقاع الحوار، الذي دخل اليه المشاركون من دون جدول أعمال، وسيعودون اليه مجدداً بجدول أعمال حدّده بري، أي بحث السلة، وفي مقدمها مجلس الشيوخ. وإذ لا ينكر الجميّل أهمية الاصلاحات وضرورة تنفيذها، إلا أنه لا يزال عند رأيه: لا يجوز البحث في الاصلاحات من دون وجود رئيس للجمهورية، ولا يمكن أن تتفق عليها القوى السياسية وتضعها أمامه لتنفيذها. هذا لا يشبه الديموقراطية بشيء، بل إنه أمر واقع يُفرض على الرئيس المقبل.
تماماً كما أن عدم النزول الى مجلس النواب والتمسك بالتوافق المسبق أمران لا يمتّان الى الديموقراطية بشيء. انتخاب رئيس الجمهورية أولوية، وما عدا ذلك نقاش مستمر مع جميع القوى، وحوار لن تتخلى عنه الكتائب، فهي ليست ضد إصلاح النظام السياسي لكن ضمن المؤسسات.
لا يوافق رئيس الكتائب على رؤية بري بأن مجلس الشيوخ يسهل قانون الانتخاب، لا بل يعقده، لأنه يعني أولاً أن قانون الانتخاب لن يقرّ خلال الاشهر المقبلة، ما دام مجلس الشيوخ يحتاج الى أشهر طويلة لتركيب بنيته ووضع تفاصيله والاتفاق عليه وعلى مكوناته وممثليه، وعلى تحديد العلاقة بينه وبين المجلس النيابي، وحسم هوية رئيسه وطائفته (وقد بدأ النقاش حول هذه النقطة منذ الآن). هذه العوامل كلها تنفي احتمال تسهيل مجلس الشيوخ مهمة الانتهاء من درس قانون الانتخاب، علماً بأن أربع سنوات لم تكن كافية للاتفاق على قانون انتخاب. ولا يقتنع الجميّل بنظرية "تطبيق الأرثوذكسي في مجلس الشيوخ" ومن ثم الاتفاق على قانون انتخاب، فلا ترابط بينهما، والأجدى، إذا كان الهدف قانون الانتخاب، التصويت عليه اليوم وفوراً على بعد أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية، حتى لا نصل الى قانون الستين كأمر واقع. ولا يقتنع بأسباب بري عدم وضع القوانين المطروحة على المجلس للتصويت عليها. هذا هو الحل الوحيد للخروج من دوامة قانون الانتخاب، وبري هو المسؤول، وعليه أن يبادر الى إدراجها والتصويت عليها، مهما كانت رغبات بعض الافرقاء حيال هذا الامر، لأن هذا الامر من أولى مهماته ومن صلب العمل التشريعي.
لا يستبعد الجميّل احتمال أن يقرّ مشروع القانون المختلط (ولو كان مشروع الرئيس بري) في حال وضع بري المشاريع على التصويت، رغم أنه لا يحبّذه. في المطلق، يرفض القانون المختلط، سواء الذي قدمه بري أو القوات اللبنانية والمستقبل والتقدمي الاشتراكي، لأن انطلاق المشروعين هو قانون الستين بأقضيته ودوائره، وإبقاء انتخاب النواب بالأكثري على هذا الاساس، وهذا ما يجب تجنّبه. وكذلك فإن النسبية فيه تعني انعكاساً للحالة العددية. ومع ذلك تناقش الكتائب مع جميع القوى السياسية مشروع قانون الانتخاب، حتى المختلط منها. ومن اقتراحات الحزب في هذا المجال تقسيمها بعض الاقضية كزحلة وجبيل وبعبدا، بما يساهم في تحرير جزء من مقاعدها. لكن الكتائب أولاً وأخيراً مع مشروع الدائرة الفردية.
من الآن حتى موعد الجلسة التالية من طاولة الحوار، لا يبدو في الأفق بالنسبة الى الكتائب أيّ تطور لافت في ما يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية، ما دامت جميع القوى على موقفها. ورئيس الكتائب الذي يحاور الجميع، لم يزر المرشح، رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية أخيراً، في إطار رئاسي، بل في إطار اجتماعي من ضمن جولة كتائبية لإقليم زغرتا الزاوية في بلدة ارده، أعقبها لقاء مع ميشال معوض وعشاء جمع فاعليات من زغرتا ومن نوابها ووزرائها.