تتجه مؤسسة كهرباء لبنان إلى إعلان التمديد أربعة أشهر إضافية لشركات مقدمي خدمات التوزيع (BUS وKVA وNEUC) تنتهي في 29/12/2016. وينتظر أن يصدر القرار قبل الأحد المقبل، موعد انتهاء مدّة عقودها، التي التزمت بموجبها إدارة شبكات التوزيع وصيانتها والجباية طوال السنوات الأربع الماضية. بحسب المعلومات، يجري التمديد للشركات الثلاث كمرحلة أولى، بهدف تأمين استمرارية المرفق العام بالشروط الإدارية والفنية والمالية نفسها للعقد الحالي، ولم يتبين حتى الآن وجهة المرحلة الثانية، هل ستلغى العقود؟ أم ستجرى مناقصة جديدة؟ أم سيكون هناك تمديد وراء تمديد كما يحصل في عقود كثيرة، ولا سيما أن التقارير الرسمية تفيد بأن هناك طرحاً لتمديد عقد شركة BUS لمدة 3 سنوات إضافية؟
التحضير لتمديد العقود 3 سنوات

كان مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان قد طلب، في جلسة عقدها في 16 الشهر الجاري، من المديرية العامة والاستشاري الجديد (MVVDecon الذي حلّ مكان شركة Needs التي انتهى عقدها في 31/3/2006) توجيه كتب للشركات الثلاث لبيان رأيها بشأن اقتراح التمديد. لكن المجلس ميّز في قراره بين شركة BUS (التي تملك معظم أسهمها شركة BUTEC والملتزمة منطقة شمال بيروت الإدارية)، من جهة، وبين شركتي KVA (المملوكة من شركتي «خطيب وعلمي» و«الشركة العربية للإنشاءات»، والملتزمة منطقة بيروت الإدارية والبقاع) وشركة NEUC التابعة لمجموعة «دباس» الملتزمة منطقة جنوب بيروت الإدارية، من جهة ثانية. في الكتاب المقدم إلى BUS، بدا أن هناك اتجاهاً لتمديد العقد مع الشركة 36 شهراً (3 سنوات) بعد الأشهر الأربعة، إلا أنه جرى ربط الموافقة والتصديق على هذا التمديد، بما تعهدت به الشركة خلال الجلسة نفسها لجهة تقديم تنازل كامل عن مطالباتها (CLAIMS). واشترطت المؤسسة تقديم برنامج عمل للوصول الى أهداف المشروع خلال فترة الـ 36 شهراً، وتمكين المؤسسة من دراسته. كذلك طلبت التفاوض مع إدارة المشروع والاستشاري بشأن النقاط المطلوب توضيحها في دفتر الشروط في المرحلة المقبلة في حال تمديد العقد، والاتفاق على مؤشرات الأداء، وطرق تطبيقها وبعض الآليات الضرورية. تبرير هذا التمديد يستند، بحسب مصادر مؤسسة الكهرباء، إلى تقارير الدوائر ولجنة إدارة المشروع والاستشاري، التي أشارت إلى تحقيق هذه الشركة نتائج إيجابية، إضافة إلى تعهدها الوصول إلى أهداف المشروع من خلال التزامها تنفيذ كل الأشغال.
في المقابل، لا يبدو أن التمديد 36 شهراً إضافية سيكون أمر واقعاً لشركتي KVA وNEUC قبل حسم المشاكل التعاقدية العالقة مع مؤسسة كهرباء لبنان، ولا سيما لجهة التعويضات (COMPENSATION) أو المطالبات (CLAIMS) وطريقة احتساب مؤشرات الأداء، في ضوء توصيات شركة (AF CONSULT) في تقريرها النهائي، ووفقاً لما ينص عليه العقد. وكانت المؤسسة قد وقعت عقداً بقيمة 88 ألف دولار مع (AF CONSULT)، وهي شركة سويسرية، بهدف إجراء دراسة تقييمية وإعطاء وجهة نظر في مشروع مقدمي الخدمات ككل، كما تمّ الطلب إليه أيضاً درس بعض النقاط التي يوجد اختلاف في قراءتها بين أطراف العقد.
التقارير الرسمية تفيد بأن هناك طرحاً لتمديد عقد شركة BUS لمدة 3 سنوات إضافية

إلى ذلك، حذر مجلس الإدارة من أن يؤثر استمرار إقفال بعض دوائر التوزيع في البقاع والجنوب وصالة الزبائن في المبنى الرئيسي من قبل عمال غب الطلب وجباة الإكراء السابقين، سلباً على حسن سير المشروع وقد يمهّد لمزيد من المطالبات والتعويضات مستقبلاً. وطلب من وزير الطاقة والمياه أرثور نظريان إعطاء التوجيهات اللازمة في هذا الإطار.

المشروع صرف 300 مليون دولار

يشكل مشروع مقدمي الخدمات إحدى الخطوات التنفيذية «للورقة السياسية لإصلاح قطاع الكهرباء» التي وضعها وزير الطاقة (حينها) جبران باسيل، وأقرّت بتاريخ 21/6/2010. يومها، تم تقديم المشروع على أنّه الحل الوحيد المتاح لإصلاح قطاع التوزيع في الكهرباء، الذي يصيبه الكثير من الاهتراء والسوء في تقديم الخدمات. وقد تعاقدت وزارة الطاقة والمياه مع شركة استشارية هي NEEDS، ووقّعت المؤسسة آنذاك عقداً مع هذه الشركة بقيمة 10 ملايين دولار، على أن تكون مهمتها مساعدة المؤسسة في إدارة المشروع وتقديم النصح إليها في ما يتعلق به.
بعد 4 سنوات، أوصت NEEDS بعدم التجديد أو التمديد للمشروع ولو ليوم واحد، لكونه فشل في تحقيق أهدافه الأساسية من جهة، وحماية للمال العام تمهيداً لتقييم موضوعي من جهة ثانية، إذ «صرفنا نحو 300 مليون دولار وبقي 500 مليون دولار». يذكر أن قيمة العقود مع الشركات بلغت 785 مليوناً و462 ألفاً و727 دولاراً. تقول مصادر مطلعة إنّ منظومة الفساد أسقطت المشروع، إذ لم تسمح بإيصاله إلى خواتيمه. كيف؟ تجيب: «القوى السياسية التي أجمعت على مشروع مقدمي الخدمات في بدايته باتت مختلفة عليه اليوم، القوى الأمنية لم تساهم في نزع التعديات والسرقات، الشركات لا تريد مؤشرات أداء كأساس لتقييم الخدمات في المشروع كي لا يحسم من أرباحها، وخصوصاً أنّه تم حسم 100 مليون دولار على الشركات في هذا المجال.
اللافت ما تقوله المصادر لجهة أن ما صرف كان حتمياً وضرورياً، وكان المبلغ نفسه سيصرف مع صيغة عمال غب الطلب، مع فارق أنّ المشروع نفذ 50% من الخطط الهندسية في إطار هندسي سليم، مثل تجهيز مكاتب المؤسسة، إعادة تأهيل المراكز، مسح ميداني لكل الأصول وخطوط هندسية لكل المناطق. كما تم إخراج 65 ألفاً و500 معاملة كانت نائمة في الأدراج منذ 10 سنوات. تؤكد المصادر أنّ «ثمة من يريد أن يغيّر قواعد المشروع عبر إلغاء مؤشرات الأداء، وهذه جريمة»، لافتة إلى أنّ الشركات غير قادرة على الاستمرار في المشروع لأنه لم يعد معها شركات أجنبية ومؤسسات كهربائية دولية.

وزارة الطاقة: لا بديل من التمديد

لدى وزارة الطاقة رأي مخالف، إذ رأت مصادرها لـ«الأخبار» أنه «لا بديل من التمديد للمشروع لغاية استكمال كل خطواته التنفيذية، ولا سيما تركيب العدادات الذكية، وعدم تفويت الفرصة على الدولة اللبنانية من الاستفادة منه، حتى نصل إلى مشروع بكلفة صفر والبدء بالتوفير المرجو منه». وقالت إنّه لا يمكن الحديث عما حققه مشروع مقدمي الخدمات من دون العودة إلى الظروف التي أحاطت تطبيقه، «فالمشروع حقق الكثير في بعض نواحيه وتعثر في نواح أخرى، ومن أبرز إنجازاته توسعة الشبكات وبناء المخارج الجديدة التي وفرت عشرات الميغاوات التي كانت تذهب هدراً، وبذلك وفرت أموالاً تفوق أموال الاستثمار التي ضخت فيها». وأقرت المصادر بأنّ «هناك دوائر كان النجاح فيها باهراً، بحيث إن تركيب العدادات يتم بعد ساعات من تقديم الطلب، وهناك دوائر أخرى يتأخر تركيب العدادات فيها وتتكدس المعاملات، إلا أنه لا يمكن لوم المشروع والشركات في مناطق لا يمكن ضبط التعديات فيها. هنا يجب على الدولة أن تفرض سلطتها».